نشر الحساب الرسمي للقوات المسلحة الأوكرانية رسمًا توضيحيًا يدّعي تقديم مقارنة بين عدد الضربات الجوية التي تم تنفيذها في سوريا خلال السنوات الخمسة الماضية، وتلك التي نفذتها روسيا في أوكرانيا خلال الشهر الماضي، مشيرة إلى تباين غريب بين الرقمين، للدلالة على حجم الدمار الذي تعرضت له أوكرانيا منذ بدء العملية الروسية الخاصة بها في 24 شباط/فبراير الماضي.
#Ukraine 🇺🇦 pic.twitter.com/ZUl0Y1ha5O
— НГУ (@ng_ukraine) March 24, 2022
المنشور المتداول الذي ظهر على الحساب الرسمي للقوات الجوية الأوكرانية يدّعي أن 100 قذيقة سقطت على سوريا فقط خلال خمس سنوات، في حين ألقت روسيا على أوكرانيا بحسب المنشور ذاته 1100 قذيفة في غضون 22 يومًا فقط. هذا الادّعاء أثار موجة كبيرة من الاستهجان والانتقادات من عدد كبير من رواد وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينهم سوريون وعرب، وعدد كبير من المعلقين والصحفيين من أوكرانيا وغيرها، الذين وصفوا المنشور بأنه "ساذج" و"عنصري"، وأنّه يصنّف ضمن البروباغاندا المضلّلة على حساب معاناة شعب آخر، عانى من حجم دمار هائل.
Maybe 100 missiles a day? This is weird and unnecessary propaganda. The destruction in Ukraine has been immense and does not need validation through minimizing others’ suffering.
Can you just delete this tweet?
— Alhakam Shaar الحكم شعار (@ShaarH) March 24, 2022
It's precisely one month since Russia invaded Ukraine.
This datagraphic tweeted by Ukraine's National Guard is both inaccurate and ill-judged.
The number of air strikes carried out during the Syrian war is in the tens of thousands, with many towns and cities totally destroyed. pic.twitter.com/YTwnAQmFYm
— Shayan Sardarizadeh (@Shayan86) March 24, 2022
كما أشار معلقون إلى أن رقم الضربات الجوية التي نفذت في سوريا، حتى ضمن التقديرات الأقل تواضعًا، تفوق آلاف المرّات الرقم الذي ذكره حساب القوات الجوية الأوكرانية.
كم عدد الضربات الجوية الروسية في سوريا؟
حرصت العديد من المؤسسات السورية والمنظمات الدولية والناشطين السوريين على رصد الغارات الجوية التي شهدتها سوريا خلال السنوات الماضية، وعدد الضحايا والأضرار التي خلفتها، وتحديد النظام الذي نفذها، سواء كان ذلك النظام السوري، أو القوات الروسية، إضافة إلى الغارات الأمريكية والتركية والإسرائيلية التي تم تنفيذها داخل الأراضي السورية. وبحسب موقع الأرشيف السوري، فإن عدد الضربات الجوية الروسية في سوريا قد بلغ 1418 ضربة جويّة تم تأكيدها بمحتوى بصريّ، أي مقاطع فيديو نشرها ناشطون ومواطنون سوريون، مع ترجيح في الموقع الإلكتروني للأرشيف، بأن الضربات التي نفذتها روسيا في سوريا يفوق هذا الرقم بكثير.
في المقابل، تشير الأرقام التي نشرتها روسيا نفسها إلى قصّة أخرى مختلفة تمامًا عن عدد الغارات الجوّية الروسية في سوريا، من شأنها أن تبيّن نطاق الهجمات الجوية التي نفذتها القوات الجوية الروسية في سوريا خلال السنوات الماضية. ففي مطلع العام 2017، أوضح القائد العام للقوات المسلحة الروسية، أن سلاح الجوي الروسي قد نفذ 19،160 طلعة جوية، وأن عدد الضربات التي تم تنفيذها يتجاوز 71،000 ضربة.
ووفق بيانات مرصد حقوق الإنسان السوري، فإن عدد القتلى المدنيين بسبب الضربات الجوية الروسية بين 2015 و2016 يتجاوز 1،700، من بينهم 200 طفل. وبحسب المرصد أيضًا، فإن عدد القتلى قد ارتفع إلى 5،703 قتلى مدنيين سوريين حتى أيلول/سبتمبر 2017، ربعهم تقريبًا من الأطفال.
موقع Airwars المتخصص في رصد الضربات العسكرية الجويّة، يحدد عدد الضربات الجوية الروسية في سوريا منذ العام 2015 بأكثر من 45،000 ضربة جويّة، علمًا أن هذه الغارات قد استهدفت المدنيين في مناطق تقدّر مساحتها بحسب ناشطين سوريين بأقل من 15% من مساحة أوكرانيا.
For 7 years Airwars has tracked the civilian toll of Russian actions in Syria.
The brutal tactics - starving rebel areas, targeting civilians and bombing markets - are being repeated in Ukraine
With @guardiannews we outline "The Syria Playbook"https://t.co/TbezrzNNko
— Airwars (@airwars) March 24, 2022
يذكر أن روسيا قد مدّت يد العون للنظام السوري منذ العام 2011، بعد اندلاع موجة من الاحتجاجات الشعبية السلمية المناهضة للنظام القمعي. وقد وفّرت موسكو لنظام بشار الأسد دعمًا لا محدودًا على مختلف الأصعدة، ولاسيما الدبلوماسية، إذ لم تتردد روسيا في استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن ضدّ أي قرار ضدّ النظام السوري. أما عسكريًا، فقد انخرطت روسيا في دعم النظام السوري في الميدان منذ العام 2015، بعد إعلان فلاديمير بوتين عزم بلاده "استهداف الإرهابيين" في سوريا على حد تعبيره، وهو موقف كان بحسب العديد من التقديرات حاسمًا في ترجيح كفّة النظام عسكريًا بعد أن آل إلى السقوط، على حساب مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وملايين اللاجئين، وتدمير كامل للبنى التحتية في البلاد، وفرض سيناريوهات مجحفة بحق السوريين لأي حلّ سياسي في المستقبل.
وكانت روسيا منذ اللحظات الأولى لتدخلها العسكري قد اعتمدت على إستراتيجية القصف الجوي المكثف، عبر تصوّر أطلقت عليه اسم "سوريا المفيدة"، والتي استهدفت تصفية المعارضة السورية بمختلف توجهاتها، وبالأخص الأطياف المعتدلة منها، من أجل العمل في مرحلة لاحقة على استعادة السيطرة على جميع الأراضي السورية، وكسر إرادة السوريين وتصفية قضيتهم، والعمل على "تبريدها" عبر إطالة عمر النظام وتفريغ أي تحركات سياسية من مضمونها من خلال سياسة فرض الأمر الواقع على الأرض.