قبل أيّام، نفذت مصلحة السجون في مصر، حكم الإعدام بحق 15 شخصًا، أُدينوا في وقائع قتل ضباط وجنود بشمال سيناء، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"رصد الضباط"، وهي قضية عسكرية نظرت فيها محكمة عسكرية وخرج حكمها بإعدام المتهمين فيها.
قبل أيام، شهدت مصر تنفيذ حكم الإعدام بحق 15 شخصًا، تمت محاكمتهم أمام محكمة عسكرية وتعرضوا للتعذيب أثناء اعتقالهم
وكانت محكمة النقض العسكرية العليا، قد رفضت الطعن المقدم من الـ15 المتهمين بالقضية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أيّدت حكم الإعدام بعد استنفاد كافة طرق الطعن التي يتيحها قانون الإجراءات الجنائية، وبعد أن جرى تأييد الأحكام بشكل نهائي.
اقرأ/ي أيضًا: الإعدام سجنًا في مصر.. ما خفي أعظم!
وعلى أية حال، وبعيدًا عن الحكم الصادر بحق المتهمين الـ15، فإن أولى الملاحظات التي تتبادر لذهن المطلع على ملابسات قضية خلية "رصد الضباط"، أنّ المتهمين حوكموا أمام محكمة عسكرية، فضلًا عن تعرض المتهمين للتعذيب بعد إلقاء القبض عليهم وفقًا لما ورد في محاضر التحقيقات نفسها، والتي أُثبت فيها عن أحد المتهمين الذين نُفّذ فيهم حكم الإعدام، وهو إبراهيم سالم حماد، أنه "بمناظرته تبين وجود بعض الإصابات و هي عبارة عن جرح ملتئم لمعصم اليد اليمنى و جرح آخر بالساعد الأيسر من جهة الخارج، وتبين أنها نتجت من كلبشته بكلبش بلاستيك، وكذا تبين لنا وجود إصابة قديمة ملتئمة أعلى الحاجب الأيسر، وتورم حول العين اليمنى".
ويضيف المحضر: "وبسؤاله عن وجود إصابات في الأجزاء غير الظاهرة، قرر أن به إصابات. وبحصر ملابسه تبين وجود سجحات وكدمات بالصدر والبطن وكذا الظهر، تميل إلى اللون البني، ووجود بعض الكدمات بالساعد الأيمن والساق اليمنى. وقرر أنها نتيجة التعدي عليه بالضرب عقب القبض عليه".
تفاعلت منظمات حقوقية مع الحكم بالإعدام الذي مني به المتهمون في القضية، وقالت منظمة هيومن رايتس مونيتور، في تدوينة على حسابها بفيسبوك، إنّه "بعد الاطلاع على تفاصيل القضية وسندات أحكامها، تبين للمنظمة عدم وجود أدلة فعلية على الاتهامات المنسوبة للضحايا، وجميعها أدلة ظنية واشتباه لا يرقى إلى أدلة مؤكدة للحكم بالإعدام"، مُضيفةً: "كما أن جميع المُتهمين تم القبض عليهم حال تواجدهم بمنازلهم دون أسانيد قانونية وتم إدراجهم على ذمة القضية دون السماح لهم بالحصول على حقوقهم القانونية كاملة بجانب الإنتهاكات المتكررة بحقهم".
وكانت هيومن رايتس مونيتور في بيانها على فيسبوك، قد شككت في نزاهة التحقيقات التي جرت في القضية، واصفة الحكم بـ"الإجرام المقنن"، قائلةً إنّ "ما جرى من تنفيذ أحكام إعدام ما هو إلا إجرام مقنن ومغلف بسندات السلطة القضائية التي باتت تستخدم كأداة بطش برداء قانوني لتنفيذ رغبات السلطة التنفيذية التي تنصلت من جميع القوانين المحلية والدولية التي صدقت عليها وتعهدت على الالتزام بها".
الإعدام في قضايا الإرهاب.. عرب شركس نموذجًا
المتابع لسوابق أحكام الإعدام في مصر، يرى أنها ليست فوق الشبهات، بل وتنم أحيانًا عن عبثية لا مثيل لها في إجراءات التقاضي.
ولعل أحد أبرز الأمثلة على ذلك قضية عرب شركس، وهي قرية تقع في شمال القاهرة، وقعت فيها معركة بالأسلحة النارية في 19 آذار/مارس 2014، أسفرت عن مقتل عميد وعقيد بالقوات المسلحة.
في هذه الواقعة اعتقلت قوات الداخلية المصرية ثمانية أشخاص، واجه ستة منهم أحكامًا بالإعدام، بينما أكدت هيومن رايتس ووتش، أن ثلاثة منهم من المستحيل أن يكونوا متورطين في هذه القضية، وذلك لأنهم كانوا معتقلين قبل الحادثة بعدة أشهر.
جدل حول عقوبة الإعدام في مصر
تنقسم أوجه الاعتراض في مصر على عقوبة الإعدام على وجهين، الأول الذي يرى تجريم عقوبة الإعدام بشكل مُطلق، والثاني الذي يرى أنه من غير الممكن القبول بعقوبة الإعدام في ظل نظام يسمح بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وتنتشر فيه حالات الإخفاء القسري والتعذيب في السجون والمعتقلات بغرض الحصول على اعترافات.
سوابق أحكام الإعدام في مصر، تكشف عن أنها أحكام تنم عن عبثية لا مثيل لها في إجراءات التقاضي
وفي هذا السياق، تُشير تقارير حقوقية إلى أنّ مصر تتربع المركز الثالث على مستوى أفريقيا والشرق الأوسط في أعداد أحكام الإعدام الذي تم تنفيذها. وقد احتلت هذا المركز بجدارة بعد الثالث من تموز/يوليو 2013، فمن وقتها وحتى حزيران/يونيو الماضي وصلت عدد قرارات الإحالة للمفتي لـ1840، في 44 قضية، صدر منهم 791 حكمًا بالإعدام. ومن بين هذه القضايا هناك ما لا يقل عن 10 قضايا تنظر أمام محاكم عسكرية، وذلك وفقًا لهيومن رايتس ووتش في تقريرها الصادر في حزيران/يونيو الماضي.
اقرأ/ي أيضًا: