مثل أي عائلة سيخبرك الأبوان أنهما تغيرا بعد أن أنجبا طفلهما الأول، هذا أيضًا ما ستشدد عليه الأمهات. وتؤكد الدراسات أن الأدمغة أيضًا تتغير. وفي ورقة بحثية نُشرت منذ فترة قريبة في مجلة Nature Neuroscience العلمية، قام فريق من الباحثين بقيادة العالمة إيسلين هوكزيما من جامعة برشلونة الإسبانية بوصف كيف يتغير دماغ المرأة بحيث تتغير وصلاته بعد ولادة الطفل ولفترة طويلة.
وقامت الدكتورة موكزيما وزملاؤها بفحوص دماغية لـ 65 امرأة متطوعة، لم يسبق لأي منهن إنجاب أطفال، ولكنهن يتمنين ذلك في المستقبل. وتم إجراء فحوص أخرى لعشرين امرأة ليس لديهن الرغبة أصلًا في إنجاب أطفال. وبعد 15 شهرًا من التجربة، حملت 25 سيدة من المتطوعات الراغبات في أطفال فقامت الدكتورة بإعادة الكشف عن الأدمغة.
دراسة إسبانية تظهر تغير أدمغة النساء بعد حملهن
بعد مقارنة النتائج خَلُصت الباحثة وفريقها إلى خفض كبير في المادة الرمادية الموجودة في أدمغة الأمهات (المادة الرمادية هي التي تتكون من الخلايا العصبية والشعيرات الدموية، أما المادة البيضاء فهي المكون الآخر للدماغ وتكون من الألياف العصبية التي تربط الخلايا معًا)، تلك التغيرات كانت من الدقة الكاملة بحيث كان من السهل تمامًا معرفة هل هذه المرأة أنجبت طفلًا أم لا.
وحين قام الباحثون بإعادة الاختبارات بعد عامين، وجدوا أن التغيرات في الخلايا العصبية تلك لا تزال موجودة. وتعتقد الدكتورة هوكوزيما وزملاؤها أن شيئًا ما في العملية البيولوجية في الحمل ذاته كان يسبب التغيرات ولزيادة التأكيد على النتائج وفحص النتائج بدقة، وذلك لإقصاء العامل النفسي، قامت بمقارنة النتائج مع أزواج (رجال ونساء) لم يسبق لهم تجربة الإنجاب.
اقرأ/ي: الزواج في مصر بعد تعويم الجنيه.. معجزة!
أظهرت النتائج أن أدمغة الرجال تُشبه أدمغة النساء اللاتي لم ينجبن والنتائج على الحيوانات كانت مماثلة، فالفئران التي أنجبت أظهرت تغيرات ملحوظة في بنية أدمغتها. كانت أدمغتها أقل توترًا، وأكثر قدرة على التعامل مع الإجهاد، وأظهرت أداءً أفضل للذاكرة من الفئران مثيلاتها التي لم تُنجب. الحمل إذًا يغير بنية دماغ المرأة. لكن معنى هذه التغييرات هو أمر عصي على الفهم لأن العلماء لم يتوصلوا إلى الآن إلى الكيفية التي يعمل بها الدماغ البشري، وهذا ما يجعل من التنبؤ بمعنى التغير وتأثيره على عمل الدماغ صعبًا.
بعض التغييرات اتخذت محلها في أحد الأماكن في الدماغ، خاصة ذاك المسؤول عن الذاكرة. هذه التغيرات، التي تم رصدها، قد يتم استغلالها فيما بعد كوجهة نظر ثورية في مجال الأمومة، فالأطفال البشريون يولدون غير قادرين على مساعدة أنفسهم، ولمساعدتهم يحب على الأم أن تكون جيدة في استنتاج ما يحتاج إليه الطفل.
التغييرات الدماغية المرصودة قد تكون عاملًا في مدى عناية المرأة بأبنائها. التغييرات الدماغية في المادة الرمادية تُظهر تماسكًا وترابطًا كبيرًا فيما بينها، والدوائر العصبية القوية التماسك تُظهر كفاءة كبيرة في العمل عند النساء المنجبات. والتغييرات الهرمونية، التي تؤثر على بنية الدماغ، التي يختبرها أيضًا المراهقون بسبب تغير هرموناتهم الجنسية تعيد تشكيل الدماغ، لذا تعتقد الدكتورة هوكوزيما أن "تغيير الهرمونات في فترة الحمل أيضًا تزيد قوة افتراضها بأن النساء اللاتي اختبرن تجربة الحمل قد يتعرضن لإعادة تشكيل مماثلة لبنية الدماغ"، وقد أكدت تجربتها العملية.
رابط المقال الأصلي: هنا (ترجمة بتصرف)
اقرأ/ي أيضًا: