ألترا صوت - فريق التحرير
أصابت المشاهد ومقاطع الفيديو التي تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، عن اعتراض الناس على الزيادات الكبيرة في أسعار المترو التي وصلت إلى 250%، المصريين بحالة من الذهول والشلل.
تعني الخصخصة تحويل الاقتصاد المصري إلى اقتصاد يعتمد على القطاع الخاص بدرجة كبيرة
ظلت الطبقة الوسطى المصرية، في الحالة التي تعيشها البلاد منذ تعويم الجنيه في كانون الأول/ نوفمبر 2016، تتحرك على الحافة، بين توفير متطلبات المعيشة الأساسية وبين مسايرة هذه الزيادات في ضوء تسارع ارتفاعات الأسعار والخدمات العامة. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: كيف يدير النظام المصري القطاع العام؟ وهل ينوي النظام خصخصة قطاعات خدماتية حيوية في البلاد؟ كالمترو والسكة الحديد؟ وكيف سيتم ذلك؟
بين القطاع العام والخاص: طحن الفقراء
في كتابه "الجات والخصخصة: الكيانات الاقتصادية الكبرى"، عرّف حسين عمر الخصخصة على أنها "تحويل الاقتصاد المصري إلى اقتصاد يعتمد على القطاع الخاص بدرجة كبيرة، وذلك عن طريق بيع الأصول والوحدات الإنتاجية المملوكة للدولة - كلًا أو جزءًا - لقطاع الأعمال العام، إما بشكل مباشر أو عن طريق طرح أسهم الشركة للبيع في الأسواق المالية". أي إنها بكلمات أبسط تعني انتقال الملكية من القطاع العام الحكومي إلى القطاع الخاص".
اقرأ/ي أيضًا: صور وفيديوهات.. الغلابة في مصر على صفيح ساخن!
وقد أعلنت الحكومة المصرية في آذار/مارس الماضي عن خطتها لخصخصة عدد من أكبر الشركات وأكثرها ربحية، كان من بينها شركات في خدمات البترول والتكرير مثل شركة (إنبي)، كما شمل البرنامج شركة سيدي كرير للبتروكيماويات، وفي قطاع الخدمات المالية بنك التعمير والإسكان، وبنك الإسكندرية، وبنك القاهرة، وشركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية E- finance، وشركة مصر للتأمين، وفي القطاع العقاري سيتم طرح شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، وشركة مدينة نصر للإسكان والتعمير، وفي خدمات المستهلك شركة الشرقية "إيسترن كومباني"، وشركة مصر للألومنيوم.
وقالت وزارة المالية إنه من المتوقع أن تصل القيمة الإجمالية للأسهم المطروحة ضمن برنامج الحكومة إلى نحو 80 مليار جنيه.
وفي الشهر الماضي، وافق مجلس النواب المصري بصفة نهائية على "مشروع قانون مقدم من حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن إدخال اختصاصات نوعية جديدة للهيئة القومية للأنفاق، تشمل إشراك المستثمرين المحليين والأجانب في إدارة المرفق، ما يعد الخطوة الأولى نحو خصخصة القطاع بالكامل، وينذر بتضاعف أسعار الخدمات الحالية المقدمة للمواطنين، وهو ما حدث بالفعل، حيث كان المواطن المصري يدفع ما يعادل 2 جنيه لأي عدد من المحطات، ولكن المواطنين فوجئوا يوم الخميس بارتفاع سعر التذاكر ليصل في متوسطها إلى 7 جنيهات.
لا تكشف الحكومة المصرية أن رفع أسعار تذاكر المترو هو تمهيد لما تخطط له من خصخصة الخدمة، كما أعلنت سابقًا، وتقول بدلًا من ذلك إنه من أجل توجيه زيادة الأسعار للصيانة والتحديثات، وهو أمر غير منطقي، فمن يريد أن يبيع مرفقًا خدميًا لا يستخدم أمواله لإصلاحه، وإنما لسد عجز الموازنة حتى تنخفض نسبة العجز إلى الحد الذى يطلبه صندوق النقد الدولي وفقًا لقرض الـ12 مليار دولار، الذي اقترضته مصر.
تواصل "ألترا صوت" مع الباحث والكاتب تامر وجيه بخصوص صحة المعلومات حول العلاقة بين رفع أسعار التذاكر وسد عجز الموازنة، فأجاب بالقول: "بشكل غير مباشر نعم، فمعظم إيردات الموازنة من الضرائب، حيث مثلت العائدات الضريبية ما نسبته 66.4% من جملة الإيرادات في الموازنة العامة للدولة مثلًا في موازنة 2014- 2015". وتابع: "إن الفكر الاقتصادي الحالي (فكر النظام) يستهدف إنهاء الدعم تمامًا، رغم أن لديه بدائل حقيقية، تحدث عنها كثير من الاقتصاديين، كان مبدؤها واضحًا، في أن تحميل الأفقر والأضعف مسؤولية العجز يواجهه تحميل الأغنياء هذا العبء. هذا من جهة ومن جهة أخرى، ترشيد استخدام الموارد بشكل عام، بدلًا من استنزافها في بناء مدن جديدة ومجتمعات عمرانية لا تخدم القائمة بالفعل والتي تعاني من مشكلات جمة".
لا تكشف الحكومة المصرية أن رفع أسعار تذاكر المترو هو تمهيد لما تخطط له من خصخصة الخدمة
اقرأ/ي أيضًا: الرعاية الصحية في مصر.. تدهور وحلول تنتظر التطبيق
ومن الجدير بالذكر أن سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي، كانت قد ذكرت في مقال كتبته على وول ستريت جورنال في تشرين الثاني /نوفمبر عام 2016، أن "مصر سوف تتخلص جزئيًا من العديد من الشركات والبنوك المملوكة لها من خلال الطرح العام، وسيشمل هذا الطرح، للمرة الأولى، شركات المرافق العامة"، أي أن وضع قطاع خدمات المرافق العامة مثل المترو، وغيرها من قطاعات الخدمات في خطة الخصخصة بات أمرًا واقعًا على مائدة أعمال السيسي.
عمال المترو .. الصوت الخافت في الخلفية
في 2015 أضرب عمال الخط الثالث للمترو، إضرابًا شل حركة المترو بشكل ملحوظ، وقد كان إضراب العمال عن العمل، تضامنًا مع زميلهم أحمد حمزة، سائق قطار العباسية الذى تعرض لإصابة نتيجة لعيوب في الخط الثالث للمترو، لطالما اشتكى منها العمال بل سلموا مذكرة لهيئة تشغيل المترو تفيد بوجود عيوب فنية بالخط، ولكن لم تتم الاستجابة لهم ولو حتى بالرد.
قام المهندس الاستشاري عمرو رؤوف، وهو من أوائل من كانت لهم مواجهات مباشرة مع الحكومة بسبب الأخطاء الفنية في الخط الثالث للمترو، برفع قضية لوقف إنشاء الخط الثالث للمترو بسبب وجود أخطاء هندسية في المشروع تهدد أرواح المواطنين، تتمثل في وجود 1014 شرخًا عند محطة أرض المعارض، وهو من أبرز من تحدث عن شركة ألستوم الفرنسية وسوء تنفيذها للخط الثالث للمترو. قاضى رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للأنفاق إسماعيل نجدي المهندس عمرو رؤؤف، الذي اتهم الأول بسوء إدارة المرفق وإهدار المال العام، وقضت المحكمة بتغريم رؤوف 10 آلاف جنيه كعقوبة مادية عليه.
هناك مشاكل فنية في المرافق الخدماتية تهدد حياة العمال
وتعد هذه القضية فصلًا من فصول المواجهة بين الهيئة وعمالها، وهي أشهر قضية تناولتها الصحف. هذه الواقعة تشير إلى أن العمال كفئة كانت تحارب من أجل حقوقها، إلا أنها لم تعد حتى تملك القدرة على تغيير واقع وجود مشاكل فنية قد تهدد حياتها أثناء عملها.
والخلاصة أن مأساة اليوم التي عاشها سكان القاهرة مع المترو، سيعيشونها في مرافق وخدمات أخرى عديدة، وستستمر إدارة مرافق حيوية مثل المترو والسكة الحديد على طريقة "قطاع عام بأسعار القطاع الخاص"، ولا مساءلة عما سيفعل ذلك بالفقراء الذين يعيشون بالفعل على الحافة.
اقرأ/ي أيضًا: