11-أكتوبر-2024
شمال غزة

فلسطينيون يسيرون جانب أنقاض منزل دمرته غارة للاحتلال في مخيم البريج وسط قطاع غزة (رويترز)

سلط تقرير ميداني لوكالة "الأناضول" التركية الضوء على معاناة آلاف الأسر الفلسطينية شمال قطاع غزة من نقص حاد بالمياه والغذاء، لليوم السادس على التوالي، نتيجة الحصار المطبق الذي يفرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عمليته العسكرية التي يرتكب فيها مجازر وفظاعات بحق المدنيين.

ويناشد الفلسطينيون المحاصرون عبر منصات التواصل الاجتماعي وبواسطة الهواتف مع أقربائهم في بقية مناطق القطاع، لإغاثتهم بشكل عاجل وإنقاذهم وأطفالهم من الموت جوعًا وعطشًا، بحسب ما يرصد تقرير "الأناضول".

توقف توزيع المساعدات

ومنذ نحو أسبوعين، توقفت عملية توزيع المساعدات الإغاثية في معظم مناطق شمال قطاع غزة، بسبب منع جيش الاحتلال دخول شاحنات المعونات التي تقدمها المؤسسات الدولية والمحلية. فيما اشتكى برنامج الأغذية العالمي، أمس الخميس، من عدم قدرته على توزيع الغذاء في محافظة شمال غزة، نتيجة نقص الإمدادات.

توقفت عملية توزيع المساعدات الإغاثية في معظم مناطق شمال قطاع غزة، بسبب منع جيش الاحتلال دخول شاحنات المعونات التي تقدمها المؤسسات الدولية والمحلية

ويأتي ذلك في ظل قيود مشددة يفرضها جيش الاحتلال على وصول المساعدات إلى قطاع غزة، وتشتكي منظمات عدة من أنها تجعل تقديم الاستجابة الإنسانية أمرًا صعبًا للغاية، إن لم يكن مستحيلًا.

وقال برنامج الأغذية العالمي، في بيان عبر منصة "إكس": "لم نعد قادرين على توزيع الغذاء بأي شكل من الأشكال بمحافظة شمال غزة"، مضيفًا أن: "نقص الإمدادات بغزة يجبرنا على وقف توزيع الطرود الغذائية خلال تشرين الأول/أكتوبر الجاري"، مشيرًا إلى أنه: "لا يوجد توزيع للطرود الغذائية، والدقيق ينفد من مخابز جنوب ووسط غزة".

في السياق، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أن جيش الاحتلال يحاصر على الأقل 400 ألف فلسطيني شمال القطاع، علمًا أن هذه العملية البرية الثالثة التي ينفذها جيش الاحتلال في مخيم جباليا منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

ومنذ بدء عمليته العسكرية شمال القطاع في السادس من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، يحاصر جيش الاحتلال منطقة جباليا، ويمنع الأهالي من النزوح إلى مدينة غزة المجاورة، ويأمرهم بالنزوح فقط عبر شارع "صلاح الدين" الممتد على طول شرق القطاع من شماله إلى جنوبه.

نقص الماء

ويعتمد الفلسطينيون شمال قطاع غزة على بعض الآبار العشوائية التي تعمل بالطاقة الشمسية، وعربات المياه المتنقلة في الشوارع، لتلبية احتياجاتهم الأساسية من المياه الصالحة للاستهلاك.

وأصبحت هذه الوسائل هي المصدر الأساسي للحصول على المياه، بعد أن تعمد جيش الاحتلال تدمير معظم آبار المياه العامة وشبكات البنية التحتية، خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ نحو أكثر من عام.

ومع بدء العملية العسكرية الحالية على بلدة جباليا ومخيمها، توقفت آبار المياه العشوائية عن العمل، ولم تتمكن سيارات المياه من الوصول لإغاثة المحاصرين، ونقلت "الأناضول" عن الشاب، عاهد موسى، المحاصر بمخيم جباليا مع والده، قوله: "المياه نفدت أمس (الخميس)، ولم يتبق سوى 20 لترًا نستخدمها للشرب ولكل شيء".

وأضاف: "إذا نفدت المياه، سنموت نحن وأطفالنا عطشًا، ولن نسامح العالم على ذلك"، مؤكدًا أن "الخروج للحصول على المياه يشكل خطرًا كبيرًا بسبب استهداف الاحتلال لأي حركة"، وأضاف: "جثث عدد من جيراننا وأبناء حارتنا ملقاة بالشوارع، ولا يمكن انتشالها حيث قتلهم الجيش الإسرائيلي".

وفي مركز إيواء "اليمن السعيد" غرب مخيم جباليا، تنزح الفلسطينية، سمية خاطر، وعائلتها المكونة من ثمانية أفراد بينهم أربعة أطفال، حيث تعاني من نقص المياه والطعام، وقالت لـ"الأناضول": "المياه لم تصلنا منذ أسبوع، نستهلك ما لدينا بالحد الأدنى"، موضحة أنهم يشربون كميات قليلة لتقليل الحاجة إلى المراحيض، ولا يستطيعون غسل الأواني بسبب نقص المياه، خوفًا من نفادها قبل فك الحصار.

نقص الطعام

من جهته، قال، أدهم حجازي، من منطقة "مشروع بيت لاهيا" المحاصرة، لمراسل "الأناضول": "بعض العائلات المقتدرة خزنت ما يكفيها من الطعام لأسابيع وتستهلك منه الآن، بينما تعاني العائلات الفقيرة بشدة".

وأوضح أن الطعام المتبقي لأسرته المكونة من تسعة أفراد يكفي ليومين أو ثلاثة، وبعدها سيواجهون خطر الجوع هو وأطفاله، مضيفًا أن المؤسسات الإغاثية الدولية والمحلية غادرت المنطقة تحت القصف، ومخازنها فارغة بسبب منع جيش الاحتلال وصول الشاحنات، لافتًا إلى أن: "التكايا الخيرية توقفت، والناس بمراكز الإيواء يتضورون جوعًا بانتظار الإغاثة".

ومع بدء جيش الاحتلال نزح المزارع الفلسطيني، يوسف الرضيع، هو وعائلته وجيرانه من بلدة بيت لاهيا الحدودية إلى قلب مخيم جباليا، وقال لـ"الأناضول": "لم نتمكن من حمل الطعام أو الأمتعة معنا، ولا توجد أي مواد غذائية للبيع بجباليا، والمحاصرون لا يجدون ما يأكلونه".

وكان الرضيع قد زرع أرضه بمحصولي الباذنجان والفلفل لتحقيق اكتفاء ذاتي وبيع الفائض، لكنه اضطر لتركها خلفه دون أن يجني المحصول، وهو متيقن أن جيش الاحتلال قد جرف الأرض. وناشد الرضيع الجهات الدولية التدخل العاجل لإغاثته وعائلته المكونة من سبعة أفراد، والضغط على جيش الاحتلال لإدخال المساعدات الغذائية والمستلزمات الطبية والدواء إلى المنطقة.

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، اليوم الجمعة، أن الوضع بمستشفيات شمال القطاع بلغ مرحلة "كارثية" تهدد حياة الأطفال بقسم العناية المركزة، ويشكل تهديدًا لحياة 400 ألف إنسان، وذلك مع استمرار عملية جيش الاحتلال البرية لليوم السادس على التوالي.

وكان جيش الاحتلال قد أنذر الفلسطينيين بإخلاء مساكنهم في جباليا وبلدتي بيت حانون وبيت لاهيا والتوجه من شمال القطاع باتجاه الجنوب، وسط تحذير وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة المواطنين من الاستجابة لذلك ،معتبرة إياه "خداعًا وكذبًا".