04-أكتوبر-2017

يعاني 15 مليون يمني من نقص مياه الشرب (Getty)

قد يُحرم المدنيون في النزاعات المسلحة من حقهم في المياه، وذلك إما لتجويعهم أو إرغامهم على النزوح إلى أماكن أخرى. فالحرمان من الماء هو من أدوات الحرب، وغالبًا ما يكون ضحاياه المدنيين الأبرياء. وهذا هو حال اليمن الذي يرزح تحت وطأة أوضاعٍ إنسانية صعبة، جراء النزاع المسلح في البلاد بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي المسنودة بقوات التحالف السعودي، ومسلحي جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من جهة أخرى.

أكثر من 7 ملايين يمني مهددون بالموت بسبب الجوع، وأكثر من 15 مليونًا يعانون صعوبة في الحصول على مياه صالحة للشرب

وتشير تقارير المنظمات الدولية والحقوقية، إلى أنّ اليمن يعاني كارثة إنسانية حقيقية، إذ يعيش أكثر من سبعة ملايين يمني على شفا حفرة من الموت بسبب الجوع، إضافة إلى نقص حاد في الماء والدواء وتدهور القطاع الصحي وعدم وصول المساعدات الإنسانية إلاّ لعدد محدود من المواطنين اليمنيين. وقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، أنّ أكثر من 15 مليون مواطن يمني يعانون من صعوبة في الحصول على مياه صالحة للشرب، وأنها توفر دعمًا لستة ملايين منهم فقط.

اقرأ/ي أيضًا: هنا اليمن.. بلاد الله الضيقة

يعني ذلك أننا أمام كارثة إنسانية كبيرة، خاصة بعد تفاقم مرض الكوليرا وفتكه بالآلاف من المدنيين بفعل الحرب. واليوم يعاني اليمنيون في الحصول على ماء صالح للشرب، لتصبح معاناتهم مركبة ومعقدة.

ورغم أن القانون الدولي الإنساني، المطبق في حالة النزاع المسلح، لم يتطرق صراحة إلى حماية الحق في الوصول إلى المياه، إلاّ أنه يشمل العديد من القواعد المتعلقة بهذا الحق بشكل أو بآخر. فالقانون الدولي الإنساني يُعنى مثلًا بحماية الأهداف المدنية، بما فيها الأهداف الأساسية التي لا غنى للمدنيين عنها للبقاء على قيد الحياة، حيث تنص المادة 54 من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقية جنيف 1977 على "حظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين، مثل المواد الغذائية والمناطق الزراعية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الريّ، سواء كان القصد من ذلك تجويع السكان المدنيين أو حملهم على النزوح أو أيّ باعث آخر". وبناء عليه فإن حرمان المدنيين اليمنين من مياه صالحة للشرب بسبب الحرب جريمة يحاسب عليها القانون الدولي.  

و تشير المادة 29 من اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية 1997، أنّ "المجاري المائية والمنشآت والمرافق، وأيّ أعمال متعلقة بها، يجب أن تتمتع بالحماية التي تنص عليها قواعد وأحكام القانون الدولي المطبق في حالات النزاع المسلح دولياً كان أو غير دوليّ، وعدم استخدام تلك المرافق والمنشآت بما يتعارض مع أحكان القانون الدولي الإنساني".

ويشير القرار الثاني، الصادر عن المؤتمر الدولي الـ26 للصليب الأحمر والهلال الأحمر في كانون الأول/ديسمبر 1995، في بنده الخامس، إلى مجموعة من أحكام القانون الدولي الإنساني المتعلقة بحق السكان المدنيين المحرومين من المياه،  فيشدد على أهمية المياه كمورد حيوي للسكان المدنيين وضحايا النزاعات المسلحة، ويطالب أطراف النزاع اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتفادي الإضرار أو تخريب مصادر المياه أو نظم تخزينها أو معالجتها أو توزيعها وذلك أثناء القيام بعملياتهم الحربية.

إلى جانب ذلك، فإنّ مبدأ التناسب في القانون الدولي الإنساني، وقواعد الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة، جميعها تمنع استخدام مصادر المياه ومرافقها كسلاح أثناء العمليات القتالية لتجويع السكان أو إخراجهم من أرضهم، أو اتخاذ تلك المصادر أهدافًا عسكرية للأطراف المتنازعة.

الهجوم على الأهداف المدنية، بما في ذلك مصادر المياه، يعد في القانون الدولي الإنساني جريمة حرب يُحاكم عليها منفذها

وجدير بالذكر، أنّ القانون الدولي الإنساني يعدّ الهجوم على الأهداف المدنية، وخاصةً تلك المتعلقة ببقاء المدنيين على قيد الحياة، جريمة حرب. ورغم عدم وجود سوابق لمحاكمات دولية تتعلق بهذا الشأن، إلاّ أنّ فرصة إجراء هكذا نوع من المحاكمات الدولية لا تزال قائمة. ولذلك، فإنّه يتوجب على جميع أطراف النزاع في اليمن حماية مصادر المياه، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب الإضرار بمرافق ومنشآت المياه أو تخريبها أو تدميرها، والعمل على تسهيل وصول المدنيين إليها، وضمان تمتعهم في الحق بالمياه.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

 في ذكرى اتفاقية جنيف.. اتفاق عالمي على خرقها باستمرار

8 عجائب من الحرب اليمنية