تماشيًا مع الموقف الغربي الداعم كليًا للعدوان الإسرائيلي على غزة، قمعت قوى الأمن في عدد من العواصم الأوروبية المظاهرات المنددة بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في القطاع.
قمع في فرنسا
واصلت الشرطة الفرنسية قمعها للمظاهرات التي خرجت في العاصمة باريس لدعم الشعب الفلسطيني وتضامنًا مع غزة، التي تتعرض لقصف همجي إسرائيلي مكثف طال كل شيء منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، حيث استخدمت الشرطة العصي وقنابل الغاز وخراطيم المياه، واعتقلت عددًا من المتظاهرين.
ورغم المنع والقمع، تجمع المتظاهرون في ساحة الجمهورية في باريس رافعين الأعلام الفلسطينية، ومرددين شعارات منها: "غزة غزة باريس معك"، "إسرائيل قاتلة"، و"ماكرون متواطئ".
كما شهدت مدن مارسيليا وليون مظاهرات مؤيدة للشعب الفلسطيني، لكن الشرطة واجهتها باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين أيضًا.
إمعانًا في الموقف المؤيد لإسرائيل، شدّد الوزير الفرنسي على ضرورة "سحب تصاريح إقامة الأجانب المدانين بارتكاب أي جريمة معادية للسامية أو بالتحريض على الإرهاب، وطردهم دون تأخير من فرنسا"
وبالإضافة إلى قمعها المظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني، شددت السلطات الفرنسية من إجراءاتها الأمنية حول مئات المواقع، بينها مدارس ومعابد يهودية، ونشرت حوالي 10 آلاف شرطي.
وكان وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، قد قرر في وقتٍ سابق حظر جميع المظاهرات المنددة بالعدوان الإسرائيلي الذي تتعرض له غزة في جميع أنحاء التراب الفرنسي، لأنها من الممكن أن تؤدي إلى "اضطرابات في النظام العام" بحسب تعبيره. وفي المقابل لم يمنع دارمانان التجمعات المؤيدة لإسرائيل والداعمة لقصف غزة، في انحياز فاض يكشف عن موقف غربي متماهٍ مع الرواية الإسرائيلية.
وكان دارمانان قد صرح لوسائل إعلام فرنسية في وقت سابق أنه تم تسجيل أكثر من 100 "عمل معاد للسامية" في فرنسا منذ السبت، موضحًا أنه تم توقيف 24 شخصًا على خلفية تلك الأعمال.
وإمعانًا في الموقف المؤيد لإسرائيل، شدّد الوزير الفرنسي على ضرورة "سحب تصاريح إقامة الأجانب المدانين بارتكاب أي جريمة معادية للسامية أو بالتحريض على الإرهاب، وطردهم دون تأخير من فرنسا".
وفي خطاب وجّهه إلى الأمة، حثّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الحفاظ على "الوحدة الوطنية في مواجهة الانقسامات السياسية". وحذر من خطورة انتقال الصراع إلى فرنسا، مؤكدًا أن "إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها"، بحسب وصفه.
Les forces de l'ordre chargent et utilisent les gazeuses pour disperser les manifestants pro-Palestine à Paris.#Israel #Palestine #Hamas #Gaza pic.twitter.com/dKQ1AMVTK6
— Luc Auffret (@LucAuffret) October 12, 2023
اعتقالات وتهديد بالترحيل في ألمانيا
وفي ألمانيا، أصدرت شرطة برلين بيانًا حظرت فيه التجمعات في المدينة بدعوى الخوف من أن تتحول التجمعات إلى "التحريض على العنف، وإطلاق هتافات معادية للسامية".
ومن جهتهم، اتهم منظمو مسيرات التضامن مع الشعب الفلسطيني، شرطة برلين بـ"العنصرية".
واعتقلت الشرطة الألمانية، أمس الخميس، عددًا من المحتجين في العاصمة برلين، وقمعت التجمعات المنددة بالجرائم الإسرائيلية.
وكانت وسائل إعلام ألمانية قد نقلت تصريحات لوزيرة الداخلية نانسي فيزر هددت فيها المتضامنين مع الشعب الفلسطيني في ألمانيا باتخاذ إجراءات صارمة في حقهم. وقالت الوزيرة: "إننا نستخدم كل وسائل الاستخبارات والشرطة لاتخاذ إجراءات ضد مؤيدي الفصائل الفلسطينية"، وأضافت: "سلطاتنا الأمنية تستهدف المشهد بشكل أوثق من أجل تحديد ردود الفعل فورًا ومنع أي دعم… وهذا ينطبق أيضًا على جمع التبرعات"، وتابعت: "يجب استخدام الأدوات جميعها بموجب قانون التجمعات لمنع مظاهرات التضامن مع حماس في أقرب وقت ممكن".
ودعت فيزر السلطات الألمانية إلى التدخل باستمرار ضد المظاهرات والتجمعات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وعلى استخدام جميع إمكانيات الشرطة للتدخل بعنف. كما هدّدت الوزيرة باستخدام الإمكانيات جميعها بموجب "قانون الإقامة لترحيل المتهمين إذا لم يكن لديهم جواز سفر ألماني".
وكان المستشار الألماني، أولاف شولتز، قد اتهم المقاومة الفلسطينية بالمسؤولية عن تداعيات الهجوم واسع ضد "إسرائيل"، مشيرًا إلى أن القانون الألماني الجديد يمنع الخروج في مظاهرات مؤيدة للقضية الفلسطينية، ويجرّم من يقوم برفع لافتة أو علم فلسطيني خارج المنزل، بالإضافة لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي. كما أقر القانون الجديد بقطع المساعدات الإنسانية عن كافة المنظمات التي تعمل في قطاع غزة.
وفي خطاب أمام البوندستاج (البرلمان) في برلين، قال شولتز: "قانوننا الذي يحكم الجمعيات سيف حاد. ونحن، كدولة دستورية قوية، سنسحب هذا السيف".
تحذيرات بمراقبة المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في بريطانيا
وفي بريطانيا، أرسلت وزيرة الداخلية، سويلا برافرمان، رسالة إلى كبار ضباط الشرطة البريطانية، تحذرهم من أي مظاهرات داعمة للشعب الفلسطيني.
وطالبت برافرمان في رسالة مؤرخة في 10 تشرين الأول/أكتوبر، الشرطة باستخدام "القوة الكاملة" لمنع ظهور ما وصفته بـرموز أو شعارات معادية لإسرائيل في شوارع البلاد، وخاصة في الأحياء التي تقطنها الجالية اليهودية". وشددت وزيرة الداخلية على أن أي فرد يرتدي زي حركة حماس، أو يردد شعاراتها، أو يحمل راياتها وصور قادتها، يعتبر "مخلًا بالنظام العام، ويرتكب جريمة جنائية يعاقب عليها القانون".
منع المظاهرات في المجر
وفي المجر، صرح رئيس الوزراء، فيكتور أوربان، للإذاعة العامة، اليوم الجمعة، أن بلاده "لن تسمح بأي مسيرات تؤيد المنظمات الإرهابية"، معتبرًا أن "جميع المواطنين المجريين يجب أن يشعروا بالأمان، بغض النظر عن معتقداتهم أو أصولهم".
واعتبر أوربان أنه: "من الصادم أن تكون هناك مسيرات تعاطف تدعم الإرهابيين في أنحاء أوروبا"، وأضاف: "هناك محاولات حتى في المجر. لكننا لن نسمح بمسيرات التعاطف التي تدعم المنظمات الإرهابية، لأن ذلك من شأنه أن يشكل تهديدًا إرهابيًّا للمواطنين المجريين".
دوريات للأمن لحماية تجمعات اليهود
وفي الولايات المتحدة، قالت شرطة أكبر مدينتين، نيويورك ولوس أنجلوس، إنها ستزيدان من الدوريات الأمنية خاصة حول أي كنيس ومركز يهودي.
كما أفاد مسؤولون بمدينة نيويورك إنهم "يستعدون لمظاهرة واحدة كبرى على الأقل من المقرر أن يتم تنظيمها في ساحة التايمز، اليوم الجمعة".
اتهم المستشار الألماني شولتز المقاومة الفلسطينية بالمسؤولية عن تداعيات الهجوم الواسع ضد "إسرائيل"، مشيرًا إلى أن القانون الألماني الجديد يمنع الخروج في مظاهرات مؤيدة للقضية الفلسطينية
من جانبها، أصدرت شرطة لوس أنجلوس بيانًا قالت فيه إن "أفرادها سينتشرون بشكل أكبر في محيط التجمعات اليهودية والمسلمة خلال هذا الوقت من الأحداث".
منع للمظاهرات في سيدني
وفي أستراليا، قالت الشرطة، أنها تدرس تطبيق "صلاحيات خاصة"، لتوقيف وتفتيش المشاركين في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين مقررة، الأحد القادم، في العاصمة الاسترالية سيدني.
وأثارت خطط تنظيم مسيرة ثانية في سيدني، دعمًا لحق الشعب الفلسطيني، يوم الأحد، جدلًا حول الحق في الاحتجاج، بعد أن قال رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز، كريس مينز، إنه "لن يُسمح للمتظاهرين بالسيطرة على شوارعنا".
في حين، رفضت الشرطة الموافقة على المسيرة.
وشارك الآلاف في العاصمة سيدني في مسيرة منددة بالجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة، ودعمًا لحرية الشعب الفلسطيني.