ألترا صوت – فريق التحرير
"دروز في زمن الغفلة: من المحراث الفلسطيني إلى البندقية الإسرائيلية" عنوان الكتاب الصادر حديثًا عن "مؤسّسة الدراسات الفلسطينية" للكاتب والباحث الفلسطينيّ الراحل قيس ماضي فرّو الذي اختار ثلاثينيات القرن الماضي نقطة انطلاق لرحلته الممتدّة على نحو قرنٍ من الزمن، والساعية إلى البحث في الممارسات الصهيونية – الإسرائيلية بحقّ دروز فلسطين الذين تعرّضوا، ولا زالوا، لسياساتٍ ومُخطّطات قوامها انتزاعهم من هويتهم الفلسطينية، ومنحهم عنوةً هويّة جديدة تضعهم في مواجهة أبناء جلدتهم.
حاولت الصهيونية، منذ الثلاثينيات في القرن الماضي وحتى يومنا، انتزاع دروز فلسطين من هويتهم الوطنية
يتتبّع كتاب قيس ماضي فرّو الكيفية التي نجحت من خلالها المؤسّسة الإسرائيلية في فرض التجنيد الإجباري على أبناء الطائفة الدرزية الفلسطينية باعتباره العنصر الأهمّ في مشروع نزع الهوية واستبدالها. قبل ذلك، يذهب المؤلّف نحو تأريخ الوجود الدرزي في شمال فلسطين، وإن بصورة سريعة ومقتضبة. مارًّا كذلك بالمنافسة التي نشبت بين ثلاث عائلات متنفذة، وكاشفًا في الوقت نفسه دور وتدخّلات الحركة الصهيونية في تلك التي كانت تراقب ما يحدث. وتحت عنوان "دروز فلسطين أمام وضع جديد"، يستعرض المؤلّف دور الدروز في ثورة فلسطين الكبرى، لا سيما في عامها الأوّل. ومحاولات منع دروز سوريا من المشاركة في ثورة الفلسطينيين. مُتطرّقًا كذلك إلى العرض الصهيوني الذي قدّم للدروز بُغية عقد صداقة معهم.
اقرأ/ي أيضًا: رحيل قيس فرو.. سيرة مؤرخ
في الفصل الثاني المعنون بـ "بين مطرقة التخطيط وسندان الغفلة"، يفرد قيس ماضي فرّو حيّزًا لتناول قضية إثارة دروز سوريا ولبنان بعد ما عُرف آنذاك بخطّة نقل دروز فلسطين بحجّة إنقاذهم. ويُحاول صاحب "المعرفة التاريخية في الغرب" في هذا الفصل تقديم وصف شامل لعملية التخطيط التي حاول القائمون عليها تنفيذها سريعًا، لا سيما بعد المناوشات الطائفية التي حدثت في مدينة شفا عمرو بين الدروز والسنّة، والتي تبعتها مساعي عديدة للصلح بين الطرفين، تزامنًا مع تجميد خطّة النقل تمهيدًا لإعلان وفاتها.
سيخصّص الكاتب الفصل الثالث من الكتاب لمعاينة أحوال الدروز في الحرب العالمية الثانية وصولًا إلى النكبة. مُضيئًا على معارك فوج جبل العرب، ومشاعر الإحباط التي سادت بعد معركة هوشا والكساير، وتداعيات خسارتها، مُمهِّدًا بذلك للفصل الرابع الذي يُعاين بدوره أحوال الدروز كذلك الأمر، ولكن ما بعد الإعلان عن قيام دولة إسرائيل، وتأسيس وحدة الأقليات في الجيش الإسرائيلي، واحتلال شفا عمرو، ومعركة يانوح.
أمّا الفصل الخامس "فن الترويض: العصا لمن عصى والجزرة لمن أطاع" يعرض فيه المؤلّف نتيجة ما تناوله من أحداثٍ في الفصول الأربعة السابقة، كآليات منع تشكيل مجموعة عربية واحدة. وغربلة القيادات الدرزية التقليدية، مما مهّد لمنافسة جديدة بين العائلات الدرزية النافذة، والتباري في إظهار الولاء لحكومة إسرائيل، مقابل ضعف معارضة القيادات التقليدية.
يناقش قيس ماضي التجنيد بين صفوف دروز فلسطين بين معارضته وتأييده، حيث يعرض مناخات فرضه وقمع معارضيه
التجنيد ومعارضته وتأييده هو ما يعني قيس ماضي فرّو في الفصل السادس من كتابه هذا، حيث سيعرض مناخات فرض التجنيد الإجباري وقمع معارضيه تزامنًا مع تنفيذه وتطبيقه أمرًا واقعًا من جهة، وإحكام الحكومة الإسرائيلية سيطرتها على مجموعة كبيرة من أرضي القرى الدرزية من جهةٍ أخرى، لا سيما في حرفيش والبقيعة والمغار، والنتيجة أن انتقال الطائفة الدرزية الفلسطينية من العمل في الزراعة إلى العمل في سلك الأمن الإسرائيلي. هنا، يفرد ماضي فرّو حيزًا تناول فيه سلوك المجندين من أبناء الطائفة الدرزية في الدولة الصهيونية، يُقابله حيّز آخر تناول حركات مقاومة التجنيد الإجباري منذ فرضه وحتّى أيامنا هذه.
اقرأ/ي أيضًا: الشباب الدرزي.. لن أخدم مُحتلي
ينفي كتاب "دروز في زمن الغفلة: من المحراث الفلسطيني إلى البندقية الإسرائيلية" مزاعم الدراسات الصهيونية التي تدّعي أنّ أبناء الطائفة الدرزية أقرب إلى جسم واحد يتماهى مع الحركة الصهيونية، مُسقطين من المتن شخصيات كثيرة وقفت في وجه محاولات نزع وسلب الهوية العربية الفلسطينية للطائفة الدرزية. ومغفلين التيارات الفكرية والمواقف السياسية المتباينة لأبناء هذه الطائفة تجاه المؤسسات الصهيونية.
اقرأ/ي أيضًا: