يبدو أن دونالد ترامب ورجاله غير مبالين بالتكلفة الاقتصادية الباهظة التي ستترتب على عملية ترحيل ما بين 12 و20 مليون مهاجر يوجدون في الولايات المتحدة حاليًا بشكلٍ غير شرعي، وفقًا لإحصائيات إدارة الهجرة والجمارك الأميركية.
وبحسب تقديرات مجلس الهجرة الأميركي، سيكلّف ترحيل 11 مليون لاجئ يقيمون في البلاد بشكل غير نظامي الاقتصاد الأميركي 315 مليار دولار على الأقل. وإذا وُضعت هذه التكلفة إلى جانب الخسائر التي ستؤدي إليها الحرب التجارية التي أعلنها ترامب على الحلفاء والأعداء معًا، بفرض رسوم جمركية عالية على جميع وارداتهم؛ فستتضاعف خسائر الاقتصاد الأميركي على ضوء ذلك أضعافًا مضاعفة. لكن لا يبدو أن ترامب مكترث بذلك.
ومن المؤكد، استنادً إلى مصادر متعددة، أن إدارة ترامب ستعمل منذ اليوم الأول لاستلام مهامها رسمًا من إدارة جو بايدن، على نشر الجيش الأميركي بهدف "اعتقال وترحيل المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني".
وستُسند هذه المهمة غير المسبوقة من حيث نطاقها، بحسب صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، إلى توم هومان، الرئيس السابق لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى.
ترحيل 11 مليون لاجئ يقيمون في البلاد بشكل غير نظامي سيكلّف الاقتصاد الأميركي 315 مليار دولار على الأقل
ويُقدّر عدد المقيمين غير النظاميين في كافة أرجاء الولايات المتحدة بنحو 20 مليون شخص، جميعهم معرضون للترحيل في إطار برنامج إدارة ترامب الجديدة.
وكان المرشّح لتطبيق هذه السياسة، توم هومان، قد قال في تصريحات لـ"صنداي تايمز" البريطانية إن "خلاصة القول إنك إن كنت دخلت هذه البلاد بشكل غير قانوني، فأنت لست خارج نطاق البرنامج، وعليك أن تحدد أولوياتك أولًا. لكن أكرر، أن دخولك إلى هذا البلد بطريقة غير نظامية يُعدّ جريمة".
وشدد على أنه سيتخذ قرارًا بـ"إغلاق الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بالكامل، وبناء جدار، وإعادة تفعيل برنامج ترامب المسمى البقاء في المكسيك، الذي كان قد أعلن عنه الرئيس المنتخب في وقت سابق، وبموجبه كان المهاجرون ينتظرون عبر الحدود لحين الفراغ من معالجة طلبات لجوئهم".
سيناريو رواندا
وفي ردّ هومان على سؤال حول الجهات التي تخطط إدارة بايدن لنقل اللاجئين إليها، قال الرئيس السابق لمكتب الهجرة والجمارك إنه سيعمل على "إبرام اتفاقيات تقضي بنقل طالبي اللجوء إلى دول أخرى إلى أن يبتّ في طلباتهم، وذلك على غرار خطة رواندا، التي تنص على ترحيل اللاجئين في بريطانيا بطريقة غير نظامية إلى تلك الدولة الواقعة شرقي القارة الإفريقية، إلى حين مراجعة طلبات لجوئهم"، مؤكدًا أنّ الإدارة الأميركية الجديدة "ستتواصل مع دول أخرى بالإضافة لرواندا التي سبق ووافقت على استقبال اللاجئين".
وعلى الرغم من نفي هومان لما يتم تداوله حول نية إدارة ترامب إقامة "معسكرات اعتقال لاحتجاز ملايين الأشخاص الذين يتم القبض عليهم في عمليات تمشيط واسعة النطاق للأحياء السكنية"، إلّا أنه أقرّ بأنّ الإدارة الجديدة "قررت احتجاز من سيتم ترحيلهم في منشآت تشمل مراكز توقيف حديثة البناء" حسب وصفه.
وبشأن المداهمات التي تحذّر المنظمات الحقوقية مما يرافقها من عنف، أكّد هومان أنّها ستكون من بين الوسائل المتبعة في التوصل للمهاجرين غير النظاميين، معتبرًا أن الإجراءات التي ستتبع فيها هي تلك التي "تطبقها حاليًا وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك"، مفترضًا أن ذلك سيجعلها قانونية وسيقلل من هامش الانتهاكات الحقوقية فيها.
وفي هذا السياق، ذكر هومان أن التركيز سينصب في بداية عمليات الترحيل على ما وصفها بـ"الحالات الأسوأ"، مؤكدًا أن "الأمر سيكون مختلفًا كثيرًا عما تبثه وسائل الإعلام الليبرالية". كما لم يستبعد أن يتم توسيع "دور الجيش الحالي في نقل المهاجرين لاستيعاب العدد المتزايد من المُرَحَّلين" وفق تعبيره.
تداعيات غير مسبوقة
ستكون ثمة تداعيات اقتصادية وخيمة على الاقتصاد الأميركي، في حال هجّرت إدارة ترامب، كما تتوعد، 20 مليون مهاجر غير نظامي، حيث من المتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، كما سيتعرض القطاع الزراعي لأضرار كبيرة، بالنظر إلى أنّ نسبة 50% من العمال في هذا القطاع لا يحملون وثائق رسمية.
وأظهرت دراسة أجراها مجلس الهجرة الأميركي غير الحكومي أنّ "ترحيل 11 مليون شخص موجودين في البلاد بشكل غير قانوني، و2.3 مليون شخص عبروا الحدود العام الماضي، سيكلف الاقتصاد الأميركي 315 مليار دولار على الأقل".
لكنّ عناصر إدارة ترامب، بمن فيهم هومان، يقللون من شأن هذه المخاوف، ويدّعون أن "عمليات الترحيل ستوفر على الشعب الأميركي مليارات الدولارات"، التي تنفق حسب هومان "على رعاية الأجانب غير النظاميين، ما بين الرعاية الطبية والرعاية في المستشفيات والتعليم وتكاليف الإقامة في الفنادق" وفق زعمه.