بينما تتواصل جولات مشاورات السلام المتعثرة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي يتواصل الفقر والمجاعة وسوء التغذية في التفشي في معظم أرجاء البلاد.
في اليمن 10 ملايين شخص يعانون الجوع الشديد و7.4 مليون شخص بحاجة لخدمات العلاج والتغذية بينهم 3.2 مليون بحاجة لعلاج سوء التغذية الحاد
لم تستثن الحرب أحدًا في البلاد، فعلى مدار أربع سنوات من الحرب المتواصلة لقي آلاف من المدنيين حتفهم بالغارات الجوية والقصف المدفعي، فيما واصل الجوع تفشيه في أرجاء البلاد رفقة المرض والأوبئة، حتى باتت اليمن البلد الذي يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العصر الحديث.
اقرأ/ي أيضًا: ممارسة الحياة "العادية".. عن أحلام اليمنيين في سنوات الحرب
وتتواصل التحذيرات الأممية من كارثة حقيقية تشهدها اليمن، إذ أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن أن غالبية مناطق البلاد باتت عرضة لخطر المجاعة، مشيرًا إلى أن هناك 230 منطقة في اليمن من أصل 333 معرضة لخطر المجاعة.
وبحسب إحصائيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ففي اليمن ثمة عشرة ملايين شخص يعانون حاليًا من الجوع الشديد، و7.4 مليون شخص بحاجة لخدمات العلاج والتغذية، بينهم 3.2 مليون بحاجة لعلاج سوء التغذية الحاد. واعتبر المكتب الأممي أن اليمنيين في العام الجاري "عرضة للمجاعة أكثر من أي وقت مضى".
كفاح من أجل البقاء على قيد الحياة
يكافح اليمنيون من أجل البقاء على قيد الحياة، فالحصول على وجبة واحدة في اليوم هو إنجاز كبير بالنسبة لمئات الأسر التي ألفها الجوع وألفتها.
تعمل مها مفتاح عاملة نظافة في إحدى مدارس العاصمة صنعاء، وتتقاضى راتبًا شهريًا لا يتجاوز خمسة آلاف ريال يمني أي نحو 20 دولارًا أمريكيًا فقط! راتب مها يقيها بالحدود الدنيا من الموت جوعًا، وإن كان لا يكفي لشراء كيس دقيق أو إسطوانة غاز.
تقول مها لـ"ألترا صوت" إنها كانت تعمل قبل اندلاع الحرب في منزل إحدى الأسر الثرية براتب شهري يبلغ 20 ألف ريال، أي حوالي 80 دولارًا أمريكيًا، غير أن الحرب أثرت على قدرة الأسرة على استخدامها ودفع راتبها.
مها مثل كثير غيرها من اليمنيين، الذين قد يلقون حتفهم جوعًا في منازلهم، وهناك غيرهم ممن يبحثون عن الطعام في الشوارع، وقد حولتهم الحرب إلى متسولين.
يدفع الجوع بالمئات من اليمنيين للخروج إلى الشوارع مادين أيديهم من أجل الحصول على ما يقيمون به أصلابهم للبقاء على قيد الحياة.
وبوصف الأمم المتحدة لليمن في العام الماضي بأنه يعاني كارثة إنسانية هي الأسوأ في العالم، وبعد الإشارة إلى أنه في العام الجاري قد يتعرض للمجاعة أكثر من أي وقت مضى؛ يتضح حجم المعاناة التي يعيشها اليمنيون.
انقطاع المرتبات
يدخل العام الثالث دون أن يتسلم أكثر من مليون موظف يمني مرتباتهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث يعانون من ظروف إنسانية صعبة، مفتقرين للغذاء والدواء ويكافحون من أجل إنقاذ أسرهم من الجوع.
يأتي ذلك مع الحصار الذي يفرضه التحالف السعودي الإماراتي منذ 2015 على اليمن، ما يمنع دخول المواد الغذائية وكثير من المساعدات الإنسانية.
وتخضع السفن التجارية والإغاثية لتفتيشات دقيقة قبل دخولها إلى الموانئ اليمنية، من قبل التحالف السعودي الإماراتي، وترسو في السواحل اليمنية لأشهر حتى يسمح لها بتفريغ حمولتها.
ارتفاع أسعار العملات
تشهد العملات الأجنبية، ارتفاعًا كبيرًا أمام الريال اليمني فقد تجاوز الدولار الأمريكي الواحد 800 ريال يمني، أي ثلاثة أضعاف سعره الرسمي قبل الحرب.
وعلى الرغم من تراجع سعره خلال الأيام الماضية إلى 550 ريال، إلا أنه لم يستقر حتى الآن، ويظل بين الانخفاض والارتفاع، ومعه ترتفع أسعار المواد الغذائية فتزداد معاناة السكان، إذ أدى التدهور الاقتصادي في اليمن، الذي هو انعكاسٌ للحرب، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة تتراوح ما بين 66 و162% عما كانت عليه قبل الأزمة.
العشوائية في توزيع المساعدات الإنسانية
تقدم الأمم المتحدة ملايين الدولارات لدعم اليمنيين، غير أن معظم سكان اليمن، بمن فيهم الأكثر حاجة للمساعدات الإنسانية، يشتكون عدم حصولهم على هذه المساعدات، أو أنها لا تصل إليهم.
يقول أحمد القرشي، رئيس منظمة سياج للطفولة، إن السبب وراء ذلك هو التبديد الحاصل لهذه الأموال على التحركات الميدانية ومرتبات موظفي المنظمات الدولية العاملة في الإغاثة باليمن.
ومن جانبه، قال رئيس منظمة سلام ماليزيا في اليمن، عبدالرقيب القادري، إنه رغم كثرة المنظمات الإغاثية الدولية في اليمن، لكنها "دون جدوى في الحد من الفقر والمجاعة".
وأشار القادري في حديثه لـ"ألترا صوت" إلى أن هذه المنظمات تعرف عشوائية في توزيع المساعدات والمواد الغئاية، بما لا يُساعد في الحد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
يتهم بعض النشطاء المنظمات الدولية والأممية بتبديد المساعدات الإنسانية المخصصة للمحتاجين في اليمن، على التحركات الميدانية ومرتبات موظفيها
وطالب القادري المنظمات الدولية العاملة في اليمن، أن تجمع كل منظمات المجتمع المدني على إعداد إستراتيجية موحدة، وخارصة عمل تقسم فيها المناطق اليمنية بشكل واضح على حسب حالتها، وحاجة سكانها، معتبرًا أن ذلك قد يساعد في الاستفادة المناسبة من المساعدات الإنسانية.
اقرأ/ي أيضًا:
مسؤول أممي: الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ منذ نصف قرن
لجنة الإنقاذ الدولية: "خطة المساعدات السعودية لليمن خدعة مضللة"