تحول مقطع فيديو متداول للممثلة المصرية شيماء سيف من برنامج المقالب "الشقلباظ" على قناة "MBC" إلى أزمة بينها وبين الجمهور السوداني.
وظهرت شيماء متنكرة في شخصية سيدة حبلى شديدة السواد، وهي تقوم بالاحتيال على ركاب حافلة صغيرة، والاستيلاء على هواتفهم، قبل أن يتحول الموقف إلى مشاجرة، تنتهي بطلب قُبلة، والتقاط التعابير العفوية.
تعرضت الممثلة المصرية شيماء سيف للهجوم من الجمهور السوداني بسبب ما اعتبروه إساءة للشخصية السودانية
شيماء في البرنامج الذي عرض يوم الجمعة الماضية، رغم أنها لم تشر صراحة إلى أي بلد عربي، بدا وكأنه مستهدف من العمل الدرامي، لكنها أثارت مع ذلك حال سخط الشارع السوداني، باعتبار أنها قصدت الاستهزاء بالفتاة السودانية، وتجسيدها بصورة لا تخلو من عنصرية، إن لم يكن المشهد القصير نفسه امتدادًا لمسلسل تنميط الشخصية السوانية في الدراما العربية، وفقًا لآراء كثير من السودانيين.
اقرأ/ي أيضًا: متلازمات عنصرية الدراما العربية.. تنميط وإساءة للسودانيين
وتعرضت الممثلة المصرية إلى هجوم قوي من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت مرحلة الملاسنات من طرف واحد، وبدا وكأن شيماء ربما لم تدرك حساسية السودانيين في السخرية من أشكالهم ولهجاتهم، ما اضطرها للاعتذار أكثر من مرة، وإغلاق حسابها على فيسبوك، بعد تواصل حملات النقد والهجوم.
وقالت شيماء في تغريدة على تويتر، إنها ممثلة كوميدية ودورها كان كوميديًا، قصدَت المزاح به لا أكثر. وأضافت: "جمهوري السوداني الحبيب من شوية، قريت كمية هائلة من كومنتاتكم (تعليقاتكم)، كلها إهانات وسب وشتائم. وكنت بتمنى أنكم تاخدو الموضوع بشكل كوميدي لأني أنا أكيد مش قاصدة أضايقكم، مش قاصدة أضايق أخواتي وحبايبي"، لتنفي بالمرة أي ذنب لها فيما جرى.
في المقابل انقسم الشارع السوداني الذي تفاعل مع الأزمة، في قبول اعتذار شيماء؛ فمنهم من اعتبر أن الاعتذار جاء بعد بثّ الحلقة وانتشارها وتحت الضغط، والتمادي في تكريس تنميط الشخصية السودانية بصورة مسيئة، ومنهم من التمس لها العذر باعتبارها تؤدي في دور مرسوم، يتحمل فيه معد ومخرج البرنامج القدح الأعلى من المسؤولية.
من جانبه دافع الروائي السوداني هشام آدم، عن دور شيماء في تجسيد أي شخصية تراها، معتبرًا أن للعنصرية وجوهًا كثيرة، ليس من بينها الكوميديا، قائلًا: "نحن تقريبًا نعاني من مشكلة فهم فن اسمه فن الكوميديا، والكوميديا أشكال وأنواع، مثل الموسيقى، فكون إنك بتحب الموسيقى الكلاسيكية والهادية ولا تحب موسيقى الروك، فهذا لا يعني أن الروك ليست موسيقى"، معتبرًا الكوميديا بشكل عام مرتكزة على "المبالغة" و"التضخيم"، لأن المبالغة والتضخيم هي التي "تبين الجانب الكوميدي في الحكاية".
واعتبر آدم سقف الشعب السوداني في التقليد "منخفض جدًا"، وفي إطار بعيد عن المبالغة، وبالضرورة بعيد عن فكرة الكوميديا نفسها، معتبرًا أنه "هنا تكمن المشكلة أيضًا، في فهمنا لما هو مسيء وغير مسيء، لأننا أحيانًا نضحك مع ناصر القصبي وهو يجسد الشخصية السودانية، بعد أن يدهن جسده باللون الأسود، ويحاول تقليد اللهجة السودانية مع بعض المبالغة".
وخَلُص آدم إلى أن "الهجوم على الممثلة شيماء سيف، تجسيد حقيقي لحالة العقدة النفسية وعقدة النقص الموجودة عندنا كسودانيين"، على حد وصفه.
في السياق عينه، قال الكاتب المصري عمار علي حسن، ردًا على تغريدة الإعلامية رفيدة ياسين التي انتقدت فيها ما أسمته "الاستهتار بالشخصية السودانية في الدراما العربية"، معتبرًا تقدير مثقفي مصر وعلمائها وسياسييها للسودان وأهله "فوق أي شبهة".
وقال علي حسن، إن "أمثال هذه الممثلة يسيئون للشعب المصري في الأساس، فبعض الدراما التي يراد منها تغييب عقولنا، تُمعن في السفه والانحطاط، إلى درجة أنها تسيء لكثير من المصريين أنفسهم، ولذا فإن أغلب الناس في مصر يرفضونها، ويعرفون تهافتها"، على حد تعبيره.
وفي أول ردة فعل رسمي، تقدم أحمد رمضان، نائب رئيس رابطة نقاد الفن بنقابة الصحفيين المصرية، بشكوى ضد الفنانة شيماء سيف، اعتراضًا على حلقتها التي أذاعتها ضمن برنامج المقالب التي تقدمه بعنوان "الشقلباظ" على يوتيوب، وما اعتبره أنه "سخرية وتهكم من الشعب السوداني الشقيق".
رأى جانب من الجمهور السوداني أن ما قامت به الممثلة المصرية كأي دور كوميدي ارتكز على المبالغة والتضخيم
وطالب رمضان الجهات المعنية بـ"التدخل السريع لحل الأزمة، واتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم اعتذار رسمي، أو محاسبة شيماء وحذف الحلقة من يوتيوب"، وذلك على خلفية وقفة السودانيين أمام بيت السفير المصري بالخرطوم لإبلاغه اعتراضهم على ما حدث.
اقرأ/ي أيضًا: