أدرجت الأمم المتحدة لأوّل مرةٍ إسرائيل في قائمتها السوداء للأطراف المرتكبة لانتهاكاتٍ جسيمةً ضدّ الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة خلال العام 2023. وذلك وفقًا لما نقلته وكالة الأناضول التي اطلعت على مسودة التقرير الأممي الذي لم يصدر رسميًا بعد، وإنْ كان سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، أكّد تلقّيه إخطارًا رسميًا من غوتيريش بإدراج الجيش الإسرائيلي ضمن قائمة عالمية سوداء للجناة المرتكبين لانتهاكات بحق الأطفال، واصفًا القرار بأنه "مخزٍ".
حيث أضاف أنّ من دخل اليوم إلى القائمة السوداء هو الأمين العام للأمم المتحدة الذي يشجع الإرهاب، على حدّ وصفه، كما دفع القرار الأممي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى التعليق قائلًا إن "الأمم المتحدة أدخلت نفسها في القائمة السوداء للتاريخ عندما انضمت إلى أنصار من وصفهم بالقتلة من حركة حماس"، مردّدًا أسطوانة "الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقيةً في العالم، ولن يغير أي قرار سخيف للأمم المتحدة هذا الواقع" على حد تعبيره.
ويحدث هذا التطور بالتزامن مع نشر تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة التي تبحث في الجرائم المرتكبة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أكّد تقرير هذه اللجنة الذي صدر اليوم الأربعاء 12 حزيران/يونيو ارتكاب إسرائيل جرائم حربٍ في قطاع غزة بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في القطاع المحاصر.
تقرير الانتهاكات ضدّ الأطفال
أفاد التقرير الذي أعدته الأمم المتحدة بارتفاع الانتهاكات الجسيمة ضدّ الأطفال في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بنسبة 155 بالمئة خلال العام 2023، واقتضى ذلك قيام المنظمة الأممية بإدراج كلٍّ من الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن الإسرائيلية في القائمة السوداء للكيانات التي ارتكبت انتهاكاتٍ ضد الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة.
وسجّل التقرير الأممي 7837 انتهاكًا ضد 4247 طفلًا فلسطينيًا في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.
اعتقلت إسرائيل 906 أطفال فلسطينيين، وجيشها يعرقل وصول الأطفال إلى المساعدات الإنسانية في غزة والضفة الغربية والقدس
وأشار التقرير إلى أن تلك الانتهاكات "ارتكبها الجيش الإسرائيلي والمستوطنون الإسرائيليون غير الشرعيين"، كما أوضح التقرير أن الجيش وقوات الأمن الإسرائيلية مسؤولة عن 5 آلاف 698 من تلك الانتهاكات.
وذكر التقرير أيضًا أن إسرائيل اعتقلت 906 أطفالٍ فلسطينيين. وفضلًا عن ذلك أشار التقرير إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يعرقل وصول الأطفال إلى المساعدات الإنسانية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.
ولفت التقرير الأممي النظر إلى أن هناك 23 ألف انتهاكٍ جسيمٍ لا تزال في حاجة إلى تأكيدات بسبب الأوضاع في غزة في الربع الأخير من عام 2023 بعد شنّ إسرائيل حربها على قطاع غزة.
ويشار ههنا إلى أنّ العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر خلّف قرابة 122 ألف فلسطينيٍ بين قتيلٍ وجريحٍ، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط مجاعةٍ ودمارٍ هائلٍ.
ولم يتمكّن التقرير الأممي من توثيق هذه الحالات بسبب أوضاع الحرب، ولذلك اقتصر على الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال حول العالم خلال العام 2023، وهي انتهاكاتٌ كان أغلبها في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار والصومال ونيجيريا والسودان. على أن يصدر في العام 2024 تقريرٌ جديدٌ يوثّق انتهاكات وجرائم دولة الاحتلال ضدّ أطفال غزّة.
مساعٍ دبلوماسية إسرائيلية لعرقلة التقرير
سعى دبلوماسيون إسرائيليون في الأمم المتحدة، من وراء الكواليس، إلى منع إدراج اسم "إسرائيل" في القائمة السوداء للدول التي تستهدف الأطفال في مناطق الحروب، وذلك على خلفية العدوان على غزة.
وعمل الدبلوماسيون الإسرائيليون على محاولة إقناع الأمم المتحدة بتصحيح "العيوب الكثيرة" المشمولة في مسوّدة التقرير على حد وصف صحيفة "يديعوت أحرونوت" التي تناولت تلك المساعي.
وبحسب الادعاءات داخل "إسرائيل"، فإن "عداء" غوتيريش لها سيكون سببًا في إدراجها بـ"القائمة السوداء" إلى جانب داعش والقاعدة وبوكو حرام وغيرها من التنظيمات المسلحة.
وعلى الرغم من أنّ الدول والمنظمات التي تشملها القائمة السوداء للأمم المتحدة لا تواجه فرض عقوباتٍ فوريّةً عليها، إلا أنّ المخاوف الإسرائيلية الأساسية تكمن في أن يقود وجود اسم "إسرائيل" في القائمة إلى مبادراتٍ دوليةٍ إضافيةٍ ضدها، من قبيل مقاطعة شركاتٍ تجاريةً أو شركات أسلحةٍ لها.
وكانت إسرائيل تسارع كل مرةٍ يجري فيها الحديث عن إدراج اسمها في "القائمة السوداء" إلى اتخاذ خطواتٍ استباقية، حالت العام الماضي دون أن تشملها القائمة.
تقرير اللجنة الأممية المستقلة
نشرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة تقريرها حول انتهاكات القانون الدولي والجرائم الدولية التي ارتكبتها الأطراف خلال الفترة الممتدة من 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2023.
وأكّدت اللجنة في تحقيقها المذكور أنّ إسرائيل "ارتكبت جرائم حرب بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة". وبناءً على ذلك طالبت اللجنة إسرائيل "بوقفٍ فوريٍّ لحربها المدمرة التي أجبرت آلاف المدنيين بمدينة رفح جنوب القطاع على الفرار إلى مناطق غير آمنة".
يذكر أنّ إسرائيل تواصل حربها على غزة رغم قرارين من مجلس الأمن بوقف القتال فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادةٍ جماعيةٍ، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.