06-مارس-2019

من مسيرة الطلبة الجامعيين في مدينة سطيف بالجزائر (ألترا صوت)

ألترا صوت - فريق التحرير

يقترب عدد الطّلبة الجامعيين في الجزائر من مليوني طالب، يتوزّعون على حوالي 100 مؤسّسة جامعيّة في الجهات الأربع للبلاد. وقد جدّدوا، يوم الثلاثاء الماضي، ولاءهم للحراك الشّعبيّ ومطلب إسقاط العهدة الخامسة لرئيس لم يستطع أن يُقدّم ملفّ ترشّحه بنفسه؛ من خلال خروجهم ثانيةً في مختلف المدن، خاصّةً في الجزائر العاصمة، التّي هيمنوا على وسطها، صانعين مشاهد تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التّواصل الاجتماعيّ.

جدد الطلبة الجامعيون في الجزائر ولاءهم للحراك الشعبي بمسيرات حاشدة في مختلف مدن البلاد خاصة الجزائر العاصمة

ردًّا على رسالة الرّئيس

رافق "ألترا صوت" مسيرة الطّلبة في مدينة سطيف، التّي تعدّ ثاني أكبر تجمّع سكّانيّ في الجزائر وتبعد 300 كيلومتر إلى الشّرق من الجزائر العاصمة. 

اقرأ/ي أيضًا: الطّلبة يلتحقون بالحراك الشّعبي ضدّ العهدة الخامسة لبوتفليقة

وانطلقت المسيرة من الجامعة في غرب المدينة إلى وسطها، فتوقفت حركة المرور لكثافة المشاركين، وانطلقت الحناجر مردّدة شعارات جاء في مقدّمتها: "لا دراسة لا تدريس حتّى يسقط الرّئيس"، و"لا نريد لا نريد بوتفليقة والسّعيد"، في ردٍّ منهم على رفضهم مقترح الرّئيس القاضي بإعطائه فرصة عام يقوم خلاله بـ"إصلاحات جذرية"، على حد تعبيره.

تقول الطّالبة ابتسام لـ"ألترا صوت" إنّها لا تستطيع أن تصدّق قدرة الجماعة الحاكمة على القيام بأيّ إصلاح يُذكر خلال عام، "وهي التّي عجزت عن القيام بذلك خلال 20 عامًا"، كما قالت. 

احتجاجات طلبة الجزائر 2019
من المسيرات الأولى لطلبة الجزائر ضمن الحراك الشعبي

وتتساءل باستنكار: "وعد الرّئيس بإصلاح الدّستور، فلماذا لم يفعل ذلك في التّعديلات الدّستوريّة عام 2016؟ ويقول إنّه سيطلق ندوة وطنيّة جامعة، فلماذا لم يفعل ذلك عامًا على الأقلّ من الآن؟ كانت هذه الانتخابات ستكون ثمرة لها".

لذا تعتقد ابتسام أن كلّ ما في الأمر "أنّ جماعة الرّئيس، التّي أخلط الحراك أوراقها، تريد أن تربح وقتًا إضافيًّا لتضمن خروجًا مشرّفًا من جهة، ولتفرض خليفة لبوتفليقة يضمن مصالحها لاحقًا من جهة ثانية".

"سلميتنا رأس مالنا"

بدت المسيرة منظمة بشكل جيد، وقد أكد الطلبة في شعاراتهم على السلمية التي سادت مجمل الحراك الشعبي. يقول الطالب أبو بكر: "تحوّل الخيار السّلميّ إلى عقيدة شعبيّة عامّة، فلا أحد استطاع أن يفرض علينا العنف، إذ حاول أكثر من طرف أن يُقنعنا بأنّ الحكومة لا تفهم إلّا بالعنف، فقمنا بمحاصرة هذه الأصوات، حتّى بات سائدًا أنّ اليد، التّي تمتدّ إلى الحجارة في المسيرات تُضرب فورًا من طرف المتظاهرين".

تدخّل طالب كان يُوزّع زجاجات الماء على الطّلبة بالقول: "كنّا نعبّر عن طريق العنف سابقًا في احتجاجاتنا وفي مقابلات كرة القدم في الملاعب، لأنّ قنوات الحوار كانت مسدودة من طرف القائمين على الشّأن العامّ، وكان اليأس مهيمنًا على النّفوس والعقول". 

واستطرد: "أمّا اليوم فقد استرجعنا زمام المبادرة بأنفسنا، وعلينا أن نحمي مكتسباتنا بالرّوح السّلمية المطلقة"، مضيفًا: "لقد أجريت عدّة مقابلات في إطار البطولة الوطنيّة لكرة القدم في ظلّ الحراك، فهل لاحظت شغبًا من طرف أنصار الفرق الرّياضيّة بما فيها تلك الخاسرة؟".

وشهدت مسيرات الطلبة الجامعيين التحاق الأساتذة والمدرسيين الجامعيين بها، كل يرفع شعارًا سياسيًا موحدًا هو "خروج الرئيس وجماعته من الحكم"، كما قال أستاذ الأدب العربي اليامين بن تومي، مضيفًا: "لقد قاموا -أي جماعة الحكم- بخرابات كثيرة خاصة في مجال التعليم العالي".

الصورة المكرسة للعلاقة المتوتر بين الطالب والأستاذ، والقائمة على الصراع الذي قد يأخذ أحيانًا شكلًا من العنف؛ بدلها الحراك الشعبي. "جعل الحراك هذه الصورة من الماضي. نحن الآن بصدد جامعة جزائريّة تُراجع واقعها وتفرض نفسها في صلاحه، وفي توجيه الشّأن العامّ، بعد أن كانت مجرّد محتشدات لتفريخ الطّلبة البطّالين"، يقول اليامين بن تومي لـ"ألترا صوت".

أعطى الطلبة والأساتذة الجامعيين زخمًا إضافيًا للحراك الشعبي في الجزائر، يزيد من تضييق الحصار الشعبي حول طائفة الحكم الرئاسي

وبالموازاة مع البعدين السياسي والإعلامي للحراك الشعبي الذي انطلق في 22 شباط/فبراير 2019، أعطى الطلبة والأساتذة الجامعيين، بعدًا معرفيًا للحراك، ما يزيد بحسب مراقبين من تضييق الحصار الشعبي حول طائفة الحكم الرئاسي التي يبدو أنها فشلت في إقناع الجزائريين بمنح عبدالعزيز بتوفليقة فرصة أخيرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حجب الإعلانات عن قناتين جزائريتين بسبب تغطيتهما "الواضحة" للحراك الشعبي

بوادر عصيان مدني في الجزائر أمام إصرار النظام على ترشيح بوتفليقة