20-مارس-2018

البرازيل تصدم الاتحاد السوفييتي (Getty)

بعد تصفيات حفلت بالعديد من المفاجآت، تأهل إلى النسخة السادسة من نهائيات كأس العالم 16 فريقاً، فكانت بريطانيا ممثلة بـ4 منتخبات لأول مرّة في تاريخ البطولة، ولم يتكرر الإنجاز هذا حتى الآن، فيما وصل من الأمريكيتين 4 فرق وغاب عنها الأوروغواي، بينما مثّل أوروبا الغربية 4 فرق بعد خروج كل من إيطاليا وإسبانيا من التصفيات، في وقت حضر به من أوروبا الشرقية 4 فرق سيكون الاتحاد السوفييتي الحاضر الأقوى بينها.

تم تقسيم الفرق الـ16 على 4 مجموعات، بحيث تضم كل مجموعة فريقاً من بريطانيا، وآخر من أوروبا الشرقية، ومثله من أوروبا الغربية، بالإضافة إلى فريق من الأمريكيتين، حيث تم إلغاء نظام التصنيف المتّبع في البطولة السابقة، كذلك إبطال التبديل بعد نتيجة التعادل، وفي حال تعادل فريقين بعدد النقاط يتم إجراء مباراة فاصلة لتحديد المتأهل للدور التالي، سيّما وأنه سيتأهل من كل مجموعة فريقين إلى دور الثمانية.

فريق الاتحاد السوفييتي المرعب

وقُسّمت الفرق على المجموعات الأربع وفق التوزيع التالي:
المجموعة الأولى: ألمانيا الغربية، إيرلندا الشمالية، الأرجنتين، تشيكوسلوفاكيا.
المجموعة الثانية: فرنسا، اسكتلندا، الباراغواي، يوغوسلافيا.
المجموعة الثالثة: السويد، ويلز، المكسيك، المجر.
المجموعة الرابعة: النمسا، إنجلترا، البرازيل، الاتحاد السوفييتي.

في فترة الحرب الباردة أراد الاتحاد السوفييتي الرهان على التفوّق الشيوعي من بوّابة الرياضة

أراد الاتحاد السوفييتي في مشاركته الأولى بكأس العالم، إظهار النظام الشيوعي بأبهى حلّة، ففي فترة كانت بها الحرب الباردة أراد السوفييت الرهان على التفوّق الرياضي، حيث ضم الفريق عمالقة أمثال الحارس التاريخي "ليف ياشين" الذي قاد زملاءه لتحقيق ذهبية أولمبياد ملبورن 1956.

وهذا ما جعل من الفريق السوفييتي المرشّح الأبرز للظفر باللقب، حيث صوّت العديد من الصحافيين الرياضيين قبل بداية البطولة لترشيح المنتخبات الأبرز المرشحة لنيل كأس العالم، وحاز الاتحاد السوفييتي على المركز الأول، تلاه الفريق السويدي مستضيف البطولة، فيما حلّ حامل اللقب ألمانيا الغربية بالمركز الرابع، ونالت يوغوسلافيا المركز الرابع.

المباراة الفاصلة التي جمعت بين إنجلترا والاتحاد السوفييتي

حفل دور المجموعات بالعديد من المفاجآت، ففي المجموعة الأولى حضرت الأرجنتين بالعرس الكروي للمرة الثالثة بتاريخها بعد أن وصلت في النسخة الأولى 1930 إلى المباراة النهائيّة، وبعد ذلك شاركت في نسخة 1934 وخرجت من الدور الأوّل، ثم رفضت الأرجنتين المشاركة في النسخ المونديالية الثلاث التي تلتها، وفي المونديال الحالي خسرت في افتتاح مباريات المجموعة أمام ألمانيا 3-1، وتغلّبت على إيرلندا الشمالية بالنتيجة ذاتها، قبل أن يتعرّض لاعبوا التانغو لخسارة قاسية أمام تشيكوسلوفاكيا 6-1 ويخرجوا من الدور الأول، ويُقال إن لاعبي الأرجنتين قبل لقاء تشيكوسلوفاكيا تأثروا كثيراً بشقراوات السويد وجمالهنّ العجيب، حيث قضوا معهن سهرات حمراء أثّرت على أدائهم في مباراة تشيكوسلوفاكيا، فيما تعادلت ألمانيا مع تشيكوسلوفاكيا 2-2، ومع إيرلندا الشماليّة بالنتيجة ذاتها وضمنت حضورها في دور الثمانية، بينما تغلّبت إيرلندا الشمالية على تشيكوسلوفاكيا 1-0، قبل أن يلجأ الفريقان لمباراة فاصلة بسبب تعادلهما في النقاط، مباراةٌ أكّد فيها الفريق البريطاني تفوّقه بواقع 2-1 بعد التمديد.

خرجت الأرجنتين من البطولة بسبب ليلة حمراء قضاها لاعبوها مع الشقراوات السويديات قبل لقاء تشيكوسلوفاكيا

 وحظيت المجموعة الثانية بالكثير من الإثارة، إذ دخلت الفرق الـ4 الجولة الثالثة وبإمكانها التأهل إن حققت الفوز، لكنّ الكفّة مالت لصالح فرنسا ويوغوسلافيا، حيث فازت فرنسا على الباراغواي 7-3، وخسرت أمام يوغوسلافيا 3-2، قبل أن تتغلب على اسكتلندا بالجولة الأخيرة 2-1، هذه الجولة التي تعادلت بها يوغوسلافيا مع الباراغواي 3-3، وكانت الأخيرة فازت على اسكتلندا 3-2، بينما تعادل الفريق البريطاني أمام السلافيين 1-1.

لم تكن مسيرة أصحاب الأرض نحو دور الثمانية صعبة، حيث تغلبت السويد على المكسيك والمجر وتعادلت مع ويلز، هذه الأخيرة كانت المفاجأة الوحيدة بالمجموعة، حيث اقتنصت 3 تعادلات من مبارياتها فاضطرت لمواجهة المجر في مباراة فاصلة، وهنا كانت المجر المنهارة كرويّاً تعيش أيّاماً عصيبة ساهمت بخسارة فريقها المباراة هذه، إذ أعدم الاتحاد السوفييتي الزعيم المجري إيمري ناج قبل أيام من هذه المباراة المرتقبة، ورفعت الجماهير المجرية في هذه المباراة أعلاماً سوداء حداداً على روحه، وانتهى اللقاء بفوز وتأهل ويلز 2-1.

بعد 5 دقائق فقط من اللقاء.. صُعق السوفييت من أداء بيليه وغارينشا الأسطوري

بعد فوز الاتحاد السوفييتي على النمسا وتعادلها مع إنجلترا، دخلت البرازيل التي تعادلت مع الإنجليز وفازت على النمسا الجولة الثالثة أمام السوفييت في لقاء حياة أو موت، وهنا زجّ المدرّب البرازيلي لأول مرة بلاعبَين خارقين هما بيليه وغارينشا، وفي أول 3 دقائق من المباراة أرعب البرازيليون السوفييت وسددوا 3 كرات أتت 2 منهما في العارضة وسُجّلت الثالثة هدفاً أول، وهُنا ذُهل السوفييت الذين أرعبوا خصومهم، يقول اللاعب البرازيلي زاغالو واصفاً الفريق السوفييتي قبل المباراة : " أتذكّر بأن السوفييت كانوا يتدرّبون على بعد 200 متراً منا، كنت أشاهد القمصان الحمراء في الصباح والمساء وأقول في نفسي، يا إلهي، ماذا يفعل هؤلاء صباح مساء غير التدريبات، لم يكن الأمر معقولاً".

ولكن مع مضي 5 دقائق فقط من عمر هذه المباراة صُعق السوفييت وكانت أعين اللاعبين تقول "ماذا هناك..!" واستمر الضغط البرازيلي عبر الثلاثي بيليه وغارينشا وديدي إلى أن أسفر عن هدف ثان في الدقيقة 77، وهنا تأهلت البرازيل فيما لجأ السوفييت لمباراة فاصلة أمام الإنجليز، ففازوا عليهم 1-0 ورافقوا البرازيل إلى دور الثمانية.

كان خروج منتخبات كبيرة كالأرجنتين والمجر وإنجلترا محزناً للغاية، فشاهد الملايين ذلك عبر شاشات التلفزيون التي غطّت البطولة لكافّة الدول الأوروبية باستثناء دول أوروبا الشرقية، وحقق فريقان بريطانيان هما إيرلندا الشمالية وويلز بمشاركتهما الأولى إنجازاً عظيماً بتأهلهما لدور الثمانية، وهو ما فشلت اسكتلندا وإنجلترا اللتان شاركتا في البطولة من قبل أن تفعله، وبعد عرض البرازيل الأخير القوي انقلبت معادلة المرشّحين لنيل اللقب، إذ اعتقد الجميع أن فريق السامبا أتى من أجل مشاركة مشرّفة وهو ليس أكثر من فريق قوي محترم، قبل أن يمرح بيليه وغارينشا في دفاعات السوفييت، فكيف ستكون مواجهات دور ربع النهائي، وهل ستستمر الإثارة والمتعة والمفاجآت؟

 تابعونا في الجزء القادم..