صدر حديثًا عن دار "بعد البحر" ترجمة عربية لرواية "الرجل القوي" للكاتب الإيطالي كورّادو ألفارو، بتوقيع روحية عبد العزيز.
تنتمي رواية "الرجل القوي" لما يُعرف بأدب المدينة الفاسدة، أو الديستوبيا، وعلى الرغم من أنها نُشرت عام 1938 إلا أنها تُظهر القدرة الكبيرة عند مؤلفها على التخيل واستشراف المستقبل، ذلك أن الرواية تحكي عن عودة المهندس دالي إلى بلده بعد سنوات طويلة من العيش في الخارج، بعد أن تأسس نظام جديد بعد حرب أهلية طاحنة بين "المؤيدين" و"المتمردين".
تحكي رواية "الرجل القوي" عن عودة منفي إلى بلده بعد سنوات طويلة من العيش في الخارج، وذلك بعد أن تأسس نظام جديد أتى بعد حرب أهلية طاحنة بين "المؤيدين" و"المتمردين"
يُفاجئ دالي بأن النظام الجديد ليس إلا نظامًا شموليًّا مستبدًا، تُسيطر فيه الحكومة الجديدة على جميع مرافق الحياة ومجالاتها، تحت شعار الوعد ببناء مجتمع قوي وسعيد، ولأجل ذلك يعمل هذا النظام على جعل الخوف يسيطر على البلاد.
يمثل الحب خطورة في هذا الجو القاتم، لأن فيه نزعة إلى الخصوصية ليست في صالح تصور الدولة الجديدة عن المجتمع. يلتقي دالي بمجرد وصوله بباربارا التي كانت تراسله أثناء إقامته بالخارج. هذا الحب لباربارا، وهي ابنة لزوجين من "أعداء الشعب"، هو بعينه ما يجعله موضع شك (أو يتخيل هو ذلك) ليِصبح بعدها مضطهدًا نفسيًا وجسديًا، ويصل به الأمر إلى ارتكاب جريمة قتل يفر بعدها عبر طريق هروب طويل، ويقع في قبضة من لاحقوه واضطهدوه فيحكمون عليه بالإعدام. لكن القدر كان له كلمة أخرى في تحديد مصير هذا الرجل الذي ظل يقاوم بشدة ما حدث له.
تمثل الرواية شاهدًا أدبيًّا على تلك الفترة المظلمة من القرن العشرين، وفي الوقت نفسه هي وثيقة تاريخية وحجر الزاوية في الأدب الروائي الأوروبي.
أما الكاتب كورّادو ألفارو فهو مفكر وكاتب وصحافي وسيناريست وشاعر إيطالي. ولد في سان لوكا، وهي قرية صغيرة بجنوب إيطاليا عام 1895، وتوفي في روما عام 1956. كان على درجة عالية من الوعي المدني والأخلاقي والثقافي، لدرجة أنه في الثلاثينات من القرن الماضي قد استشعر ونبّه وندّد بالحالة السيئة التي كانت بصدد الانتشار في أوروبا من خلال كتاباته الأدبية والصحفية، وأيضًا من خلال العديد من الدراسات النقدية. من أعماله: "أهل أسبرومونتي" و"سيدة الجزيرة" و"عشرون سنة". نال جائزة "ستريجا" الأدبية المرموقة عن رواية "شبه حياة عامة".