قناة فلسطين، التابعة للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطينية هي القناة الرسمية الناطقة باسم السلطة الفلسطينية، بالتالي فهي تتبع في سياستها ما يرضي جهاز الدولة/السلطة، ولقناة فلسطين أجندة واضحة لا يمكن إخفاء مسعاها في خدمة مقولات السلطة وخطاب قيادتها، وعدم معارضتها أو التشكيك في قراراتها، مما يجعلها قناة غير موضوعية في نقل الأخبار على المستوى السياسي المحلي، ولا حتى الدولي أو الإقليمي.
يظهر عدم اهتمام قناة فلسطين بتغطية الحدث الانتفاضي من خلال عدم تطرقها لمجرياته بعيدًا عما يخدم السلطة ومقولاتها الشعبوية
تقف القناة، بل المؤسسة برمتها، اليوم في مهب عاصفة من الانتقادات المتناولة لأسلوب تغطيتها للانتفاض الشعبي، حتى أن هناك أصواتًا داخل السلطة وحركة فتح لا تخجل من التصريح بما لديها من انتقادات في هذا الجانب.
اختلف أسلوب قناة فلسطين في نقل أحداث الانتفاضة بشكل كبير بين بدايتها، بعد خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة حين استدعى الحنين لتطبيق قرار تقسيم فلسطين بعد سبعة عقود على إصداره، وبين أسلوب نقلها للأحداث في الفترة الحالية.
في بداية الأمر، وبينما لم تكن ملامح هذه الانتفاضة اتضحت بعد، تبنت قناة فلسطين الاتجاه المؤيد لهذه الهبة التي كان متوقع لها ألَّا تستمر وتكون مجرد سبيل لاستئناف المفاوضات والضغط على "الطرف الآخر"، أي العدو الإسرائيلي، ومن هنا تابعت عملها كقناة فلسطينية مؤيدة للنضال الشعبي، إلا أن هذا التأييد لم يغير من برنامج القناة اليومي، بحيث كانت تغطية الأحداث تقتصر على أوقات النشرات الإخبارية، وبقية اليوم تتابع القناة برنامجها المعتاد من برامج ومسلسلات وغيرها من البروباغندا التي تمارسها لصالح جهاز السلطة.
مع اشتداد حدة الحدث الانتفاضي، وبعد الخطاب الثاني للرئيس عباس، الذي أكد فيه أن يديه ما زالتا ممدودتين للسلام، بالرغم من تتالي ارتقاء الشهداء، كانت هذه هي الإشارة التي التقطتها قناة فلسطين للتخلي عن لعب دور المؤيد للانتفاضة، من ثم بدأت مسيرة التشكيك، وهذا ليس بالشيء الغريب ولا الجديد بالنسبة لقناة السلطة.
ورغمًا أن القناة لم تكن قد أعطت الانتفاضة مساحة في برنامجها الإعلامي في مرحلة التأييد إلا أنها وفي مرحلة التشكيك عملت على توسيع برنامجها في تأليب الشارع الفلسطيني على الجهد النضالي القائم على امتداد الأرض المحتلة.
يمكن رصد عدة محاور قامت عليها خارطة طريق قناة فلسطين في هدم لبنات الانتفاضة، أولها ما عممته القناة، وما زالت، من تمويه وتعمية وشرذمة في توحيد اسم الانتفاضة الحالية. وسواء كان ما هو حاصل هبة أم انتفاضة، فوضع هذه القضية موضع الجدال على حساب غيرها، ما هو إلا أسلوب واضح في خلق الشك في قلب المشاهد، وتثبيط عزيمة الشباب المنتفض لكرامته ووطنه.
كما لا تخفى محاولات القناة في إضفاء الصبغة الفصائلية، وتوجيه بوصلة الإنجاز الانتفاضي نحو فصيل بعينه ونسب الفضل إليه استنادًا إلى الشعارات الشعبوية ذاتها التي اعتادت قيادة السلطة الفلسطينية ومن قبلها منظمة التحرير على تلقينها للجماهير المتعطشة لسماع ولمس ورؤية أو شم أي شيء له علاقة بالوطن. من الأمثلة التي يمكن سوقها على حالة التثبيط العام التي تحاول قناة فلسطين فرضها بقوة الصوت والصورة الباهتين خاصتها، أنه في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الفارط حين زفت الأرض الفلسطينية ثلاثة شهداء، وفي نشرة التاسعة مساء الإخبارية، الشهداء الثلاثة لم يحظوا بالذكر عبر الشريط الإخباري حتى، علمًا أن هذه النشرة هي النشرة المركزية خلال الجدولة اليومية لبث القناة. وعوضًا عن أخبار الانتفاضة وتكريم شهدائها بذكرهم على أقل تقدير، ضخت القناة نفسها المضاد للانتفاضة عبر ترويجها لدعوة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للسلام وتهدئة الأوضاع بشكل نهائي.
من هنا يظهر عدم اهتمام قناة فلسطين بتغطية الحدث الانتفاضي من خلال عدم تطرقها لمجرياته بعيدًا عما يخدم السلطة ومقولاتها الشعبوية، وإن غطتها فهي تغطيها باستحياء، وبنبرة تشكيك غير خافية، هذا بالإضافة لنقلها الأخبار عن وسائل الإعلام العبرية بشكل حرفي، خاصة في الجانب المتعلق بالتحليلات والتصريحات الصادرة عن قادة الاحتلال وجيشه. لم يقتصر أداء قناة فلسطين على التقصير تجاه الانتفاضة فقط، بل انتقل في مرحلة لاحقة لعبور عتبة الإساءة لها.
اقرأ/ي أيضًا:
العربي الجديد محظور في الإمارات بعد السعودية