دقّت منظمة الأمم المتحدة للطفولة ناقوس الخطر بشأن شلل الأطفال في قطاع غزة المحاصر، حيث لم تتمكّن المنظّمة الأممية من الوصول إلى آلاف الأطفال في شمال قطاع غزة، الذي يفرض عليه جيش الاحتلال حصارًا مطبقًا، يمنع بموجبه دخول الإمدادات من أدوية وغذاء ووقود.
لم يتلقّ الأطفال في شمال غزة اللقاح المضاد للشلل، ووفقًا لتصريحات أدلى بها المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" في القدس، كاظم أبو خلف، فإنّ المرحلة النهائية من الحملة التي تهدف إلى الوصول إلى ما يقدر بنحو 119 ألف طفل تحت سن العاشرة، بات "غير مرجّح مع تدهور الأوضاع في شمال غزة يوما بعد يوم".
وكان من المفترض، حسب اليونيسيف، أن تشمل الجولة الثانية من عمليات التلقيح شمالي القطاع، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد "جرى تقليص المساحة لتشمل فقط مدينة غزة، حيث يقدر عدد الصغار هناك بـ50 ألف طفل"، بينما بقي حوالي 70 ألف طفل في بقية شمالي القطاع، دون الحصول على لقاح".
لم يتلقّ حوالي 70 ألف طفل في شمالي قطاع غزة لقاح شلل الأطفال بسبب المنع الإسرائيلي لدخول الإمدادات
وهذا يعني حسب المتحدث باسم اليونيسيف أنّ "هناك أطفالًا سيفقدون حقوقهم في الحصول على التطعيم، وعليه لن يكونوا محصنين ضد فيروس شلل الأطفال".
ولفتت اليونيسيف، على لسان المتحدث باسمها، إلى أنّ "حظر إسرائيل لعمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أثّر على عمل اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، نظرًا لامتلاكها إمكانيات بشرية ولوجيستية أكبر، للمساهمة في حملة التلقيح وغيرها من الخدمات".
ويُنذر عدم تلقّي الأطفال للّقاح بالمزيد من إزهاق حياة الطفولة في غزّة، فلم تكتف آلة الإجرام الإسرائيلية بالقتل عبر القصف، بل أضافت إليه القتل بالحرمان من الخدمات الصحية والعلاجات واللقاحات الضرورية.
يشار إلى أنّ جيش الاحتلال، قرر في وقتٍ متأخر من يوم أمس السبت تعزيز قواته شمالي قطاع غزة، عبر الدفع بلواء "كفير" الذي ترافقه عدة كتائب مقاتلة وكتيبة مدرّعات مثل لواء 188، وذلك للقتال إلى جانب لواء "غفعاتي" ولواء 401، ليُصبح بذلك عدد الألوية هناك ثلاثة، إضافة إلى الوحدة متعددة المهام والكوماندوز البحري "شايطيت 13".
وتؤكّد هذه التعزيزات استمرار دولة الاحتلال في تنفيذ خطة الجنرالات القاضية بإخلاء شمال غزة من سكانه وتحويله إلى منطقة عسكرية مغلقة.
نداءات إنسانية لا تجد آذانًا صاغية
وقّعت 15 منظمة أممية، بينها يونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي، بيانًا ندّدوا فيها بانهيار الوضع الإنساني شمالي غزة الواقع "تحت حصار مشدّد لمدة شهر تقريبًا، ومحروم من المساعدات الأساسية والإمدادات المنقذة للحياة، مع استمرار عمليات القصف والهجمات الأخرى".
وأكّد بيان الهيئات الأممية أنه خلال الأيام القليلة الماضية فقط، "قتل المئات من الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، وأُجبر الآلاف على النزوح مجددا" في شمال غزة.
وخلُص بيان المنظمات الأممية إلى أنّ السكان في شمال غزة "معرضون لخطر الموت بسبب المرض والمجاعة والعنف"، مطالبين بوقف "الهجوم الإسرائيلي على غزة وعلى العاملين في المجال الإنساني الذين يحاولون تقديم المساعدة".
انتهاكات إسرائيل بحق أطفال فلسطين هي الأسوأ في التاريخ
سبق للجنة حقوق الطفل لدى الأمم المتحدة أن نددت بالانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها "إسرائيل" بحق الطفولة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، معتبرةً أن تلك الانتهاكات هي الأسوأ في التاريخ الحديث.
وأعربت لجنة حقوق الطفل لدى الأمم المتحدة، عبر وثيقة نشرتها، عن قلقها البالغ إزاء ارتفاع عدد الأطفال في غزة الذين قتلوا وشوهوا وجرحوا وفقدوا وتشردوا وتيتموا وتعرضوا للمجاعة وسوء التغذية والأمراض، نتيجة الهجمات العشوائية وغير المتناسبة للقوات الإسرائيلية.
وحثت اللجنة "إسرائيل" على الوقف الفوري عن قتل وإصابة الأطفال الفلسطينيين في غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وغير مقيد إلى القطاع، والسماح بدخول جميع مواد البناء اللازمة لإعادة بناء المنازل والبنية التحتية المدنية والعامة.
وقد صرح نائب رئيس لجنة حقوق الطفل لدى الأمم المتحدة، براغي غودبراندسون، أمام الصحفيين في جنيف، بأن "مقتل الأطفال على هذا النحو الفظيع أمر غير مسبوق، بحسب ما أعتقد"، واصفًا ذلك بأنه "بقعة قاتمة جدًا في التاريخ".
وتابع المسؤول الأممي مضيفًا: "لا أعتقد أننا شهدنا، سابقًا، انتهاكًا بهذا الحجم الهائل الذي نشهده في قطاع غزة"، مؤكدًا أن هذه الانتهاكات "خطيرة جدًا ولا نشهدها كثيرًا".