08-أكتوبر-2024
كاتبة سودانية

أثار للدمار بعد هجوم المستوطنين على قرية المغير بالضفة الغربية في أبريل الماضي (رويترز)

توثق الكاتبة السودانية نسرين مالك في مقال، نُشر في صحيفة "الغارديان" البريطانية، مشاهداتها لانتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

تقول مالك إن تاريخ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي: "ليست البداية حقًا، لكنها مجرد بداية أخرى فيما يتعلق بالفلسطينيين. تاريخ آخر بعده ساءت الظروف وأصبح الاحتلال والمستوطنات غير القانونية أكثر وحشية"، مشيرة إلى أنه بينما "كان انتباه العالم منصبًا على غزة، ثم لبنان، ثم الأسبوع الماضي الصراع المتصاعد بين إيران وإسرائيل، فقد كثفت السلطات الإسرائيلية والمستوطنون، تحت غطاء الحرب، هجومهم على الفلسطينيين بتهور ومتعة متجددتين"

وتوضح مالك في مقالها أن "أجزاء من المدينة القديمة في الخليل، وشوارعها وأسواقها التاريخية خاوية، ومبانيها متداعية، وطرقها مسدودة أمام الفلسطينيين منذ ما قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر. لا يُسمح للفلسطينيين بالسير على هذه الطرق، لكن المستوطنين يستطيعون ذلك، وهم يحملون بنادقهم الآلية على أكتافهم. ويحميهم الجنود الإسرائيليون على الأرض، وعند نقاط التفتيش ومن فوق الأبراج".

القرى في الضفة الغربية "تطل عليها مستوطنات ضخمة تشع أضواء بيضاء ساطعة في الليل. وتتصل هذه الأضواء بمدافع رشاشة"

وبحسب مالك، يحرس المستوطنون "مستوطنة عملاقة متوسعة تضغط على السكان تحتها، فوق مجتمع طرد من المتاجر والمنازل العائلية دون أي تفسير أو إشعار. لقد طرد المزيد من التجار في العام الماضي، وأصبحت الأكشاك الجديدة التي أقاموها فارغة. لقد خاف المتسوقون من البنادق والجنود. إن الخوف والطرد يدفع الناس إلى إخلاء المناطق التي تتوسع فيها قوات الاحتلال".

ومن بين المشاهد التي توثقها مالك مشهد "رجل فلسطيني في سلوان، بالقدس الشرقية، وهو يعيش بجوار أنقاض المنزل الذي ولد فيه"، بعد أن هدمته سلطات الاحتلال في شباط/فبراير الماضي، لـ"عدم حصوله على رخصة بناء، على الرغم من أن المنزل تم بناؤه قبل أن تخضع القدس الشرقية للسلطات الإسرائيلية"، مضيفة أن قوات الاحتلال "تعاملوا بعنف مع زوجته المسنة ودفعوها إلى الجدران أثناء جرهم خارج المنزل"، كما أنهم حطموا صورته الوحيدة مع والدته، بعد أن طلب منهم السماح له بإحضارها.

وتقول مالك: "تم هدم 37 منزلًا في المنطقة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وعندما يغادر أصحاب المنازل، ينتقل المستوطنون، الذين أصبح عددهم الآن متزايدًا في سلوان، إلى هناك. وكان هؤلاء المستوطنون يحتفلون بالأعياد الأسبوع الماضي، وكانت أعقاب بنادق آبائهم على مستوى عيون الأطفال الصغار الذين كانوا يقفزون في الشوارع التي أغلقت أمام حركة المرور الفلسطينية لهذا اليوم".

وتلفت الكاتبة إلى معاناة سكان قرى الصحراء الصخرية في مسافر يطا العام الماضي من عنف المستوطنين المتزايد، حيث تمت "مداهمة منازلهم وسُرقت مواشيهم من قبل المستوطنين الذين لا يمكن وصفهم إلا بأنهم مسعورون. مجرد رؤية المستوطنين يسيرون على طريق التل يثير الذعر، ويتم إرسال تحذيرات إلى آخرين للبقاء أو البحث عن طريق مختلف في حالة تعرضهم للهجوم".

وبحسب الكاتبة، يبلغ عمر بعض القرى نحو خمسة آلاف عام، مضيفة أن "القرى التي لم يتم إخلاؤها على مدى العقد الماضي تضررت وانقطعت، وأجبرت على العيش بدون ماء أو كهرباء أو طرق ممهدة"، كما قام المستوطنون بتحطيم ألواح الطاقة الشمسية التي نصبها سكان إحدى المجتمعات الصغيرة، ووصف أحد شيوخ القرى المستوطنين في حديثه مع الكاتبة، بأنهم "القاضي والجندي وضابط الشرطة".

وتوضح مالك أن القرى في الضفة الغربية "تطل عليها مستوطنات ضخمة تشع أضواء بيضاء ساطعة في الليل. وتتصل هذه الأضواء بمدافع رشاشة"، وتنقل عن أحد الشهود أن المستوطنين "يحرضون أطفالهم على تحطيم كل ما يستطيعون، فيبدأون هم بتقليد العمل المقدس المتمثل في إبعاد الفلسطينيين عن موقع يضم هياكل وأشجار ثمينة سبقت حتى التوحيد".

وتقول مالك إنه "إلى جانب هذه الجهود العنيفة للتطهير العرقي"، تضاعف عدد السجناء في الضفة على مدى العام الماضي إلى قرابة 10 آلاف شخص، حوالي 250 منهم من الأطفال، وتضيف "يخضع ثلث هؤلاء السجناء للاعتقال الإداري، وهو حكم يمكن تجديده إلى أجل غير مسمى دون تهمة أو تمثيل قانوني أو زيارة عائلية".

وتروي الكاتبة كيف تقوم قوات الاحتلال بإغلاق "نقاط التفتيش والطرق دون سابق إنذار أو تفسير، كما فعلت بعد الهجوم الصاروخي الإيراني، ما منع الناس من التحرك عبر الأراضي المحتلة. هذه الحواجز تمنع الناس أو تحصرهم في نزوة، ولا تترك لهم خيارًا سوى تغيير الخطط، أو إيجاد طرق جديدة إلى وجهتهم، أو البقاء عالقين".

وتوضح الكاتبة أن "كل الأدوات المتاحة لأولئك الذين يريدون من العالم أن يتحرك، الصحافة والاحتجاجات والصراخ والغضب، لا يمكنها إنهاء هذه الكارثة، ولا حتى عكس خطورتها"، مؤكدة أن "هذه الحرب لم تبدأ بمأساة السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ولن تنتهي، ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين، بل وأيضًا بالنسبة لأولئك الإسرائيليين الذين أفسدهم الاستحقاق والإفلات من العقاب".

وتختتم مالك مقالها التوثيقي بالقول إنه: "ما لم يدرك أولئك الذين يملكون السلطة لتحديد من يستحق العيش في أمان وكرامة أنه لا يجوز لهم أن ينكروا هذه الحقوق على الفلسطينيين ويتوقعون منهم أن يضمنوا السلام والاستقرار بالاستسلام لمصيرهم باعتبارهم دون البشر، فإن هذه الحرب لن تنتهي".