على مدى العقدين الأخيرين كانت الفضائح الخارجة من ملفات الفساد اللبنانية صادمة. والأصوات التي تردد ما يحدث في أروقة المؤسسات الرسمية التابعة لوزارات ومراكز حكومية، كانت مدوية. ولم يكن مستغربًا، ما يحكى عن وجود خلل في إدارة صندوق الضمان الاجتماعي، أو كما يسمى "مغارة علي بابا"، لما يحتويه من كنوز وسرقات. إلا أن هذه المؤسسة، التي تأسست في عهد فؤاد شهاب، لم تخرج عن صمتها إزاء ما يحصل في داخلها. سياسة الصمت مستمرّة حتى بعدما كشفت تحقيقات، أجريت من خارج المؤسسة، عن وجود فساد مالي. أما التحقيقات الداخلية، فهي تجرى برعاية سياسية وفي صمت.
فضائح مالية وسرقات تشوب المؤسسات الرسمية في لبنان وعلى رأسها صندوق الضمان الاجتماعي
لكن "فضيحة" جديدة يسجلها "الصندوق". بعد أن أعلن مجلسه عن عمليات تزوير قام بها 7 موظفين وأحد المعنيين بالمعاملات والتي بلغ حجمها حوالي 2.8 مليار ليرة. والرقم هائل، في دولة يجتاحها الفساد، وتعم مؤسساتها الرسمية المحاصصة الطائفية والمذهبية والمناطقية. وهو أمر يستوجب التحرك من القضاء، الذي ربما، دوره يقوم مباشرة في الالتزام بتحقيق "العدالة"، ومحاسبة المقصرين وسارقي المال العام.
اقرأ/ي أيضًا: الفساد يلاحق المواطنين إلى قبورهم في لبنان
وفي التفاصيل، أن التحقيق في القضية بدأ، بتحقيق إداري قامت به إدارة الصندوق والذي كشف الخيوط. والثاني، هو التحقيق القضائي. وبدأت العملية باكتشاف إيصال مزور من قبل إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وادعت بموجبه أمام النيابة العامة المالية بتاريخ الأول من شهر آب/أغسطس 2016.
ومنذ ذلك الوقت، بدأت النيابة العامة المالية التحقيقات لتثبت أن هناك شخصًا يدعى (ج. ب.)، لديه شركة لتعقيب المعاملات لمؤسسة في الضمان الاجتماعي وهي شركة تقوم بتخليص المعاملات وتعقيب معاملات الحصول على براءة الذمة.
ووفق المعلومات المتوفرة من أصحاب العلاقة، فإن ابن المدعو (م. ب.) الذي ترك الشركة وابنه يتولى إدارتها، وعلى الرغم من الوكالات المعطاة له بالاسم، فإن التحقيقات التي أجراها المدعي العام المالي بيّنت أن (ج. ب.) قام بعملية الاحتيال وتزوير مستندات للضمان الاجتماعي، انطلاقًا من الإيصالات المزورة. وتفيد المعلومات أن المتهم توارى خارج لبنان (في الإمارات) وعاد بعد حوالي الشهر ونصف الشهر إلى لبنان.
فتح تحقيق بسرقة تصل إلى 2.8 مليار ليرة لبنانية من قبل أحد المتعاملين مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في لبنان
وهناك 17 شركة بين كبيرة ومتوسطة كانت موضوع التزوير. وهي شركات سُحبت أموال من حساباتها المصرفية ولم تدخل بحساباتها لدى الضمان. قيمة هذه المبالغ الأولية 2.8 مليار ليرة ويمكن أن يظهر عدد آخر من الشركات التي لم تدخل مستحقاتها إلى الصندوق. وهي دفعت لمجموعة الموظفين المشتركين بهذه العملية مدة الاحتيالات التي تعود للأعوام 2014 و2015 وصولًا إلى شهر آب/أغسطس الماضي، تاريخ اكتشاف العملية من قبل إدارة الصندوق. فهل تكون هذه البداية، لفتح ملفات كثيرة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي اللبناني؟، أم أن ما يتم فتحه، كما حدث سابقًا، يغلق عبر الحسابات السياسية والواسطة الحزبية؟.
اقرأ/ي أيضًا: