11-مايو-2024
معتقل سديه تيمان

(cnn) ينفذ الاحتلال عمليات تعذيب وتفتيش دورية بهدف الانتقام من أسرى غزة

كشف تقرير جديد، عن ظروف تعذيب صعبة ومروعة في معتقل سديه تيمان الإسرائيلي المقام في صحراء النقب، والذي يعتقل فيه أهالي قطاع غزة. إذ تكشف الصور المسربة عن اعتقال الأسرى في أقفاص، مع منعهم من الحديث أو الحركة، بالإضافة إلى عدم حصولهم على الرعاية الطبية المناسبة، وتعرضهم إلى عملية بتر في الأطراف نتيجة ظروف الاعتقال.

وقال إسرائيلي كان في يتواجد في معسكر الاعتقال لـ"سي إن إن" إن "الروائح الكريهة تملأ مركز الاعتقال التي يحشر فيها الرجال معصوبي الأعين، ويمنعون من التحدث والحركة". مضيفًا: "قيل لنا أنه لا يُسمح لهم بالتحرك. يجب أن يجلسوا في وضع مستقيم. لا يسمح لهم بالتحدث. ولا يُسمح لهم بإلقاء نظرة خاطفة تحت عصب أعينهم".

وأضاف المصدر أن الحراس تلقوا تعليمات "بالصراخ، اسكتوا باللغة العربية، وطُلب منهم اختيار الأشخاص الذين يثيرون المشاكل ومعاقبتهم".

في معسكر سديه تيمان الإسرائيلي، عمليات بتر الأطراف الناجمة عن تكبيل الأيدي بشكلٍ مستمرة، والإجراءات الطبية يقوم بها أحيانًا أطباء غير مؤهلين

وبحسب "سي إن إن"، فإن عمليات بتر الأطراف الناجمة عن تكبيل الأيدي بشكلٍ مستمرة، والإجراءات الطبية يقوم بها أحيانًا أطباء غير مؤهلين، ويمتلئ الهواء برائحة الجروح المهملة التي تركت لتتعفن.

ووفقًا للروايات، فإن معسكر الاعتقال يقع على بعد حوالي 18 ميلًا من حدود غزة مقسم إلى قسمين: الأول، حاويات حيث يتم وضع حوالي 70 أسيرًا فلسطينيًا من غزة تحت قيود جسدية شديدة، ومستشفى ميداني حيث يتم ربط المعتقلين الجرحى إلى أسرتهم، ويرتدون حفاضات،  و"يتم تغذيتها من خلال قشة".

وقال أحد المبلغين، الذي كان يعمل طبيبًا في المستشفى الميداني بالمنشأة: "لقد جردوهم من أي شيء يشبه البشر". وأضاف آخر: "الضرب لم يكن لجمع معلومات استخباراتية. لقد تم ذلك بدافع الانتقام. لقد كان عقابًا على ما فعلوه (الفلسطينيون) في 7 تشرين الأول/أكتوبر وعقابًا على السلوك في معسكر الاعتقال".

من جانبه، قال طبيب محمد الران، الذي اعتقل في سديه تيمان: "كنا نتطلع إلى الليل حتى نتمكن من النوم. ثم تطلعنا إلى الصباح على أمل أن يتغير وضعنا". وبعد أسبوع من اعتقاله، أمرته سلطات المعتقل بالعمل كوسيط بين الحراس والسجناء، ولهذا السبب، قال الران إنه حصل على امتياز خاص إذ "تمت إزالة العصابة عن عينيه". وقال إن هذا نوع آخر من الجحيم. موضحًا: "كان جزءًا من تعذيبي هو قدرتي على رؤية كيف يتم تعذيب الناس. في البداية لم تتمكن من الرؤية. لم تتمكن من رؤية التعذيب والانتقام والقمع. عندما أزالوا العصبة عن عيني، استطعت أن أرى مدى الذل والإهانة... استطعت أن أرى إلى أي مدى كانوا ينظرون إلينا كحيوانات وليس كبشر".

وعن العقوبات، أشار التقرير إلى أنه يُؤمر الأسير الذي يتحدث إلى شخص آخر برفع ذراعيه فوق رأسه لمدة تصل إلى ساعة. وفي بعض الأحيان يتم ربط يدي الأسير بسياج.

وعن عمليات التفتيش الدورية، قال الطبيب الران وعنصر آخر: "التفتيش الروتيني الذي كان يقوم فيه الحراس بإطلاق العنان لكلاب كبيرة على المحتجزين النائمين، وإلقاء قنبلة صوتية على السياج أثناء اقتحام القوات". ووصف الران هذا بأنه "التعذيب الليلي".

وقال عنصر عمل في معسكر الاعتقال: "لقد كانت وحدة خاصة من الشرطة العسكرية هي التي قامت بما يسمى بالتفتيش. ولكن في الحقيقة كان ذلك ذريعة لضربهم. لقد كان الوضع مرعبًا".

وقال أحد المسعفين الذين عملوا في سديه تيمان: "ما شعرت به عندما كنت أتعامل مع هؤلاء المرضى هو فكرة الضعف التام". وأضاف لـ"سي إن إن": "إذا تخيلت نفسك غير قادر على الحركة، وغير قادر على رؤية ما يحدث، وأنك عارٍ تمامًا، فهذا يتركك مكشوفًا تمامًا. أعتقد أن هذا شيء يقترب من التعذيب النفسي، إن لم يكن يتجاوزه".

وقال مبلغ آخر إنه أُمر بإجراء إجراءات طبية على المعتقلين الفلسطينيين وهو غير مؤهل للقيام بذلك. وأوضح: "لقد طُلب مني أن أتعلم كيفية القيام بالأشياء على المرضى، وإجراء إجراءات طبية بسيطة خارج نطاق خبرتي تمامًا"، مضيفًا أن ذلك يتم في كثير من الأحيان دون تخدير. وقال: "إذا اشتكوا من الألم، فسيتم إعطاؤهم الباراسيتامول [مسكن]".

وأشار نفس المبلغ إلى أنه شهد عملية بتر لرجل أصيب بجروح ناجمة عن الربط المستمر لمعصميه. وتتوافق الرواية مع تفاصيل رسالة كتبها طبيب يعمل في سديه تيمان ونشرتها صحيفة "هآرتس" في نيسان/أبريل.

وجاء في الرسالة الموجهة إلى النائب العام الإسرائيلي ووزارتي الصحة والأمن، بحسب صحيفة هآرتس: "منذ الأيام الأولى لتشغيل المنشأة الطبية وحتى اليوم، واجهت معضلات أخلاقية خطيرة. وأكثر من ذلك، أكتب (هذه الرسالة) لأحذركم من أن عمليات المنشآت لا تتوافق مع قسم واحد من بين تلك التي تتعامل مع الصحة في قانون حبس المقاتلين غير الشرعيين".

وقال المبلغون عن المخالفات أيضًا أنه طُلب من الفريق الطبي الامتناع عن التوقيع على المستندات الطبية، مما يؤكد التقارير السابقة الصادرة عن مجموعة أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل (PHRI). أوضح مصدر "سي إن إن"، أنه قيل له "أنت لا توقع على أي شيء، ولا يوجد أي تحقق من السلطة. إنها جنة للمتدربين، لأنك تفعل ما تريد".

يشار إلى أن سديه تيمان ومعسكرات الاعتقال العسكرية الأخرى ظلت محاطة بالسرية منذ إنشائها. وقد رفضت إسرائيل طلبات الكشف عن عدد المعتقلين المحتجزين في تلك المنشآت، أو الكشف عن مكان وجود أسرى غزة.

وعقدت المحكمة العليا الإسرائيلية، الأربعاء الماضي، جلسة استماع ردًا على الالتماس الذي تقدمت به منظمة "هموكيد" الحقوقية الإسرائيلية، للكشف عن مكان وجود فني أشعة تم اعتقاله من مستشفى ناصر بجنوب غزة في شباط/فبراير الماضي. وكانت هذه أول جلسة محاكمة من نوعها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وكانت المحكمة العليا في إسرائيل قد رفضت في السابق أوامر المثول أمام القضاء التي تم تقديمها نيابة عن عشرات الفلسطينيين من غزة المحتجزين في أماكن مجهولة.

وقال المحامي الإسرائيلي في مجال حقوق الإنسان والمدير التنفيذي للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل تال شتاينر، إن حالات الاختفاء "تسمح بحدوث الفظائع التي سمعنا عنها".

وتوفر صور الأقمار الصناعية مزيدًا من المعلومات حول معسكر "سديه تيمان"، وتكشف أنه في الأشهر التي تلت بدء الحرب، تم بناء أكثر من 100 مبنى جديد، بما في ذلك خيام كبيرة وحظائر. وأظهرت مقارنة الصور الجوية من 10 أيلول/سبتمبر 2023 و1 آذار/مارس من هذا العام زيادة كبيرة في عدد المركبات في معسكر الاعتقال. أظهرت صور الأقمار الصناعية المأخوذة في تاريخين في أوائل كانون الأول/ديسمبر أن أعمال البناء جارية.

بدورها، قالت حركة حماس: إن "ما كشفه تقرير شبكة سي إن إن الأميركية، أمس الجمعة، عن حالة التعذيب والوحشية التي يتعامل بها جيش الاحتلال الصهيوني المجرم مع المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة، والذين يحتجزهم في معتقلات سرية، لا تخضع لأية رقابة، ويرتكب فيها أبشع أشكال التعذيب والسادية التي لا يمكن للإنسانية أن تستوعبها، هو ليس سوى جزء ضئيل من الفظائع التي تُقترف بحق هؤلاء المعتقلين".

وأضافت حماس: "هذا التحقيق مضافًا له الشهادات المروعة التي رواها من أُفرج عنهم مؤخرًا من تلك المعتقلات السرية، التي هي أشبه بمسالخ بشرية تتجاوز جرائم وفظائع النازية، ليستدعي من المنظمات الحقوقية الدولية توثيق هذه الجرائم، ورفع الصوت عاليًا لفضح هذه الممارسات اللا إنسانية".

وتابع بيان حماس: "إن ارتكاب هكذا فظائع ليس مجرد إخفاق للمجتمع الدولي بكافة مؤسساته أو أنها وصمة عار في جبين الإنسانية، بل يتعدى إلى تهديد السلم الدولي عبر السماح لهؤلاء القتلة والفاشيين الإفلات من العقاب".

وأكد بيان على أن "الحق في محاسبة هذا الكيان المارق لن يسقط بالتقادم، ولن تُمحى هذه الفظائع من ذاكرة الشعوب والأجيال، وسيأتي اليوم الذي يُحاسب فيه هؤلاء المجرمون على ما ارتكبوه بحق شعبنا وبحق الإنسانية".