"بكل سهولة" وبعد أسبوع من التخبط، خرج وزير التعليم المصري ليعلن تأجيل القبول والدراسة في المدارس اليابانية ـ المصرية لأجل غير مسمى، وبعد أن كان المشروع المصري بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا"، جزءًا رئيسيًا من التسويق للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظامه خلال الفترة السابقة، تحول لأزمة جديدة تشير للفشل.
إعلان تأجيل الدراسة والقبول في المدارس المصرية اليابانية رافقه تخبط إداري وعشوائية في اختيار الطاقم التعليمي والطلاب
ومع غياب الحجج المقنعة وكذلك غياب الشفافية، يصعب في بلد مثل مصر أن تعرف السبب الحقيقي وراء تأجيل الدراسة في المدارس اليابانية المصرية، غير أن المتداول يختصر ما حدث في التخطيط الفاشل والتخبط الإداري، بعد تأخر الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في بناء عشرات المدارس التي كان من المفترض أن تنتهي منها في أيلول/سبتمبر الماضي، ليضيع حلم نحو 29 ألف و700 طالب وطالبة تقدم أولياء أمورهم بطلبات التحاق بنحو 8 مدارس، وأعلن عن قبول نحو 1800 منهم.
اقرأ/ي أيضًا: التعليم المصري.. أزمات مستمرة ووزير يثير الجدل
ما هي المدارس اليابانية ـ المصرية؟
المدارس اليابانية في مصر لا تدرس اللغة اليابانية، هي مدارس مصرية، لكن تستخدم الطرق اليابانية في التدريس وتشرف على طريقة التدريس جهات يابانية، بينما تديرها وزارة التعليم المصرية، وفيها يدرس الطالب المنهج المصري المعد للمدارس التجريبية (مدارس حكومية تولي اهتمامًا باللغات الأجنبية بشكل خاص وبمقابل مادي أكبر من المدارس العادية).
الجذاب في التجربة، والذي جذب الآلاف من أولياء الأمور، هو المصروفات الأقل من المدارس الخاصة الأهلية، مع التأكيد على وجود أنشطة وطريقة تدريس مميزة تسمى "التوكاتسو"، كما رُوج لها، وتعني باليابانية التنمية الشاملة للطالب، وتعتمد على تنمية المهارات لدى الطلاب بالأنشطة بدلًا من المناهج والحفظ والتلقين المتبع في المدارس المصرية، وذلك من خلال "ممارسة العمل الجماعي، وإعطاء مساحة للطلاب لوضع نظام الفصل الدراسي، وخدمة المجتمع، وكذلك إلزام ولي الأمر بالحضور للمدرسة لمدة لا تقل عن 20 ساعة خلال العام الدراسي، لمتابعة نجله والمشاركة في بعض الأنشطة"، حسب موقع وزارة التعليم والتربية المصرية.
السبوبة في المدارس؟
يقصد بـ"السبوبة" في الشارع المصري، الحصول على أموال بشكل غير مستمر دون مقابل ومجهود وهو تقريبًا ما يقوم به النظام الحالي مع المصريين. قبل توليه منصب رئيس الجمهورية، سُرب للسيسي فيديو قال فيه "أنا معرفش حاجة اسمها ببلاش هتدفع هديك خدمة"، وقارن السيسي، منذ أسابيع، بين أن يقوم بدفع مليارات لتطوير السكك الحديدية، وأن يقوم بإيداع المليارات في البنك والحصول على فائدة، ما يشير لعقلية رأس النظام الحالي.
اقرأ/ي أيضًا: الخصخصة في مصر.. ميراث الفشل الذي يريد السيسي إعادة إنتاجه
في هذا السياق، يبدو أن ما عطل تجربة المدارس اليابانية المصرية، هو رفض الجانب الياباني مقترح وزارة التعليم المصرية لترفيع مصروفات هذه المدارس اليابانية. يذكر أن عبد الناصر إسماعيل، رئيس اتحاد المعلمين المصريين، اتحاد مستقل، كان قد صرح للإعلام المحلي: "أعتقد أن هناك محاولة لاستغلال أموال المنحة اليابانية لأغراض تجارية وتحويل مدارسها إلى مدارس هادفة للربح أساسًا، وهو ما يعتبر أمرًا مرفوضًا لدى الجانب الياباني، الذي يعتبر التعليم حقًا وليس سلعة". وتابع "يبدو أن الرفض أيضًا جاء نتيجة الفوضى التي لحقت عملية القبول بتلك المدارس، وما صاحبها من عشوائية في اختيار المعلمين"، وذلك ما قد يفسر قرار السيسي في 18 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، تشكيل لجنة "لفحص واختيار المعلمين والطلاب المتقدمين للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية"، بعد الانتقادات التي قدمتها اليابان حول الاختيار العشوائي.
يروج أن محاولة النظام المصري استغلال أموال المنحة اليابانية وتحويل مدارسها إلى مدارس ربحية أساسًا هو ما عطّل الدراسة بها
تخبط إداري
العشوائية إذن كانت عنوان الأزمة. في البداية، اعتقد الكثير من أولياء الأمور أن المدارس الجديدة ستكون أكثر كفاءة لأولادهم وصدقوا أن الاختيار سيكون وفقًا للمربع السكني والسن، كما صرح المتحدث الرسمي لوزارة التعليم في السابق، ولكن الأمر لم يكن كذلك. ومن الحالات التي تثبت الخلل الحاصل، ولي أمر يدعى أحمد عثمان تقدم لاثنين من أبنائه في المدارس اليابانية، تم قبول أحدهم ورفض الآخر وكان الرفض بسبب المربع السكني، رغم سكنهما في منزل واحد، وبسبب السن لكون الطفلين توءم، وبعد كشف والدهما عن الحادثة، تقدم آخرون بشكاوى للجهات الرقابية.
التخبط لم يقتصر على الاختيار العشوائي بل شمل أيضًا الإدارة، بداية من موعد فتح التقديم وكان من المفترض أن يكون في نهاية آب/أغسطس الماضي ولكنه فتح في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، ثم بمجرد افتتاح المدارس لمدة أسبوع، صدر قرار بتأجيل الدراسة إلى أجل غير واضح، بعد تبين عدم جهوزية المدارس، الذي يعود لتأخير اللجنة الهندسية للقوات المسلحة، وهي التي لا يجرؤ أحد على اتهامها واقتصروا على توجيه اللوم لوزير التربية والتعليم.
اقرأ/ي أيضًا: