ألترا صوت – فريق التحرير
كشف لصحيفة العربي الجديد في تحقيق استقصائي، عن فضيحة كروية جديدة بطلها هذه المرة دوريات كرة القدم في دول آسيا الشرقية، بعد اعتمادها على لاعبين محترفين من دول أمريكا الجنوبية وأفريقيا، يحملون جوازات سفر سورية مزورة، الأمر الذي يسهل عليهم اللعب في الدوريات الأسيوية بسبب حملهم للجنسية السورية، بعد القوانين الجديدة التي فرضها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم حول قانون الاحتراف.
كشف تحقيق لصحيفة العربي الجديد، عن أن لاعبي كرة قدم برازيليين يحترفون في دوريات شرق آسيا بجوازات سفر سورية مزورة
الفساد الكروي في الدوريات الآسيوية
وفقًا للتحقيق الاستقصائي الذي جرى العمل عليه خلال العامين الماضيين، فإن لاعبين برازيليين شاركوا في دوريات دول شرق آسيا، حاملين جوازات سفر سورية مزورة، بينهم سارجينيو وجوناتاس بيلوسو، عيلسون آلفيس، مارسيلو تشافير، رافاييل كويلهو لويز، والفنزويلي أندريس تونيز، والليبيري سيكو أوليش.
اقرأ/ي أيضًا: أسوأ جواز سفر في العالم يدر ملايين الدولارات لنظام الأسد
ومن خلال التحقيق تبدو قضية اللاعب سيرجينيو أكثر تميزاً، فهو احترف ضمن صفوف نادي "غانغون إف سي" الكوري الجنوبي، الذي لعب معه 57 مباراة في ثلاثة مواسم، انتهت مطلع كانون الثاني/يناير 2017. وتأتي فرادة قضية اللاعب سيرجينيو من أنه دافع عن نفسه أمام الشرطة الكورية أثناء الاستجواب، زاعمًا أن جواز السفر الذي يحمله استصدره مطلع عام 2013 بشكل قانوني بناءً على أصول جده سوري الأصل.
ويستفيد اللاعبون الذي عملوا على تزوير جوازات سفر سورية من القرار الذي تبناه الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في تشرين الأول/أكتوبر عام 2008، وينص على اعتماد قانون ثلاثة زائد واحد، بحيث يسمح لكل ناد مشارك في البطولة الآسيوية التعاقد مع ثلاثة لاعبين محترفين من خارج قارة آسيا، ولاعب واحد من قارة آسيا، غير أن الحال يختلف مع الدوري التايلاندي الذي يعتمد نظام أربعة زائد واحد.
لكن التحقيق أثبت أن مزاعم اللاعب البرازيلي غير صحيحة، بعدما حصل على وثائق من اللجنة الأولمبية السورية تقول إن اللاعب ليس مقيدًا في السجلات المدنية السورية، أو سجلات إدارة الهجرة والجوازات. ولم تصدر الجمهورية العربية السورية، أو سفاراتها أي جواز سفر يحمل هذا الاسم.
واللافت في قصية سيرجينيو، أنه رفض التوقيع مع أحد الأندية الآسيوية بناء على جنسيته السورية، بسبب أنه "لم يعد يرغب في اللعب كآسيوي لمشكلة واجهها في جواز سفره".
رحلة جواز السفر السوري في التزوير
يعتبر ما كشفه التحقيق الاستقصائي جزءًا من رحلة تزوير جواز السفر السوري التي بدأت منذ مطلع عام 2013، حين خرجت أجزاء واسعة من شمال سوريا عن سيطرة النظام السوري، أصبحت المباني الرسمية لإدارة الهجرة والجوازات بما تحتويه من أجهزة وطابعات بيد سماسرة امتهنوا تزوير جوازات السفر، وبلغت موجة التزوير ذروتها منتصف عام 2014 حين أصبح جواز السفر السوري يُسّرع عملية لجوء حامله في الدول الأوروبية.
لكن القضية لا تقف عند تزوير جواز السفر، فقد امتدت ما بين عامي 2013 و2015، لتشمل عملية تمديد جواز السفر لعامين بوضع لصاقة تمديد مزورة، بعد أن امتنع النظام السوري في قنصلياته عن منح أو تجديد جوازات سفر السوريين خارج سوريا، وكان يتراوح سعر جواز السفر المزور حينها ما بين ألف حتى ثلاثة آلاف دولار أمريكي، أما تمديد الجواز بلصاقة مزورة فيتراوح ما بين 400 إلى 500 دولار أمريكي.
وعُرفت قضية تزوير جوازات السفر السورية على نطاق واسع عام 2015، بعدما قام مجموعة من الصحفيين بشراء جواز سفر سوري مزور، وعرضه على وسائل التواصل الاجتماعي للتأكيد على سهولة الحصول عليها، وكان من بينها نشر الصحفي الهولندي هارلد دورنبوس صورة يظهر فيها بطاقة شخصية، وجواز سفر سوريين عليهما صورة رئيس وزراء هولندا مارك روته باسم مالك رضوان حصل عليهما مقابل 850 دولارًا.
رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم سوري الجنسية
كذلك؛ فإن التحقيق سلط الضوء على أن مسألة تزوير الجواز السوري لا زالت مستمرة حتى، حيث أن معد التحقيق قام بالتواصل مع أحد السماسرة المقيمين في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، يدعى "أبو إلياس"، وذلك عبر وكيل أعمال برازيلي لتسويق البرازيليين كلاعبين آسيويين عبر جوازات سورية مزورة، وتمكن من الحصول على مقطع فيديو أرسله أبو إلياس، يظهر فيه جواز سفر سوري عليه صورة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو.
ويوضح التحقيق أن جميع اللاعبين الذين ذكرت أسماؤهم، نفوا أن يكونوا قد حصلوا على جوازات سورية مزورة، ومنهم من اختار عدم الرد على أسئلة معد التحقيق، في مقابل حصوله على وثائق رسمية من اللجنة الأولمبية السورية تنفي أن يكون اللاعبين مسجلين في السجلات المدنية السورية، أو أنهم حصلوا على جوازات سفر من دائرة الهجرة والجوازات السورية.
وكان النظام السوري قد قدم في عام 2015، شكوى للأمم المتحدة والإنتربول، بشأن قضية الجوازات المزورة، بالإضافة لتقديمه أرقامًا لجوازات مسروقة للإنتربول لملاحقة حامليها، بحسب ما نقلت وكالة سبوتنيك الروسية على لسان رئيس فرع الهجرة والجوازات بدمشق العميد فواز الأحمد.
لكن مع هذا، استخدم النظام السوري موضوع تزوير جوازات السفر، لملاحقة النشطاء المدنيين والصحفيين المعارضين خارج سوريا، بحجة حصولهم على جوازات سفر مزورة، وهو ما حصل مع الصحفية زينة إرحيم في أيلول/سبتمبر 2016، حين صادرت السلطات البريطانية جواز سفرها لدى وصولها الى مطار هيثرو للمشاركة في ندوة عن "النساء على خط الجبهة" في مهرجان كيو الأدبي، بسبب شكوى من النظام السوري تزعم أن الجواز الذي تحمله مسروق.
لماذا تجاوب النظام السوري مع معد التحقيق؟!
كان لافتًا في التحقيق أن اللجنة الأولمبية السورية التي تتبع لمؤسسات النظام السوري الرسمية، قد أظهرت تجاوبًا بالرد على أسئلة معد التحقيق، الذي يذكر أنه حصل على وثائق رسمية من اللجنة تنفي أن يكون اللاعبون عينهم قد حصلوا على وثائق رسمية صادرة عن أي جهة رسمية تابعة للنظام السوري، وهو ما لم يعتد على مؤسسات النظام من تعاون مع الصحافة الاستقصائية.
ولعل أكثر ما دفع اللجنة للتجاوب مع معد التحقيق بإيجابية أن القضية تخدم أجندة النظام السوري على المستوى الخارجي، لكنها في الوقت ذاته تطرح سؤالًا حول ما إذا كان لضباط النظام دور في عمليات تزوير الجوازات، فقد ورد في التحقيق أن اللاعب البرازيلي رافاييل لويز، يحمل جوازًا مزورًا موقعًا من العميد فواز نايف الأحمد، رئيس فرع الجوازات والهجرة في دمشق، والحال مثله مع مواطنه غيلسون آلفيس، الذي يحمل جوازًا موقعًا من العقيد عبود الخضر رئيس فرع الهجرة والجوازات في دمشق.
يُشك تورط بعض رجال النظام السوري في تزوير جوازات السفر السورية وبيعها، بعد ورود توقيعات لضباط سوريين على الجوازات المزورة
واعتبارًا من نيسان/أبريل 2015، بدأ النظام السوري بتمديد جوازات السفر للسوريين في الخارج مقابل 200 دولار، ومنح جوازات جديدة مقابل 400 دولار، وبعد إصدار القرار بعامين قام بتعطيله، وتم استصدار قرار بديل يلغي طلبات تجديد جوازات السفر، ويفرض شروطًا جديدة، بحيث أصبح تجديد جواز السفر الذي يتم استلامه خلال فترة ثلاثة أشهر يبلغ 325 دولارًا، وجواز السفر الذي يتم استلامه في أقل من أسبوع بقيمة 825 دولارًا، بحسب ما يظهر على الموقع الرسمي للقنصلية السورية في إسطنبول.
اقرأ/ي أيضًا:
نظام الأسد يوقف إصدار وثائق السفر للسوريين اللاجئين
جوازات سفر سودانية للبيع.. كيف يستغل شقيق البشير حاجة اللاجئين السوريين؟