ألتراصوت- فريق التحرير
تفاعل أردنيون مساء الأحد، 5 أيلول/سبتمبر مع دعوات ناشطين ومؤسسات حقوقية وإعلاميين للاحتجاج عبر تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى رفضًا لتعديلات مقترحة على أنظمة الإعلام من قبل "هيئة الإعلام" الأردنية، والتي تتعلق برسوم ترخيص أنشطة الإعلام والنشر المختلفة، مثل المطابع ودور النشر وحتى مكاتب الدعاية والإعلان، إضافة إلى نظام إجازة ومراقبة المحتوى المرئي والمسموع، والإجراءات الناظمة لمنح رخص البث وإعادة البث الإذاعي والمرئي. وكانت هيئة الإعلام الحكومية في الأردن، قد أثارت الجدل مؤخرًا باقتراح تشدد الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام المواقع الإلكترونية والصحفيين خدمات البث المباشر على تلك الوسائل، وهو ما أثر عاصفة من الانتقادات، حيث رأى ناشطون ومواطنون أن تلك التعديلات والمقترحات تشكل تهديدًا إضافيًا للحريات العامة وحرية التعبير والعمل الإعلامي.
من شأن هذه التعديلات بحسب ناشطين وقانونيين أردنيين التضييق على المواقع الإلكترونية والصحفيين ومختلف أشكال التعبير على الإنترنت
ومن شأن الأنظمة المقترحة، في حال تم إقرارها، أن ترفع رسوم تجديد رخص المواقع الإلكترونية الإخبارية إلى 500 دينار أردني، بزيادة عشر أضعاف عن الرسوم المحددة والتي تدفع مرّة واحدة بحسب نظام المطبوعات والنشر، والتي تبلغ خمسين دينارًا (70 دولار أمريكي). إضافة إلى رفع رسوم ترخيص البث الإذاعي والتلفزيوني عبر الإنترنت إلى 2500 دينار (3500 دولار).
وبحسب ناشطين وقانونيين أردنيين فإن هذه التعديلات تهدف إلى التضييق على المواقع الإلكترونية والصحفيين والمواطنين الصحفيين والناشطين، حيث سيتم فرض قيود على عمل تلك المواقع، على نحو لا يتوافق مع المعايير الدولية لحماية حرية التعبير والصحافة، بحسب بيان صادر عن "مركز حماية وحرية الصحفيين" في الأردن، إضافة إلى فرض رسوم باهظة على ترخيص "النشر عبر الإنترنت"، وهو ما يشمل "البث المباشر" (اللايف)، في صياغة يفهم منها حدّ حريّة المواطنين العاديين من استخدام هذه الخدمة على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم تأكيد طارق أبو الراغب، المدير العام لهيئة الإعلام الأردنية، في حديثه مع وسائل إعلام محلية، عدم وجود توجّه لفرض رسوم أو عقوبات مستحدثة على مستخدمي البث المباشر في منصات التواصل الاجتماعي.
من أبرز التعديلات المثيرة للجدل والتي دفعت العديد من الناشطين للتغريد عبر وسم #أنظمة_الإعلام_مخالفة_للدستور هي تلك التعديلات التي تحاول تنظيم أنشطة البثّ "عبر الإنترنت"، حيث يعرّف البث على الإنترنت بحسب مسودّة النظام على أنّه "إرسال البرامج والأعمال الإذاعية والتلفزيونية بواسطة التقنيات المختلفة بحيث تمكن الجمهور من استقبالها عبر بروتوكولات الإنترنت"، وأن ذلك يحتاج إلى رسوم "رخصة بث" بالملبلغ المذكور أعلاه (2500 دينار). وقد اعترض مركز حماية وحرية الصحفيين على تعريف "البث عبر الإنترنت"، ووصفته في بيان قانوني لها، بأنه يشتمل على عبارات فضفاضة، وأنها ستشمل في حال إطلاقها مختلف أشكال البث على الإنترنت، بما يشمل البث المباشر الذي يقوم به مواطنون صحفيون، أو ناشطون سياسيون على وسائل التواصل الاجتماعي، بما يشكّل مخالفة واضحة للدستور الأردني، حيث ينص في المادة 128 منه على عدم وضع وفرض تشريعات من شأنها تفريغ "الحقوق الدستورية من مضمونها أو تزهق الحقوق والمبادئ التي كفلها الدستور". كما أشار المركز إلى أن التعديلات التي تم الاطلاع عليها بعد نشرها على الموقع الإلكتروني للهيئة "تثير القلق والمخاوف، ولا يمكن أن تسهم في تعزيز المهنية أو الحدّ من الإشاعات أو الإساءة للسمعة"، وأنها ستؤدي إلى تقليص هامش حريّة التعبير الضيق أصلًا في البلاد، بحسب تقارير دولية، والحد من فضاء الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي واستخداماتها.
كما أكّد رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين، نضال منصور، عبر حسابه على تويتر، أن التعديلات التي يجري الحديث عنها تستهدف تعزيز سيطرة الجهات الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، وأكّد على أن التعديلات تتضمن مسًا بالدستور الأردني ومبادئه، وتتعارض مع المعاهدات الدولية.
وأكدت مطالعة قانونية نشرها مركز حماية وحرية الصحفيين، أن إخضاع البث عبر الإنترنت للترخيص يعد "سابقة خطيرة تخالف الدستور والقانون"، حيث إن قانون المطبوعات والنشر، الذي يتضمن مواد تتعلق بترخيص المواقع الإلكترونية، لم يحدد مدة زمنية لصلاحية الرخصة، ولم يشترط تجديدها، وأن القانون يمنح هذه الرخصة للمواقع الإلكترونية لمرّة واحدة. وطالبت المطالعة الصادرة عن المركز الحكومة الأردنية بالمبادرة بسحب الأنظمة المقترحة وإعادة النظر بها "بما يتواءم مع القانون والحقوق الدستورية وضمانات حرية الإعلام والإنترنت في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن".
الصحفي الأردني باسل رفايعة أشار إلى أن أنظمة الإعلام المقترحة تمثل "الاستبداد بأقصى توحشه واستهتاره بالحقوق" وأن التضييق على حرية التعبير سيشمل حتى "أنين الجوعى".
أما المحامي والناشط عمر العجلوني فذكّر بأن الأردن يحتل المرتبة 129 في مستوى حرية الصحافة مشيرًا إلى أن الحكومة ربما تريد عبر هذه الأنظمة "أن يصل إلى الترتيب الأخير عالمياً"
كما أشارت القانونية الأردنية نور إمام إلى أن الدستور الأردني يكفل الحريات وتضمنت المادة ١٢٨ منه حماية الحريات تشريعيا، ولا يجوز أن يصدر قانون او نظام يقيد الحريات الأردن ستكون الدولة الأولى في العالم التي تقيد حرية البث عبر الانترنت
يذكر أن مركز حماية وحرية الصحفيين الأردنيين قد أطلق مؤخرًا تقريره الخاص بمؤشر حرية الإعلام في الأردن، والذي استعرض حجم التضييق والانتهاكات التي يتعرض لها العاملون في القطاع الصحفي في الأردن، حيث خلص التقرير إلى أنّ الإعلام في الأردن "مقيّد".
حماية الصحفيين: تشكل التعديلات في حال إقرارها مخالفة واضحة للدستور الأردني، حيث ينص في المادة 128 منه على عدم وضع وفرض تشريعات من شأنها تفريغ "الحقوق الدستورية من مضمونها أو تزهق الحقوق والمبادئ التي كفلها الدستور
وأفاد التقرير الذي نشر في أيار/مايو الماضي أن الحكومات المتعاقبة فشلت في ضمان حرية وسائل الإعلام والصحفيين واستقلاليتهم، بل إنها تعمل عبر التشريعات إلى فرض المزيد من القيود على العمل الصحفي، إضافة إلى الصمت المستمر عن الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون، في ظل عدم وجود أي ضوابط على تدخل أجهزة الأمن بعمل وسائل الإعلام وعمل الصحفيين.
اقرأ/ي أيضًا:
بدعوة من الأردن.. وزير الخارجية التركي في عمّان لبحث تطوير العلاقات الاقتصادية