انضم الصحفي والباحث والناشط الحقوقي لقمان سليم، الذي وُجد مقتولًا صباح الخميس 4 شباط/فبراير 2021، إلى لائحة من الصحفيين والإعلاميين والحقوقيين الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لمواقفهم وكلمتهم في لبنان في فترة ما بعد الحرب الأهلية.
لم تتوقف جرائم الاغتيال السياسي وتصفية حرية الرأي في لبنان بتوقف الحرب الأهلية، ويبقى الرابط الأكبر بين مثل هذه الجرائم تقييدها ضد مجهول
وبالرغم من أن العديد من الصحفيين خُطفوا وقُتلوا خلال الحرب الأهلية، حيث كان الأمن منعدمًا، وكان لبنان يمثل صندوق بريد تمرّ عبره الرسائل الإقليمية والدولية، فإن المستهجن هو استمرار عمليات الاغتيال في "زمن السلم"، وبعدما اجتمع القادة اللبنانيون واتفقوا على عقد اجتماعي جديد. والمستغرب أكثر هو أن أي من هذه الجرائم لم يتمّ حل لغزها، في ظل تقصير الأجهزة الأمنية، وارتهانها بمعظمها للاصطفافات السياسية، خلال فترة الاحتلال السوري، الذي انتهى في العام 2005، وخلال الفترة الحالية التي تتحكم فيها الأحزاب الطائفية بمصير البلاد، وفي مقدمتها حزب الله، الحاكم الفعلي للبلاد.
اقرأ/ي أيضًا: إدانات لبنانية واسعة لعملية اغتيال لقمان سليم واتهامات لحزب الله
نستعرض في يلي أبرز 4 عمليات اغتيال تعرّض لها الصحفيون والإعلاميون في فترة ما بعد الحرب الأهلية، والرابط بين جميع هذه الجرائم أنها مقيدة ضد "مجهول".
1. سمير قصير. 2 حزيران/يونيو 2005
اشتهر الكاتب الصحفي والأستاذ الجامعي سمير قصير بمواقفه المناهضة للنظام السوري، وقد عبّر عن ذلك في مقالاته وفي كتبه، وفي اللقاءات والمقابلات التي أجراها.
تعرّض قصير للكثير من المضايقات خلال عمله الصحفي والأكاديمي، وتلقّى الكثير من التهديدات. وفي الثاني من حزيران/يونيو 2005، اغتيل سمير قصير بعد تفجير قنبلة في سيارته. لتخسر جريدة النهار والفريق المعادي للتواجد السوري في لبنان أحد أبرز الأقلام التي طالبت دائمًا بالحرية للشعب اللبناني، السوري والفلسطيني.
وسمير قصير صاحب مقولة "ربيع بيروت حين يزهر إنّما يعلن أوان الورد في دمشق". ولم تتوصل التحقيقات إلى أي نتيجة ولا يزال قاتل قصير مجهولًا.
2. جبران تويني. 12 كانون الأول/ديسمبر 2005
كان جبران تويني أحد أبرز وجوه حركة 14 آذار التي تشكلت على إثر اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري. واشتهر رئيس تحرير جريدة النهار بمواقفه المناهضة للنظام السوري، وقد قضى الأسابيع الأخيرة من حياته في فرنسا، بعد معلومات عن تهديدات جدية على حياته.
اغتيل جبران تويني في 12 كانون الأول/ديسمبر من العام 2005، بعبوة ناسفة زرعت في سيارته، في اليوم الأول من وصوله إلى لبنان. مع العلم أنه استخدم جواز سفر مزوّر ولم يبلغ أحدًا من عائلته بموعد عودته للضرورات الأمنية. الأمر الذي يعكس الاختراقات الكبيرة في الأجهزة الأمنية اللبنانية وخاصة أمن المطار.
وبعد 15 سنة من جريمة الاغتيال لا تزال ملابسات الجريمة غامضة ولا يزال القاتل مجهولًا أيضًا.
3.جو بجاني. 21 كانون الأول/ديسمبر 2020
في وضح النهار، وأمام ابنتيه، أطلق مجهولون النار على المصور الصحفي جو بجاني، وأردوه قتيلًا وفرّوا إلى جهة مجهولة بعد أن صادروا هاتفه المحمول.
وبالرغم من فشل الأجهزة الأمنية اللبنانية في التوصل إلى أي معلومة حول هوية الجناة أو دوافعهم، إلا أن قناعة كبيرة تشكّلت لدى جزء كبير من المتابعين اللبنانيين، أن قتل بجاني كان بسبب امتلاكه لصور قام بالتقاطها بُعيد انفجار مرفأ بيروت، من شأنها أن تكشف معلومات هامة حول حقيقة ما جرى في 4 آب/أغسطس 2020 وهز العاصمة بيروت ولبنان.
4.لقمان سليم. 4 شباط/فبراير 2021
في عملية إجرامية شديدة الدقة والإتقان، خُطف الناشر والحقوقي والباحث اللبناني لقمان سليم من أمام منزل صديقه في جنوب لبنان ليل الأربعاء - الخميس في الرابع من شباط/فبراير 2021، واقتيد في سيارة مستأجرة لمسافة 35 كلم تقريبًا وأُردي قتيلًا.
أشارت التقارير الأمنية إلى أن سليم تعرّض للتعذيب قبل القتل. ويُعد سليم أبرز الناشطين المعارضين لحزب الله، وقد عبر عن ذلك في الكثير من المناسبات، كما ذكر أنه مهدد وأنه يحمّل حسن نصرالله ونبيه بري مسؤولية أي ضرر يلحق به.
قالت شقيقة لقمان سليم إنها لا تثق بالقضاء اللبناني، وأنها لا تنتظر شيئًا من الدولة اللبنانية. وأنهم في العائلة يعرفون الحقيقة جيدًا. لتنضم ملفات قضية سليم إلى القضايا السابقة، رغم أن التحقيق لم يغلق نهائيًا بعد، إلا أن تقييد الجريمة ضد مجهول هو الغالب في مثل هذه الحالات.
اقرأ/ي أيضًا:
اغتيال المصور جو بجاني جريمة إضافية على قائمة التكهنات في لبنان
المحاكمات القضائية عن بعد في زمن الجائحة.. العدالة أمام خيار الضرورة