كسبت قطر التحدّي في الأراضي الإماراتيّة، وحجزت مكانها في المباراة النهائيّة لكأس آسيا للمرّة الأولى في تاريخها، وذلك على حساب الإمارات صاحبة الضيافة بنتيجة كبيرة قوامها 4-0.
لربّما تمنّى الإماراتيّون لو أنّ الكرة أنصفت أستراليا وأهّلتها فتلاقي قطر عوضًّا عنهم، أو أنصف التحكيم منتخب قيرغزستان وخرجوا من البطولة في ذاك الوقت ، فالمُصاب هُنا أعظم بكثير.
تعرّض الفريق القطري للكثير من المضايقات في هذه البطولة، لكنّه قلبها لصالحه فجعلها حافزًا من أجل التفوّق ودخول التاريخ من أوسع أبوابه، فهو الوحيد الذي حُرمت جماهيره من مؤازرته، وحُرم منها، بعكس الفرق الـ25 الأخرى التي شاركت في البطولة، وذلك بسبب الحصار المفروض على قطر، وكانت البطولة مليئة بالمفارقات العجيبة، فالحصار كانت أبرز ذرائعه المزعومة تعاون قطر مع إيران، لكنّ الملاعب الإماراتية في هذه البطولة امتلأت بالجماهير الإيرانية، وخلت من أي قطري بسبب حرمان المواطن القطري من القدوم من أجل تشجيع منتخب بلاده. ولم تخلُ مباريات العنّابي من بقع الضوء اللافتة جماهيريّاً، لأن قطر حظيت بتشجيع عشرات من العرب المقيمين في الإمارات، وأكثرهم من سلطنة عُمان.
اقرأ/ي أيضًا: بشباك نظيفة.. العنّابي يكمل عقد المتأهّلين إلى ربع نهائي كأس آسيا
صبّت أغلب الترشيحات صوب تفوّق المنتخب العنّابي على الإمارات في الدور نصف النهائي لعدّة أسباب، فالعنّابي هو الوحيد في البطولة الذي لم تتلقّ شباكه أي هدف، كما حقّق الانتصار في مبارياته جميعها، ويضمّ في صفوفه فريقًا متناغمًا يتقدّمهم هدّاف البطولة المعزّ علي. وكانت مسيرة قطر مليئة بالمطبّات الصعبة، فألحق الهزيمة في 3 مباريات على التوالي بثلاث فرق حملت كأس آسيا هي السعودية والعراق وكوريا الجنوبيّة، بعكس الإمارات التي ذاقت الأمرّين حتّى وصلت لهذا الدور، وكان آخر مبارياتها الفوز على أستراليا حاملة اللقب بهدف وحيد أتى من خطأ دفاعي، لأجل أفضليّة قطر الواضحة من ناحية الأرقام واللمحات الفنّية لجأت الإمارات إلى أسلحة أخرى بعيدة عن كرة القدم، كان أبرزها شراء جميع تذاكر المباراة وتوزيعها على الجماهير الإماراتيّة، بغية تفادي تواجد أي مشجّع يؤازر العنّابي وإن كان ليس قطريًّا. وواجه العنّابي حروبًا إعلاميّة عمدت إلى تكريس غربته في الأراضي الإماراتيّة، فلا جمهور يؤازره، وصيحات الاستهجان ترافق لمسات نجوم العنّابي للكرة، الذين تركوا الكلام لخصومهم في الميدان وما حوله، واكتفوا بلعب ما يجيدون، كرة القدم.
أوّل عشر دقائق من المباراة شهدت هدوءًا نسبيًّا شابه بعض التوتّر من الفريقين، إلى أن استلمت قطر زمام المبادرة تدريجيًّا وسيطرت على المباراة، وفقدت الإمارات السيطرة على خطوطها مقابل اتّزان خطوط العنّابي. وافتتحت قطر النتيجة في الدقيقة 22 عندما باغت خوخي بوعلام حارس الإمارات بتسديدة من على زاوية منطقة الجزاء عانقت الشباك الإماراتيّة. صمتٌ رهيب عمّ في ملعب اللقاء، ردّت الإمارات بعد ذلك بدقائق عبر رأسية إسماعيل الحمّادي التي احتضنها باقتدار الحارس سعد الشيب. لم تستفق الإمارات من صدمتها بعد، إلى أن لدغها هدّاف البطولة المعز علي بهدف ثان في الدقيقة 37، عندما راوغ المدافع وسدّد كرة رائعة على يسار الحارس خالد عيسى، هدفٌ رفع رصيد النجم القطري إلى ثمانية أهداف في صدارة هدّافي البطولة. بذلك عادل المعزّ الرقم القياسي المسجّل باسم أسطورة كرة القدم الإيرانيّة علي دائي، والذي سجّل سنة 1996 ثمانية أهداف في بطولة واحدة، والفرصة متاحة للمعزّ من أجل الانفراد بالرقم القياسي من خلال المباراة النهائيّة أمام اليابان.
اقرأ/ي أيضًا: قطر تصنع التاريخ في كأس آسيا.. لقاء مرتقب مع صاحب الأرض
كثّفت الإمارات هجماتها مع بداية الشوط الثاني، وزجّ المدرّب بإسماعيل مطر علّ خبرته تخرج الفريق من رمال قطر المتحرّكة، فتحسّن أداء الإمارات وتصدّى حارس العنّابي لكرة علي مبخوت، وأنقذ بوعلام بفدائيّة فريقه من كرة اسماعيل مطر. ومع مرور الوقت ساد اليأس والإحباط في نفوس لاعبي الإمارات، بعكس القطريين الذين لم يلجأوا لقتل المباراة، بل بادروا بشنّ الهجمات واحدة تلو الأخرى، وأهدروا العديد من الفرص المحقّقة، إلى أن أتت الدقيقة 80 من عمر اللقاء، وانفرد حسن الهيدوس بحارس الإمارات، وأودع الكرة من فوقه بطريقة جميلة داخل الشباك هدفًا ثالثًا، ومع نهاية المباراة ختم حامد اسماعيل مهرجان الأهداف بهدف رابع.
بذلك حجزت قطر باستحقاق تام مكانها في نهائي المسابقة لأوّل مرّة في تاريخها، وهي تحوي أقوى سجلّ في البطولة من ناحية الدفاع والهجوم، وستلاقي اليابان في المباراة النهائيّة، بينما ودّعت الإمارات البطولة، وفشلت في بلوغ المباراة النهائيّة للمرة الثانية في تاريخها بعد نسخة 1996، ومع هذه الهزيمة المدوّية أمام قطر لربّما تمنّى الإماراتيّون لو أنّ الكرة أنصفت أستراليا وأهّلتها لهذا الدور فتلاقي قطر عوضًّا عنهم، أو أنصف التحكيم منتخب قرغيزستان في دور الستة عشر وخرجوا من البطولة من ذاك الدور، فالمُصاب هُنا أعظم بكثير.
اقرأ/ي أيضًا:
قطر تتفوّق على السعودية في القمّة الآسيوية ولبنان يودّع البطولة
سدّ إيران الدفاعي ينهار فوق رؤوس أصحابه.. اليابان إلى نهائي كأس آسيا