الحصار، فترة الحصار، الحظر الجوي، اصطلاحات طاغية على المناخ الإعلامي المتناول لأحداث الشرق الأوسط. لكن في لبنان قد تكون الإشارات بطعم مغاير، سواء من ناحية أن لا جديد في مثل هذه الاصطلاحات على شعب لبنان، العارف حقًا معنى أن تكون في أرضك وتقاوم الغزاة والأعوان. يعرف التراب اللبناني، كما تراب شرق المتوسط، ما للتدخل الخارجي في الحديقة المنزلية، وفي كرسي التلفاز، من وقع يزعج الأصم.
يعرف التراب اللبناني، كما تراب شرق المتوسط، ما للتدخل الخارجي في الحديقة المنزلية، وفي كرسي التلفاز، من وقع يزعج الأصم
هل يبدو الحال اللبناني..؟ ربما لا يمكن إكمال السؤال، فالشريط انقطع، والظلام عم على الكادر، كيف لا! وطرفا المقص مظلمان، ويطبقان على الخريطة اللبنانية، ينهشان ما فيها من انتهازية طائفية بعد وجبة الدم اللبناني بطحينة على فحم شعار الإرهاب "السني" والتصدي "الشيعي/الممانع" له، والسوري، والفلسطيني قبلهما ومعهما، واليمني.. إلخ.
هل يمكن السؤال عن الوضعية في لبنان، لمن السيطرة والتحكم! أم أن ديمقراطية المحاصصة الطائفية لا يعوزها إلا مزيد من تدخل جلالته وولايته خادمين وفقيهين في الشعوذة المغمسة بالدم والنفط، نعم إنها رائحة النفطين التي تكوي صدور شعوب المنطقة العربية النفطية وغير النفطية منها.
اقرأ/ي أيضًا:
السعودية تحذر، بل وتنفذ وتطبق الحصار أكثر وأكثر، في محاولة فرض قطيعة ضغط على تلك القطعة العربية التي طالما خدمت العرب وقضاياهم وأدبهم وتراجمهم، حتى أوقات فراغهم، خدمتهم بيروت وصور وصيدا وطرابلس وكل لبنان برحابة المضيف الشغوف، ذلك لبنان الذي خدم المقاومة لأجل العرب وفلسطينهم ولأجل ترابه الوطني. في ذلك الحين المقاومة لم تحتل لبنان، فهي في أرضها وبين ناسها، ولم تستغل اسمها ومكانتها في قلوب العجائز لتعربد، على الأقل لم تكن العربدة والارتزاق الطائفي المغلف بهذا السوء والانتشار، بل والوقاحة المنهجية. لكن، كيف يكون تبجح البعض وانتهازهم للمقاومة وتحويلها إلى شعار في معركة الطائفية والتبعية على الأرض السورية واللبنانية سواء، وتضاد هذا البعض مع المشروع السعودي حجة لكي يتوقف دعم الجيش اللبناني مثلًا، الخجول أساسًا، على وجه التحديد في ظل احتدام المخاطر الإرهابية المحيطة بحدود البلاد، ودماء عسكريي هذا الجيش لم تجف بعد عن النصل الداعشي.
لبنان ليس بحاجة لتصفية حسابات مع أحد، ولا مع أي طرف من الأطراف العربية، بالرغم من الضرر الذي لحق به من معظم الأشقاء، بقصد وبغيره، ليس لأنه متعب ولديه مشاكله ولشعبه مطالبه العادلة، التي تتعرض للتجاهل على يد الطبقة السياسية الحاكمة، بل لأن جميع الأطراف أمامه خاسرة، الحفاظ على لبنان وخدمته هو ما يفترض أن تكون فطرة بني آدم عربي تجاه لبنان عليه، هذا في سبيل الاختصار.
وللاقتضاب أكثر لا يهم رجالات البنتاغون أو الكرملين أو أعوان أعوانهم في لبنان، ما يهم حقًا، هو الأصوات الحرة الديمقراطية المنحازة لبلدها وناسها، وهي موجودة ومسموعة لمن يريد الإصغاء، وهذا ما على نظير هذه الأصوات وصداها العربي أن يتنبه لعدم القطع معه أو الابتعاد عنه. هذا أن مصير من يواجه الدكتاتورية والاستبداد السياسي والديني بكل جرائمه وألوانه متراص بعضه بعضا، وما هذه الزوبعة إلا إشارة تأكيد على أن ليست السعودية، ولا إيران من ورائها من يمكن أن تشكل الأنظمة فيها أي شكل من أشكال التحالف أو الفائدة للمنطقة العربية، بكردها وتركها وفرسها وأمازيغها ..إلخ، باستثناء خدمات القتل الطائفي والتصفية المجانية على الهوية بالتأكيد.
لحزب الله وللسعودية ولجميع الأطراف مخرج وحيد، هو كف الأذى عن لبنان وغيره، بغير ذلك لا تكون إلا المواجهة، ليس بين الطرفين، بل معهما، من قبل من تتضرر مصالحهم وعيشهم اليومي بمهاترات ولاية الفقيه والتصديات الوهابية لها بين بيروت وحلب والموصل.. والقائمة لا تنتهي إلا بعد أن تشمل الخريطة العربية تقريبًا.
اقرأ/ي أيضًا: