لا حديث للمغاربة هذه الأيام سوى عن الفاجعة التي شهدتها قرية "سيدي بولعلام" نواحي مدينة الصويرة جنوبي المغرب، إذ شهدت القرية قبل نحو يومين حادث تدافع أدى إلى مصرع 15 امرأة وإصابة خمسة أخريات بإصابات متفاوتة الخطورة، وذلك خلال عملية توزيع مساعدات غذائية، عبارة عن كيس دقيق وزيت وسكر، ثمنها لا يتعدى 15 دولارًا، نظمتها إحدى الجمعيات المحلية بالسوق الأسبوعية.
شهدت مدينة الصويرة جنوب المغرب قبل نحو يومين فاجعة تمثلت في حادث تدافع أودى بحياة 15 امرأة وإصابة خمسة أُخريات
فجاعة الحادث دفعت السلطات لفتح تحقيق تحت إشراف النيابة العامة، لمعرفة ظرفه وملابساته وتحديد المسؤول عن هذه الوفيات والإصابات.
اقرأ/ي أيضًا: من "كوميرا" إلى حراك الريف.. هذه انتفاضات الجوع بالمغرب
وأدت فاجعة الصويرة إلى غضبٍ واستياء عارم بين المغاربة، انتقلت مشاعره لمواقع التواصل الاجتماعي، فعلقت الناشطة هدى كنفود على الفاجعة قائلةً: "في موطني تموت النساء من أجل لقمة العيش، فلطالما سمعنا المثل الذي ظل آباؤنا وأجدادنا يرددونه: (الجوع لا يقتل)، لكن الجوع كشّر عن أنيابه فجأة ولم يعد أليفًا، الجوع أصبح وحشًا مفترسًا. الجوع قتل نساء تدافعن من أجل إبعاده عنهن".
وأضافت كنفود في تدوينة لها على فيسبوك: "نساء بلدي قهرهن الجوع، فخرجن للتسول ولمد أيديهن نحو المتصدق، لربما فزن بقفة شاحبة باهتة تسكت جوعهن للحظات، ثم يعدن للتسول وللبحث عن لقمة عيش بئيسة".
وكتب النقابي يونس الحبوس في تدوينة على فيسبوك، مُعلقًا على الحادث المأساوي: "إما أن تجهزوا أدوات الخلاص، التي نحن عزل منها؛ أو اعتبروا أن حادثة الصويرة ما هي إلا بروفة لحوادث أخرى، أو حلقة أخرى ضمن سلسلة حوادث القتل المتنقل في ردهات وطن منهوب مثل: حافلة زاكورة، حريق روزامور، حافلة طانطان"، وهذه الثلاث الأخيرة كوارث إنسانية عرفها المغرب.
وأوضح: "أدوات خلاصنا هي أدوات نضالنا النقابي والاجتماعي والثقافي والسياسي. أدوات خلاصنا هي برامج بديلة عن كل تلك التي يفرضها نظام المديونية والتبعية".
من جانبها اعتبرت الحقوقية بشرى عبدو أن الفاجعة، وبالإضافة لضحاياها من الأرواح، فإن كرامة المواطن المغربي ضحية لها أيضًا، إذ قالت: "نرفض هذا النوع من الصدقات، ولكن أي بديل اشتغلن عليه للإدماج، من أجل أن تكون هؤلاء النسوة في ساحات النضال عوض التزاحم والدوس على كرامتهن حتى الموت".
كما عرفت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، وخصوصًا فيسبوك، انتشارًا واسعًا لوسم (هاشتاغ) "#ما_تعطينيش_القفة_عطيني_حقي_من_الثروة"، أي "لا تعطيني صدقة بل أعطني حقي من الثروة".
أمّا سبب انتشار كلمة "ثروة" على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب وربطها بفاجعة الصويرة، فهو إعلان السلطات المغربية قبل أيام، عن القيمة الإجمالية لثروة المغرب، وذلك إجابة على سؤال ملكي خلال خطاب سنة 2014، مفاده: "أين الثروة؟"، إذ تقدّر الثروة الإجمالية للمغرب في العام 2013، بحوالي 13 تريليون درهم، في الوقت الذي تشهد فيه مدينة الصويرة، وغيرها فقرًا متعدد الأبعاد بحسب الإحصاءات الرسمية، وعلى رأسها إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، والتي كشفت عن أن الصويرة تعد إحدى مناطق المغرب التي تعاني فقرًا شديدًا بشتى أنواعه.
يعاني أربعة ملايين مغربي من فقر متعدد الأبعاد، بينهم حوالي 500 ألف يعيشون فقرًا مدقعًا على كافة المستويات
وقد أفضت نتائج تقرير بحثي للمدنوبية السامية للتخطيط، إلى أن أكثر من أربعة ملايين مغربي يعانون الفقر متعدد الأبعاد، بينهم حوالي 500 ألف شخص يعانون الفقر المزدوج (نقدي ومتعدد الأبعاد)، والذي يُعد فقرًا مدقعًا. هذا وتعتبر الصويرة الرابعة من حيث الفقر متعدد الأبعاد في البلاد، بعد كل من شفشاون وتاونات ومولاي يعقوب.
اقرأ/ي أيضًا: