رسمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، صورة سوداء عن وضعية حقوق الإنسان في المغرب خلال سنة 2015، وذلك في تقريرها السنوي الذي قدمته مؤخرًا، واعتبرت الجمعية أن سلوك الدولة في مجال حقوق الإنسان يتسم "بتراجعات كبيرة وملحوظة عن العديد من المكتسبات الحقوقية". وأكد أحمد الهايج، الرئيس الجديد للجمعية، أن "الدولة لا تزال مستمرة في ممارسة التعذيب والتضييق على حرية الرأي والتعبير".
رغم سن قانون يجرم التعذيب في المغرب سنة 2005، تواصل التعذيب في عدد من مراكز الاحتجاز والسجون حسب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
وجاء في تقرير الجمعية أيضًا أنه "رغم اضطرار الدولة أمام نضال المجتمع المدني وضغوط اللجنة الأممية لمناهضة التعذيب، إلى سن قانون يجرم التعذيب سنة 2005، فقد استمرت ممارسة التعذيب شائعة في عدد من مراكز الاحتجاز كما في السجون". وذكرت الجمعية أنها رصدت "ما يزيد عن 60 حالة تعذيب أو معاملة قاسية أو لا إنسانية أو حاطة من الكرامة خلال هذا العام".
وفيما يتعلق بالحريات العامة والحق في التنظم والتجمع السلمي والحق في إبداء الرأي والتعبير، فقد سجلت الجمعية "نزوعًا قويًا للدولة نحو المقاربة الأمنية القمعية لمصادرة الحريات والحقوق الأساسية للمواطنين والمواطنات عبر تشديد الرقابة على الحركة الحقوقية وعلى مختلف القوى الديمقراطية، وفرض حظر عملي، غير قانوني، على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من خلال منع أنشطتها في الفضاءات العمومية ورفض تسلم الملفات القانونية لـ46 فرعًا من فروعها ورفض تسليم وصولات الإيداع القانوني المؤقتة لـ13 فرعًا"، حسب ما جاء في تقرير الجمعية.
اقرأ/ي أيضًا: المساواة بين الجنسين في الميراث..قريبًا في المغرب؟
وحسب التقرير ذاته فقد تم طرد بعض ممثلي الجمعيات والهيئات الدولية التي تشتغل في مجال حقوق الإنسان، كما هو الشأن بالنسبة لمنظمة العفو الدولية، واعتبرت الجمعية ذلك تجاوزًا تامًا للأعراف والقوانين الدولية ولالتزامات المغرب. وفي سياق آخر، تعرضت الجمعية لوضعية السجون المغربية، وأكدت أنها ليست في أحسن حال، فقد سجلت أن أغلب السجينات والسجناء يعيشون معاناة حقيقية تتمثل في الاعتداءات الجنسية عليهم، وخاصة على الجدد منهم، وما يترتب على ذلك من آثار نفسية واجتماعية بليغة، إضافة إلى تنامي ظاهرة العنف والاعتداءات المتكررة عليهم من طرف موظفي السجون.
وكشف التقرير أيضًا عن ما سماه "اكتظاظًا مهولًا تعرفه سجون المملكة حيث يتم تكديس السجناء"، مشيرًا إلى أن معظم سجون المملكة تعرف اكتظاظًا خانقًا، ومستدلًا بوضع السجن المحلي بمراكش، الذي لا تتجاوز طاقته الاستيعابية 700 سجينًا، ويوجد به 2299 سجينًا بنسبة اكتظاظ تفوق 328% والطاقة الاستيعابية للسجن المحلي بالناظور، التي لا تتجاوز إيواء أكثر من 840 سجينًا، في حين يوجد فيه 1904 سجين، بزيادة بلغت نسبتها 140%، وذكر التقرير حالة عديد السجون الأخرى التي تفوق نسبة الزيادة فيها 150%، رغم بناء سبعة سجون جديدة سنة 2015.
وأوضح التقرير أنه رغم تصديق المغرب دون تحفظ على العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومصادقته على التصريح الختامي للدورة الخامسة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف 21 آذار/مارس 2014 المتضمن لالتزام الدول باحترام حرية المعتقد وممارستها أو تغييرها أو عدم الاعتقاد، إلا أن السياسة الدينية للدولة، بحسب التقرير، "المبنية على وحدة العقيدة ووحدة المذهب في جميع مناحي الحياة العامة، تجعل المناخ العام يتميز عمومًا برفض ونبذ المختلفين دينيًا ومذهبيًا"، مشيرًا إلى استمرار العمل بالفصل 220 من القانون الجنائي الذي ينص على معاقبة من ضبط بتهمة "زعزعة عقيدة مسلم".
تقول الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن المناخ العام في المغرب يتميز برفض ونبذ المختلفين دينيًا ومذهبيًا
اقرأ/ي أيضًا: قانون المعينات المنزليات.. عبودية بطبعة مغربية
وجددت الجمعية مطلبها بإقرار "دستور ديمقراطي علماني يضمن المساواة التامة بين جميع المعتقدات الدينية وبين كافة معتنقيها، ويفصل بين الدين والدولة، ويجرم خطاب التحريض على الكراهية والعنف على أساس العقيدة، ويقر مدونة أسرة عصرية وديمقراطية وموحدة لجميع المغاربة، ويتضمن مراجعة شاملة للمناهج التعليمية وإدراجًا لمادة خاصة بتاريخ الأديان".
الحكومة المغربية ترد..
من جانبه، لم يتأخر رد مصطفى الخلفي، الناطق باسم الحكومة، وذلك خلال ندوة صحافية أعقبت مجلسًا حكوميًا، وقد أكد الخلفي أن "الزمن الذي كان يتم فيه إحراج المغرب بقضايا التعذيب انتهى"، موضحًا أن "لا تشكيك في إرادة الحكومة القوية للتصدي لأي مس من حقوق الإنسان، ومن ضمن ذلك التعذيب الذي صادق المغرب بشأنه على بروتوكول لمواجهته". واستدل الخلفي بأرقام وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، في مجال التحقيق في الادعاءات الخاصة بالتعذيب سنة 2015.
وكشف الوزير أن وزير العدل أعلن أن عمليات الفحص في ادعاءات التعذيب سنة 2015 بلغت 147 عملية، موضحًا أنه "تم فتح تحقيق في 35 حالة، وقد شملت رجال أمن وسلطة ودرك، إضافة إلى تحقيقات على مستوى السجون". وأضاف الخلفي أن "المغرب تجاوز مرحلة التفرج على التعذيب، واتجه إلى مرحلة مواجهته"، مؤكدًا أن عديد الملفات كملف التعذيب والمهاجرين تشهد إجراءات تصاعدية لاحترام حقوق الإنسان".
اقرأ/ي أيضًا: