ودّعت الأرجنتين بطولة كأس العالم 2018 من الباب الخلفي، وذلك بعد خسارتها أمام فرنسا في دور الستة عشر في مباراة مثيرة، إذ شهد اللقاء تسجيل 7 أهداف بواقع 4-3 للفرنسيين، وهي المرّة الأولى التي تنتهي بها مباراة في تاريخ كأس العالم بهذه النتيجة في الوقت الأصلي.
تأهّلت فرنسا بسهولة لدور الستة عشر بعد تصدّرها لمجموعة حوت الدانمارك والبيرو وأستراليا، فيما ذاقت الأرجنتين الأمرّين وتعرّضت لفضيحة كروية أمام كرواتيا، قبل أن تضمن مكاناً لها في هذا الدور، وهنا توقّع الكثيرون أن التانغو سيعود لأدائه الطبيعي في الأدوار الإقصائيّة، فقد تخلّص من ضغوطٍ كبرى لازمته في دور المجموعات، وسيتحرّر منها أمام فريق مدجج بالنجوم كفرنسا، لكنّ المهمّة تبدو بالغة الصعوبة، إذ ضمّت تشكيلة فرنسا 3 من أغلى 5 لاعبين في العالم، وهم بول بوغبا وديمبلي و كيليان مبابي، كذلك تحوي في منتصف الملعب نغولو كانتي أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي بالموسم قبل الماضي، ويضمّ دفاعها نجمي برشلونة وريال مدريد، وهما رافائيل فاران وأومتيتي.
اعتزل النجم الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو اللعب دوليّاً فور نهاية المباراة مع فرنسا
بدأت فرنسا المباراة بقوّة عندما نفّذ المهاجم أنطوان غريزمان ضربة حرّة مباشرة ارتطمت بالعارضة، وما هي إلا لحظات حتى تسبب منقذ الأرجنتين أمام نيجيريا ماركوس روخو بركلة جزاء لصالح الديوك، عندما عرقل اللاعب الموهوب كيليان مبابي، فانبرى غريزمان للركلة معلناً تقدّم فريقه بهدف في الدقيقة 13.
كادت فرنسا أن تنهي اللقاء عندما سنحت لها ركلة حرّة مباشرة، لكن تنفيذ بول بوغبا لها لم يكن على قدر طموح الديوك، فعلت تسديدته العارضة الأرجنتينية، بعدها عادت الأرجنتين لأجواء المباراة واستحوذت على اللعب دون قدرتها على فكّ شيفرة دفاعات فرنسا، بل كانت الأخيرة أكثر خطورة من خلال هجماتها المرتدّة، وقبل نهاية الشوط الأول بلحظات سدّد أنخيل دي ماريا من بعيد كرة رائعة استقرّت في شباك هوغو لوريس، معلنا تعديل النتيجة.
اقرأ/ي أيضًا: كرواتيا تصفع الأرجنتين في كأس العالم.. وأداء هزيل لميسي ورفاقه
دخلت الأرجنتين الشوط الثاني بطريفة مثالية جدّاً، عندما سدد ليونيل ميسي الكرة فغيّر اتجاهها غابرييل ميركادو وأودعها في الشباك هدفاً ثانياً للتانغو، هدفٌ جعل ميسّي الوحيد في تاريخ كأس العالم الذي صنع أهدافاً في 4 مونديالات متفرّقة متفرّقة، وبعد الهدف كاد غريزمان أن يعدّل النتيجة مستغلاً خطئاً دفاعيّاً ساذجاً، لكنّ كرته رفضت التوجّه تجاه المرمى الخالي.
ما هي إلّا دقائق وعدّلت فرنسا النتيجة بتسديدة بالغة الروعة نفّذها بافارد في الدقيقة 56، قبل أن يخلط مبابي أوراق المباراة ويقلبها رأساً على عقب، عندما سجّل صاحب الـ19 عاماً في 4 دقائق هدفين منحا فريقه التقدّم 4-2، إذ استغلّ ارتداد الكرة من دفاعات التانغو وراوغهم بسرعة خارقة، مسجّلاً هدفه الأوّل، وختم هجمة مرتدّة منسّقة أدّت لانفراده بحارس المرمى، فسجّل هدفه الثاني في المباراة والرابع لفريقه بالدقيقة 68.
هذه أوّل مباراة في تاريخ كأس العالم تنتهي بنتيجة 4-3 ضمن الوقت الأصلي
لم يستطع ليونيل ميسّي أن يهرب من السجن الذي وضعته فيه دفاعات فرنسا، لكنّ المدرّب سامباولي أصرّ على عدم إشراك ديبالا وغونزالو هيغواين، ومع دخول أغويرو ومرور الوقت سريعاً على الأرجنتينيين، كانت مصيدة الهجمات المرتدّة بالغة الخطورة عليهم، فلولا رعونة أوليفيه جيرو لانتهت المباراة بنتيجة أكبر، وقبل نهاية المباراة بلحظات استغلّ سيرجيو أغويرو عرضيّة ميسّي، فارتقى لها مسجّلاً هدف تقليص الفارق بالوقت بدل الضائع، وكادت الأرجنتين أن تحقّق المستحيل وتسجّل هدف التعادل، لكنّ هجمتها الأخيرة أهدرها ميزا بغرابة شديدة، عندما صوّبها في جسم زميله، بذلك أعلن حكم المباراة نهاية حلم ميسّي وولادة تاريخ جديد لفرنسا، إذ فشل الديوك بالفوز على الأرجنتين في كلّ اللقاءات السابقة التي جمعت بينهما.
اقرأ/ي أيضًا: نيجيريا والأرجنتين في المونديال.. بوابة عبور "التانغو" المتكررة
تحتاج الأرجنتين بعد هذه النكسة الكروية إلى إعادة ترتيب أوراقها بشكل جذري، فالمدرّب خورخي سامباولي أثار الكثير من الجدل بخياراته في التشكيلة وضعف شخصيّته، حيث استبعد هداف الدوري الإيطالي ماورو إيكاردي استجابة لاقتراح ميسّي، كذلك كان خورخي يستشير ميسي في بعض التبديلات أثناء المباراة، بينما شكى الفريق من سوء التناسق وانعدام اللمحات الفنّية الجماعية وتخبّط الأداء، وهو ما لا يليق بسمعة منتخب اسمه الأرجنتين.
انتفاضةٌ لن تقتصر بالتأكيد على الكادر التدريبي، فأغلب لاعبي الفريق تجاوزو الـ30 من العمر، ولم يتبيّن بعد إن كانوا سيعتزلون اللعب دوليّاً أم لا، وأبرزهم ليونيل ميسي ولوكاس بيليا وإيفر بانيجا و نيكولاس أوتاميندي وسيرجيو أغويرو وغونزالو هيغواين، فيما أعلن خافيير ماسكيرانو رسميّاً اعتزاله اللعب دوليّاً بعد نهاية المباراة مع فرنسا مباشرة.
ستنسى فرنسا موقعة الأرجنتين التاريخية التي استمتعت الجماهير بمشاهدة 7 أهداف فيها، لأنّها على موعد مع التاريخ في الدور ربع النهائي، إذ ستواجه المنتصر من مباراة الأوروغواي مع البرتغال، وسيكون التحدّي الكبير للمدرّب ديديه ديشامب تعويض غياب متوسّط ميدانه ماتويدي عن هذا اللقاء بسبب الإنذار الذي تلقّاه أمام الأرجنتين.
اقرأ/ي أيضًا:
الجميع يبكي الأرجنتين في كأس العالم 2002
صفعة الكاميرون لمارادونا في كأس العالم 1990.. وتغيير قوانين الكرة بسبب مصر!