فوجئ المصريون بالإعلانات التي تحمل شعار "حق المواطن في المعرفة" وتروج لما سمي "جهود" الدولة في نشر المعرفة بين المواطنين لكي لا يكونوا ساخطين أو مؤيدين طول الوقت دون فهم أو تبين. إعلانات تزامنت مع حجب مواقع إلكترونية خلال الفترة الماضية وممارسات لا تعكس أي شفافية من السلطات المصرية.
فوجئ المصريون بإعلانات تحمل شعار "حق المواطن في المعرفة" وتروج لما سمي "جهود" الدولة في نشر المعرفة بين المواطنين
غموض حول مصادر تمويل الإعلان
رغم أن الإعلان يحمل شعار "حق المواطن في المعرفة"، إلا أنه لم يمنحه هذا الحق فيما يتعلق بجهات تمويله.
الإعلان تم تنفيذ ثلاثة أجزاء منه حتى الآن، ظهرت فيه شخصيات عامة مثل الممثلة إسعاد يونس والصحفي إبراهيم عيسى وعصام الحضري، حارس مرمى منتخب مصر، وأخرج الإعلان مروان حامد ونفذته شركة طارق نور. وغير واضح من مول الحملة ولا إلى أي جهة تُنسب وهو ما أفقدها مصداقيتها.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر طارق نور، أحد رجال الأعمال المقربين من النظام، وهو صاحب شبكة قنوات القاهرة والناس، والتي كانت أكثر الشبكات التي تبنت خطابًا تحريضيًا ضد الثورة ودعمت باستمرار نظام عبد الفتاح السيسي.
اقرأ/ي أيضًا: هكذا رأى صحفيون وحقوقيون حظر 21 موقعًا في مصر
وعلى الرغم من أن بعض حلقات هذه الإعلانات تحمل اسم جهات رسمية مثل وزارة الإسكان، أو وزارة الكهرباء إلا أنه لم يتم الإعلان صراحة ما إذا كانت هذه الجهات قد مولت الإعلان.
ما ترتيب لمصر على مقياس الشفافية العالمي؟
إعلانات حق المواطن في المعرفة في مصر مجهولة التمويل والمصدر ومثيرة للسخرية في بلد يعرف تعتيمًا واسعًا
في التقرير الأخير الذي أعدته منظمة الشفافية العالمية، المتتبعة للفساد والمشجعة على حرية تداول المعلومات عام 2016، ذكرت المنظمة أن تقريرها شمل 176 دولة، احتلت فيه الدنمارك المركز الأول، تلتها نيوزلندا وفنلندا، بينما جاءت مصر في المركز رقم 108 وفي المراكز الأخيرة الصومال وسوريا و جنوب السودان.
وقد أفادت المنظمة أن الدول التي تحتل المراكز المتأخرة، هي أكثر الدول التي تعاني مشكلات حادة في إدارة جهازي الشرطة والقضاء، كما أشارت إلى حالات حادة وواضحة غابت فيها الشفافية في مصر مثل قضية بتروبراس في البرازيل.
أما الدول التي احتلت مراكز متقدمة فهي الدول التي حرصت على تداول أكثر حرية للمعلومات خاصة في المجال الصحفي والتي تملك أجهزة رقابتها القدرة على المحاسبة لأي جهاز أو شخص في الدولة.
وفي الجزء الخاص بمصر في التقرير، تم التعرض إلى وجود غياب لإرادة أجهزة الدولة في مكافحة الفساد وإشارة إلى أنه في العام 2016، قامت الدولة بانتهاك استقلالية مؤسسات التدقيق والرقابة العليا في البلاد، إضافة إلى ما قام به عبد الفتاح السيسي في أزمة إقالة هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، بعد أن أعلن عن فساد ضخم في أجهزة الدولة المصرية.
اقرأ/ي أيضًا: من حجب المواقع إلى اختراقها.. هذه قصة خالد البلشي وعمرو بدر
وقد فُصل هشام جنينة من منصبه كرئيس لأحد أهم وأكبر الجهات الرقابية المستقلة في الدولة في آذار/ مارس الماضي بعد تصريحاته عن بلوغ حجم الفساد المالي في البلاد 67.6 مليار دولار في أربع سنوات فقط، مما عرضه لحملة شرسة من الإعلام الموالي للدولة انتهت بفصله، بدلًا من التحقيق فيما أورده من معلومات يتم إعلانها بهذا الوضوح للرأي العام.
حالة غياب التداول الحر للمعلومات في مصر أمر لا يخفى على أحد، والطريقة الانتقائية التي جاء بها الإعلان عبرت عن ما يمكن وصفه "بمشروعات الدولة" في مواجهة تراكمات حقيقية من المشكلات فيها. وفي غياب واضح لحقيقة الجهة الممولة للإعلان والجهة السيادية التي تدعمه، تم إفراغ المحاولة من مضمونها ويبقى الحال على أرض الواقع على ما هو عليه.
اقرأ/ي أيضًا: