28-يونيو-2021

صورة تعبيرية (Getty)

أظهرت السنوات القليلة الماضية ازدهارًا مشهودًا في صحافة الموضة في الهند، حتى مع إغلاق مجلات الموضة. ففي الماضي كانت مجلات الموضة تحتوي على الكثير من الإعلانات التجارية، والبيانات الصحفية لعروض الأزياء في المعارض المختلفة والتي تضم التفاصيل عن هذه المعارض، وكذلك كان من الممكن القول بأنها مجلات مهووسة بالمشاهير أكثر من عرض آخر صيحات الموضة من أجل تلبية حاجة الجمهور للمعرفة.

يتركز دور صحافة الموضة في تقديم تغطية إعلامية متكاملة وطرح الأفكار وإلقاء الضوء على جوانب مختلفة من صناعة الموضة، لا الترويج لمنتجات وعلامات تجارية محددة عبر مواد بصرية فقط

ويضاف إلى كل ذلك أن مجلات الموضة كانت محكومة بالتسويق للعلامات التجارية عبر عرض صور مكثفة والاكتفاء بعدة كلمات فقط لا غير إلى جانب الصور كما لو كان النص الصحفي مجرد إضافة للموضة، وكأن الكتابة الصحفية عن الموضة في المجلات كانت بحكم التابعة للصورة. وكانت الكتابة الصحفية تجري حول تفاصيل عديدة غير أنها لم تكن تتطرق إلى الموضة بأبعادها الفكرية وفنها وتصاميمها ومبدعيها.

اقرأ/ي أيضًاالأمم المتحدة تحذر من كارثة في حال تعذر وصول المساعدات لشمال غرب سوريا

أما الأسباب التي تقف وراء هذا التحول نحو الأفضل لصحافة الموضة فيعزوه البعض إلى إطلاق المنصات الرقمية، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي "عاصمة صحافة الموضة" الحديثة، وخاصة تلك المنصات الجادة التي تعنى بنشر كتابات هادفة حول عالم الموضة وتقاطعاتها مع مواضيع وقضايا أخرى. على سبيل المثال، لوحظ من عدد من المراقبين أن منصة "صوت الموضة" أحدثت فرقًا كبيرًا في نوعية وطبيعة المحتوى المقدم للجمهور.

في الجهة المقابلة يعتبر آخرون أن ما يهم ليس مكان النشر أو المنصة، إنما ما يهم هو القصة ومحتواها. فقد بدأ صحفيو الموضة يفكرون خارج الصندوق ويبحثون عن قصص جديدة في أماكن غير معتادة ويطرقون أبوابًا جديدة، بداية من حياتهم الخاصة إلى النظام البيئي الأوسع والمحيط الكبير الذي تنتمي إليه هذه الموضة. على سبيل المثال نشرت مقابلة بقصة لافتة في موقع غرازيا  بعنوان "كيف ستتكيف صحافة الموضة مع تحديات ما فرضه كوفيد-19؟". الحوار، والذي يعد نموذجًا لما يمكن البحث فيه من قضايا تخص الموضة وبشكل أكثر راهنية، والذي أجراه الصحفي باري رودجرز مع المحرر باندانا تيواري، تناول مسألة العلاقة بين المطبوع والمنصات الرقمية وعلاقة الموضة بكل منهما.

وعن هذه المقاربة قالت الباحثة والكاتبة والناشطة النسوية، مانجيما بهاتاشارجيا، في تقريرها المنشور بتاريخ 27 حزيران/يونيو 2021، في موقع فيرست بوست، أنه "في الطباعة، أنت تنتج كومة جميلة من الورق بمثابة قطعة أثرية جميلة، بينما على الإنترنت، أنت لست كذلك"، وأضافت "عبر الإنترنت، يسمح لك، كما يتم تشجيعك على إبداء رأيك سلبًا أم إيجابًا، كما يسمح لك بتقديم المقترحات مما يتيح للجمهور مساحة تفاعل أكبر مع الموضة"، وتابعت بالقول "وهكذا، تتسم الكتابة عن الموضة عبر الإنترنت بنوع معين من الحرية والصدق".

وتجدر الإشارة إلى تداخل عوامل إضافية لعبت دورًا في هذا التحول، منها العودة الجزئية إلى الصناعة اليدوية، العمل على إنتاج أزياء مستدامة، والحث الدؤوب من قبل كتاب الموضة عن مزيد من القصص النوعية التي تتعلق بالحس والثقافة والهوية والخصوصية الهندية، كذلك الكشف عن مكامن الشبه والترابط مع التصاميم الغربية في الموضة. وبذلك، أصبح هناك طلب كبير وواضح على هذا النوع من المعلومات مما أتاح الفرصة لهذا النوع من الكتابة الصحفية بالرواج في الهند.

وكنتيجة طبيعية للتسوق عبر الإنترنت، صار الناس يريدون معرفة المزيد عما يرتدونه. يريد الناس قدرًا أكبر من الشفافية حتى يتمكنوا من اتخاذ خيارات أكثر وعيًا. وهذا بدوره دفع العلامات التجارية إلى إعادة صياغة علاقاتها العامة ونسج عنصر إثنوغرافي في سرد ​​قصصها يأخذ في الاعتبار العناصر الثقافية والعادات والسلوكيات والاختلافات. وقد أصبح الكتاب والصحفيون اللامعون أكثر ارتياحًا للكتابة عن الموضة بقدر ارتياحهم للكتابة عن النسوية أو الطعام. من ناحية أخرى، أدرك العديد من صحفيي الموضة أنهم صحفيون أولًا، وليسوا من عشاق الموضة فقط. لذلك باتوا لا يكتبون فقط كأبواق لبعض المصممين من أصحاب الاتجاهات والتيارات الفنية والثقافية المحددة. وقد وضحت مهمة صحفي الموضة بنسبة كبيرة حيث صار دوره "الإعلام وطرح الأفكار وإلقاء الضوء على جوانب مختلفة من صناعة الموضة".

وقالت مؤلفة أول كتاب مدرسي عن صحافة الموضة تم نشره في عام 2015، جولي برادفورد "لقد بدا لي دائمًا أن صحفيي الموضة لديهم صحافة سيئة، سواء من زملائهم في أجزاء أخرى من الصناعة، أو من الأكاديميين الذين يكتبون عن الموضة"، وأضافت "على الرغم من أن صحافة الموضة غالبًا ما توصف بكونها شكل ضحل من الكتابة، إلا أنها تتمتع بعمق كبير، أكثر مما يرغب معظم الناس في الاعتراف به"، بحسب تقرير نشره موقع ذا ليكسنغتونلاين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تيك توك يقسم الشارع المصري بين مطالب حظره ورفض مصادرة النظام لحرية المستخدمين

بريطانيا تتّجه لحظر الإعلانات المتلفزة للوجبات السريعة قبل الـ9 مساء