24-سبتمبر-2024
طبيب عيون

(AP) الطبيب إلياس جرادة مع طاقم طبي يجرون عملية جراحية لأحد المصابين

عمل طبيب العيون، إلياس جرادة، على مدار الساعة، محاولًا مواكبة علاج الأشخاص الذين أصيبت أعينهم جراء سلسلة انفجارات أجهزة النداء والاتصال اللاسلكية من طراز "بيجر" و"أيكوم"، منتصف الأسبوع الماضي، في جميع أنحاء لبنان، وفقًا لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.

وبحسب "أسوشيتد برس"، فإن جرادة عمل على مدار 24 ساعة منذ نحو أسبوع تقريبًا. ولم يعد قادرًا على إحصاء عدد عمليات العيون التي أجراها في مستشفيات عديدة، حيث كان ينتهز الفرصة بين الفينة والأخرى للنوم ساعتين قبل أن يشرع في العملية الجراحية التالية، واستطاع إنقاذ عيون بعض المصابين، لكن كثيرين منهم فقدوا حاسة البصر إلى الأبد.

وقال جرادة للوكالة الأميركية من مستشفى في بيروت، الأسبوع الماضي، وهو يغالب دموعه: "لا شك أن ما حدث كان مأساويًا للغاية، عندما ترى هذا العدد الهائل من الأشخاص المصابين بجروح في العين يصلون في نفس الوقت إلى المستشفى، ومعظمهم من الشباب والأطفال والشابات".

كان جرادة كان ينتهز الفرصة بين الفينة والأخرى للنوم ساعتين قبل أن يشرع في العملية الجراحية التالية، واستطاع إنقاذ عيون بعض المصابين، لكن كثيرين منهم فقدوا حاسة البصر إلى الأبد

وبحسب "أسوشيتد برس"، فإنه رغم أن الانفجارات كانت مصممة فيما يبدو لاستهداف مقاتلين من "حزب الله"، فإن العديد من الضحايا كانوا من المدنيين، فيما عانى العديد من المصابين في الهجوم من إصابات في أيديهم ووجوههم وأعينهم، لأن الأجهزة تلقت رسائل قبل انفجارها مباشرة، لذا فقد كانوا ينظرون إليها أثناء انفجارها.

ونقلت الوكالة الأميركية عن أطباء العيون اللبنانيين المخضرمين الذين تعاملوا مع عواقب الحروب المتعددة والاضطرابات الأهلية والانفجارات، أنهم لم يشهدوا أوضاعًا مماثلة مثل هذه من قبل.

وقال جرادة، وهو أيضًا نائب برلماني يمثل جنوب لبنان كإصلاحي، إن معظم المرضى الذين تم إرسالهم إلى مستشفاه المتخصص في طب العيون، كانوا من الشباب الذين أصيبوا بأضرار جسيمة في إحدى العينين أو كلتيهما، وأوضح الطبيب أنه وجد شظايا بلاستيكية ومعدنية داخل بعض العيون، وفقًا لـ"أسوشيتد برس".

وقبل أربع سنوات، هز انفجار قوي مرفأ بيروت، ما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة ما يزيد على ستة آلاف آخرين، وقد أدى الانفجار، الناجم عن احتراق مئات الأطنان من نترات الأمونيوم التي تم تخزينها بشكل غير آمن في مستودع بالمرفأ، إلى تحطيم النوافذ والأبواب لأميال حولها، إضافة إلى تدفق شلالات من شظايا الزجاج إلى الشوارع، ما أدى إلى إصابات مروعة.

وقام جرادة بمعالجة الأشخاص الذين أصيبوا في انفجار المرفأ، لكن تجربته مع الجرحى بسبب انفجار أجهزة النداء الآلي وأجهزة الاتصال اللاسلكية كانت أكثر كثافة بسبب العدد الهائل من الأشخاص الذين يعانون إصابات في العيون.

وقال جرادة لـ"أسوشيتد برس": "أعتقد أن احتواء الصدمة بعد انفجار مرفأ بيروت استغرق 48 ساعة بينما لم نصل إلى فترة احتواء الصدمة حتى الآن"، مضيفًا أنه وجد صعوبة في فصل عمله كطبيب عن عواطفه في غرفة العمليات.

وختم جرادة حديثه مع الوكالة الأميركية بالقول: "بغض النظر عما علموك إياه في كلية الطب بشأن إبعاد نفسك، أعتقد أنه في موقف كهذا، يكون الأمر صعبًا للغاية عندما ترى الأعداد الهائلة من الجرحى. هذا مرتبط بحرب على لبنان وحرب على الإنسانية".

وكانت المستشفيات والكوادر الطبية قد واجهت موجة طوارئ غير مسبوقة بعد أن انفجرت آلاف أجهزة النداء والاتصال اللاسلكية، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن سقوط نحو 39 شهيدًا وشهيدة، فضلًا عن إصابة أكثر من ثلاثة آلاف آخرين بجروح، دون أن تشير وزارة الصحة إلى عدد الأشخاص الذين فقدوا بصرهم، ويعتقد كثيرون أن "إسرائيل" شنت هذا الهجوم رغم أنها لم تؤكد ولم تنف تورطها، وفقًا للوكالة ذاتها.