تحتل الصين المرتبة الأولى في سجن الصحفيين في العالم للعام الثاني على التوالي، إذ اعتقلت العديد من الصحفيين بسبب تغطيتهم لأخبار جائحة كوفيد - 19. هذا وفقًا لمسح سنوي أجرته لجنة حماية الصحفيين، حيث يقول المسح أن الصين سجنت ما لا يقل عن 47 صحفيًا هذا العام.
تعتمد السلطات في الصين أسلوب الطرد والحرمان من التأشيرات وتصاريح العمل بحق الصحفيين الأجانب
من بين الصحفيين المسجونين في الصين، يقضي العديد منهم أحكامًا طويلة أو يتم احتجازهم دون الكشف عن التهم الموجهة إليهم. ومنهم من لم يعرف عنهم أي معلومات، أو من المعروف أنهم محتجزون في ظروف مروعة، بما في ذلك أولئك الذين تم اعتقالهم بسبب الإبلاغ عن إغلاق ووهان كما حصل مع اعتقال "جانغ جان" في شهر آيار/مايو 2020 بعد الإبلاغ عن تفشي فيروس كورونا. كانت جان قد بدأت في نشر تقارير من ووهان على موقعي تويتر ويوتيوب حسب ما جاء في بيان "المدافعون الصينيون عن حقوق الإنسان" مما شكل تهديدًا للرواية الرسمية لاستجابة العاصمة بكين تجاه الحدث. وتضمنت مقاطع الفيديو التي نشرتها الصحفية المعتقلة مقابلات مع أصحاب أعمال وعمال تحدثوا عن الأثر الذي يحدثه فيروس كورونا واستجابة الحكومة إليه.
اقرأ/ي أيضًا: 2020 سنة "غير سعيدة" على الصحافة الورقية
كما تمتد انتهاكات الحكومة الصينية للحريات الصحفية إلى هونغ كونغ، إذ قال ماثيو روديير، الصحفي الذي غطى احتجاجات هونغ كونغ "إن العنف ضد الصحفيين في هونغ كونغ كان مدفوعًا إلى حد كبير بحكومة لها تاريخ سيئ تجاه وسائل الإعلام". وكانت شرطة هونغ كونغ قد اعتقلت المنتجة التلفزيونية "باو تشوي يوك لينج"بتهمة الإدلاء بأقوال كاذبة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 وفتشت منزلها. وأضاف روديير "مع اتخاذ الحكام المستبدين من لغة "الأخبار الكاذبة" مسوغًا لتبرير أعمالهم ظل عدد الصحفيين الذين يسجنون بتهمة نشر أخبار كاذبة يرتفع بثبات في الصين". ففي السنة الحالية، سجن 34 صحفيًا بسبب نشر أخبار كاذبة مقارنة بـ 31 صحفيًا في العام الماضي.
وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، اتهمت شرطة هونغ كونغ "نيلسون تانغ" بعرقلة عمل الشرطة ومقاومة الاعتقال أثناء احتجاج في إحدى المراكز التجارية المركزية. وتجدر الإشارة إلى أن "نيلسون تانغ" طالب صحفي في مجلس تحرير اتحاد طلاب جامعة هونغ كونغ. كما اعتقلت الشرطة الصينية صحفية أخرى في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر 2020 تعمل في إحدى وسائل الإعلام الرقمية، ويعتقد أن اعتقالها كان على صلة بتغطيتها للاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين خلال احتجاج في مونجكوك في 10 آيار/مايو 2020.
تلجأ السلطات في الصين إلى حملات الاعتقال والاحتجاز فترات طويلة للصحفيين المحليين من أجل التحكم الكامل في الرواية التي تنشر عن الأحداث فيها
كذلك اعتقلت السلطات الصينية في شهر آب/أغسطس من هذا العام المواطنة الأسترالية تشينغ لي، مذيعة نشرة أخبار الأعمال في شبكة التلفزيون الصينية العالمية التي تديرها الدولة، بزعم تعريضها الأمن القومي للخطر وسط توتر في العلاقات بين الصين وأستراليا، مما جعلها ثاني صحفي أسترالي يتم اعتقاله بعد المدون يانغ هينغجون، الموقوف منذ كانون الثاني/ يناير 2019 بتهمة التجسس.
طرد الصحفيين
ووفق مقال نشر في صحيفة الغارديان البريطانية فقد طردت الصين هذا العام ما لا يقل عن 13 صحفيًا فيما يعد انتقامًا غير مسبوق ضد وسائل الإعلام الأمريكية العاملة على الأراضي الصينية. وأعلنت الحكومة أن جميع الصحفيين الأمريكيين الذين يعملون في "نيويورك تايمز وواشنطن بوست وول ستريت جورنال" الذين كانت أوراق اعتمادهم قيد التجديد هذا العام سيكون لديهم 10 أيام لتسليم بطاقاتهم الصحفية، وهو إجراء يمنعهم فعليًا من الدخول إلى البلاد وإجراء التقارير الصحفية.
اقرأ/ي أيضًا: وصول عدد الصحفيين المعتقلين خلال سنة 2020 إلى رقم قياسي جديد عالميًا
ومن خلال طرد الصحفيين وإبقاء الآخرين في حالة من عدم اليقين بشأن التأشيرات، تستخدم الصين سلطاتها بشكل علني في محاولة للتأثير على التغطية الإخبارية الخارجية، عبر معاقبة أولئك الذين ينشرون المعلومات التي تراها السلطات غير مواتية وترغب في التزام الصمت التام تجاه كل ما ينقل للجمهور. وقالت ناتاشا قاسام، الدبلوماسية الأسترالية والباحثة في "معهد لوي" في سيدني: "هذا يتعلق أكثر بشعور الصين بأن لديها القدرة على فعل ما تريد دائمًا القيام به، وهو الحد من التقارير النقدية داخل الصين".
بشكل مختصر، يمكن القول أن عام 2020 كان عامًا قياسيًا بالنسبة لعدد الصحفيين المسجونين، ليس فقط في الصين، بل على مستوى العالم. فحتى الأول من ديسمبر/كانون الأول، كان ما لا يقل عن 274 صحفيًا وراء القضبان بسبب عملهم، وفقًا لاستطلاع لجنة حماية الصحفيين. ولا يشمل هذا الرقم من تم القبض عليهم وإطلاق سراحهم أو الإفراج المشروط أو الاعتداء عليهم أثناء تأدية مهامهم. كما تم استهداف الصحفيين في بيلاروسيا حيث تم اعتقال العشرات. وسجن سبعة على الأقل في إثيوبيا، معظمهم متهمون بمناهضة جرائم الدولة. وخمسة عشر صحفيًا في السجن في إيران حيث تم إعدام "روح الله زم" في 12 كانون/الأول/ديسمبر 2020 بعد أن واجه 17 تهمة من بينها التجسس ونشر أخبار كاذبة في الخارج. ثم مصر التي أبقت صحفيين غير مدانين بأية جريمة قيد الاحتجاز لمدد طويلة جدًا، ومن ثم جاءت السعودية من حيث استهداف الصحفيين.
اقرأ/ي أيضًا:
"الأخبار الكاذبة" عن كوفيد - 19 من أكبر معارك الصحافة في 2020
ما هي أكثر مواقع إلكترونية زارها متصفحو الإنترنت عالميًا في 2020؟