كشفت شهادات حديثة عن انتهاكات جنسية مروعة تتعرض لها النساء الأوكرانيات في جميع أنحاء البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في 24 شباط/فبراير الماضي. حيث تشير صحيفة الغارديان البريطانية في تحقيق لها إلى استخدام الاغتصاب كسلاح وتكتيك عسكري من قبل الروس بعد تزايد المعلومات والأدلة على وجود كم هائل من جرائم الاعتداء الجنسي.
كشفت شهادات حديثة عن انتهاكات جنسية مروعة تتعرض لها النساء الأوكرانيات في جميع أنحاء البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية
وبحسب الصحيفة فإن هناك أدلة قوية تشير إلى أن المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية شهدت عمليات مروعة مثل عمليات الإعدام السريع واستخدام التعذيب والاغتصاب كسلاح ضد المدنيين. تلك الانتهاكات دفعت المدعي العام الأوكراني والمحكمة الجنائية الدولية إلى التأكيد على عزمهم فتح تحقيق في جرائم العنف الجنسي المُبلغ عنه في المناطق التي تمت استعادتها من القوات الروسية.
وتنقل الصحيفة عن منظمة هيومان رايتس ووتش أنها وثقت حالات عدة لجرائم حرب محتملة على يد القوات الروسية في الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك اغتصاب متكرر وعدة عمليات إعدام تعسفية. ولفتت المنظمة الحقوقية إلى أنها سجلت "انتهاكات قوانين الحرب"، مشيرة إلى "حالة اغتصاب امرأة مرات متكررة وضرب جندي روسي لها، وعمليات إعدام سبعة رجال وحالات عنف أخرى، وتهديدات ضد المدنيين، فضلًا عن عمليات نهب طالت ممتلكات المدنيين".
تصف الغارديان هول ما حدث: "أصيب العالم بالرعب بعد صورة التقطها المصور ميخائيل بالينشاك على طريق سريع على بعد 20 كيلومترًا خارج العاصمة كييف، حيث تراكمت جثث رجل وثلاث نساء تحت بطانية". يتحدث المصور عن أن "النساء كن عاريات وقد احترقت أجسادهن جزئيًا". وتتابع: "تضاف تلك الصورة المروعة إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على استخدام عمليات الإعدام الفوري والاغتصاب والتعذيب ضد المدنيين في المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية. يصعب على الكثيرين فهم حجم العنف الجنسي بشكل خاص في البلدات والضواحي حول العاصمة كييف والتي شهدت انسحاب القوات الروسية من أجل إعادة تركيز المجهود الحربي على شرق أوكرانيا".
وبعد عمليات الانسحاب أبلغت نساء وفتيات الشرطة ووسائل إعلام ومنظمات حقوقية بتعرضهن لاعتداءات جنسية على أيدي جنود روس. تضمنت الشهادات التي جمعها المحققون حدوث عمليات اغتصاب جماعي واعتداءات تحت تهديد السلاح، واغتصاب أمام الأطفال.
لم يقتصر الاعتداء الجنسي على الجنود الروس، ففي بلدة فينيتسا الواقعة غرب البلاد، اتهمت مدرسة عنصرًا في خدمات الدفاع الإقليمي بأنه اقتادها إلى مكتبة المدرسة وحاول اغتصابها، وألقت السلطات الأوكرانية القبض على الرجل لاحقًا.
تتحدث كاترينا تشيريباخا رئيسة منظمة "لاسترادا أوكرانيا" المعنية بدعم الناجيات من الاعتداء الجنسي للصحيفة، بأن "الخط الساخن للمنظمة تلقى عدة مكالمات من نساء وفتيات طلبن المساعدة، ولكن في معظم الحالات كان من المستحيل مساعدتهن شخصيًا بسبب المعارك". وتلفت تشيريباخا إلى أن "الاغتصاب جريمة لا يتم الإبلاغ عنها، هي وصمة عار حتى في الأوقات السلمية"، لذلك فهي تشعر بالقلق من أن "ما خفي ربما يكون أعظم".
تعمل "لاسترادا أوكرانيا" ومنظمات أخرى تعنى بدعم الضحايا في جميع أنحاء البلاد في شبكة تحت مسمى Feminist Workshop عبر الإنترنت ومع الحكومة المحلية لتقديم المعلومات حول الدعم الطبي والقانوني والنفسي المتاح لضحايا الاعتداء الجنسي، وتحاول إيجاد ملاجئ آمنة للنساء والفتيات الهاربات من الحرب والعنف المنزلي.
لكنهم يخشون من أن الصدمة التي يسببها استخدام الاغتصاب كتكتيك عسكري ستؤدي إلى معاناة عميقة في المجتمع الأوكراني لسنوات قادمة. وتقول ساشا كانتسر، مديرة الشؤون الخارجية في فرع لفيف من Feminist Workshop والتي ساعدت مئات النساء والفتيات النازحات منذ اندلاع الحرب، إن "حجم ما يحدث الآن مفجع".
يشار إلى أن تحقيق الغارديان ليس الأول، فقد نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقريرًا تضمن شهادات مماثلة عن الجرائم الجنسية في الحرب، منها قصة سيدة تعرضت للاغتصاب مرارًا وتكرارًا لساعات عدة أمام ابنها.
وروت نتاليا لصحيفة ذا تايمز بصوت خافت خوفًا من أن يسمعها ابنها التفاصيل المروعة التي شهدتها خلال هربها من منزلها الصغير الذي يقع في غابة قرب العاصمة الأوكرانية، كييف. تقول الأم "كان الابن يبكي خلال احتجازه بغرفة، إنه لا يفهم ما حصل قبل ثلاثة أسابيع قبل هروبهما". وتضيف في المكالمة الهاتفية مع الصحيفة "في أماكن لعب الأطفال يقول أولكيسي للناس أننا اضطررنا إلى مغادرة منزلنا بسبب الحرب، وأنه كان هناك لصوص في المنزل، لكن بابا ظل هناك، إنه لا يدرك أن والده مات".
تشير الصحيفة إلى أن نتاليا وأولكيسي اسمان وهميان اختارتهما السيدة الأوكرانية لتروي كيف انقلبت حياتها رأسًا على عقب عندما اقتحم جنود روس منزلها وسرقوه وأطلقوا الرصاص على زوجها، قبل أن يغتصبوها مرارًا وتكرارًا لساعات عدة في 9 آذار/ مارس.
شهادات مروعة عن الجرائم الجنسية في أوكرانيا، منها قصة سيدة تعرضت للاغتصاب مرارًا وتكرارًا لساعات عدة أمام ابنها
وقد أعلنت المدعية العامة لأوكرانيا إيرينا فينديكتوفا عن فتح أول تحقيق رسمي باغتصاب سيدة على أيدي الجنود الروس بعد مقتل زوجها، والمرأة التي ظلت مجهولة الهوية إلى الآن هي نتاليا نفسها، وقد تشكل قضيتها الدعوى القضائية الأولى لاختبار الاعتراف الدولي بهذه الجريمة. فقد تعهد وزير الخارجية الأوكراني ديميترو كوليبا بتحقيق العدالة من خلال المحكمة الجنائية الدولية التي اعترفت بالاغتصاب كجريمة حرب في عام 2008.