بعد أن تخرجتا من كلية الإعلام بالعاصمة صنعاء، تقدمت الشابتان سارة الخباط وملاك الحكيمي لعدة إذاعات من أجل الحصول على فرصة عمل، لكن كل إذاعة كانت تطلب منهما تصورًا أوليًا لبرامج مختلفة، ثم تأخذ التصور والأفكار، وبعدها تعتذر معللة بعدم قدرتها على استيعاب موظفين جددًا، أو تطلب منهما العمل بدون مقابل.
أطلقت سارة الخباط الإذاعة في 2016 وأسمتها "هوكة"، وهو اسم مشتق من اللهجة الصنعانية ويعني الشيء الرائع
كانت سارة الخباط تشعر بالصدمة عندما تسمع برامجها تبث في الإذاعات بالاسم نفسه الذي تقدمه للإذاعة من خلال التصورات التي قدمتها، وكذلك ملاك الحكيمي، فقد تعرضتا للاستغلال من قبل العديد من الشباب الذين يديرون الإذاعات في صنعاء.
اقرأ/ي أيضًا: ريهام المختاري.. مهندسة يمنية تخترع سترة لغسيل الكلى بأقل من ربع التكلفة
بعد محاولات عدة للحصول على عمل باءت كلها بالفشل، اتجهت سارة وملاك إلى إنشاء إذاعة خاصة بهما على الإنترنت، تبث برامج اجتماعية وثقافية وتوعوية تحاكي الواقع اليمني المؤلم، وكذلك هموم المغترب اليمني في بلاد المهجر.
"نظرًا لشغفي بالتسجيل والمونتاج وكتابة البرامج ظللت فترة كبيرة أسجل وأكتب وأجهز أفكار ويوم من الأيام فكرت بإنشاء إذاعة من البيت طالما الإنترنت سوف يغنيني عن جهاز البث". تقول سارة الخباط لـ"ألترا صوت".
أطلقت سارة الخباط الإذاعة في العام 2016 وأسمتها "هوكة". الاسم المشتق من اللهجة الصنعانية المتداولة، والتي تعني الشيء الرائع والجميل.
تبث الإذاعة برامجها من المنزل، فكل ما تبحث عنه سارة هو مكان آمن لتسجيل برامجها ومسلسلاتها، وتعمل على لابتوبها الخاص للتسجيل والمونتاج.
برنامج "يمن التعايش" الذي يهدف إلى ترسيخ قيم التعايش والسلام لدى المستمعين من خلال فقراته، وبرنامج "أقدار" الذي يحكي قصصًا من الواقع تدعو إلى عدم اليأس والشعور بالتفاؤل، بالإضافة إلى برنامج "حقيقة في دقيقة" الذي يعرض حقائق علمية وصحية في دقيقة، وبرنامج "هوكه جوبز" الذي يعد حلقة وصل بين الشباب الباحثين عن عمل وأصحاب المحلات والشركات، بالإضافة إلى عدة برامج أخرى، هي أبرز ما باتت تبثه الإذاعة التي تبث أيضًا عدة مسلسلات منها "عز القبيلي بلاده" وهو مسلسل اجتماعي يربط المغتربين بوطنهم، ومسلسل "مبخوت وزوجاته" المسلسل الاجتماعي الكوميدي الذي يحكي مغامرات رجل يمني متزوج بثلاث زوجات من محافظات مختلفة.
تحاول الإذاعة من خلال الأخبار التي تتناولها نقل المستمع إلى واقع مغاير لما تشهده البلاد من قصف ودمار وحرب، فأخبار "هوكة" اجتماعية بطريقة طريفة، ولا يوجد فيها الكلمات التي نسمعها في الأخبار من قتل وقصف وتفجير. تقول الخباط.
وتعمل سارة الخباط وملاك الحكيمي على كتابة السيناريوهات والمونتاج وتسجيل الأصوات بالإضافة إلى الاستعانة ببعض الزملاء لتمثيل بعض الشخصيات.
تقيم الإذاعة عدة أنشطة، منها ورشة تدريبية للشباب عن كيفية التقديم للمنح الصينية، بالتنسيق مع مبادرات وطلاب في الصين، بالإضافة دورة لتقديم الدعم النفسي للشباب بالتنسيق مع مستشفى الأمل، بحسب الخباط.
حاولت سارة وملاك أن يجدا جهة تدعمهما لتوفير جهاز بث للإذاعة، أو البث عبر أثير إذاعة أخرى: "نريد أن نبث حتى ساعة عبر الأثير لم نجد من تعاون معنا من الإذاعات القائمة، وكل إذاعة تريد أن تدخلنا في السياسة لصالحها، ونحن لا نريد أن ندخل في السياسة".
وتضيف سارة: "لا توجد أرباح مادية تجنيها الإذاعة أبدًا، نجمع من مصروفنا تكاليف شراء أي شيء نحتاجه واكتفينا باستخدام حواسيبنا الخاصة لعدم القدرة على توفير الإمكانيات البسيطة كشراء لابتوب حديث وشراء مايك للتسجيل حتى يكون الصوت أكثر وضوحًا".
تطمح سارة الخباط وملاك الحكيمي إلى تقديم مشروع إعلامي يهدف للتعايش والسلام ونشر ثقافتهما في ظل الأوضاع التي تعيشها اليمن من حرب ودمار
وتتابع بحزن تحمله تنهيدة طويلة: "لا يوجد لدينا داعم لتوفير هذا كله، ولا وظائف ولارواتب أيضًا، ما أجبرنا على التوقف عن بث البرامج منذ عدة أسابيع، وتوجهنا لعمل أفكار بديلة فعملنا مسلسل أنميشن، ونعمل على تسجيل برامج ونحتفظ بها، إضافة إلى العمل على إعلانات هادفة ونسوق لها. لدينا الكثير من الأفكار والبرامج المكتوبة والقوالب والنماذج الجاهزة، لكن لم تأت الفرصة لاستئناف العمل ونشرها".
اقرأ/ي أيضًا: الانتحار في اليمن.. احتجاج أخير
تطمح سارة وملاك إلى تقديم مشروع إعلامي يهدف للتعايش والسلام ونشر ثقافتهما في ظل الأوضاع التي تعيشها اليمن من حرب ودمار، وإشاعة جو من البهجة وسط الأوضاع البائسة.
اقرأ/ي أيضًا:
التين الشوكي في اليمن.. فاكهة الفقراء وفرصة العاطلين عن العمل