26-أبريل-2024
الأشهر الحرم

تعتبر الأشهر الحرم فترة مقدسة في الإسلام تشهد تفردًا وتميزًا بالعبادة والتقرب إلى الله

تعتبر الأشهر الحرم فترة مقدسة في الإسلام تشهد تفردًا وتميزًا بالعبادة والتقرب إلى الله. وتُعتبر هذه الأشهر فرصة للمسلمين لتجديد العهد مع الله وتعزيز الروابط الروحية، ولكن لماذا تم تسميتها بـ الحرم؟ وما فضل هذه الأشهر المباركة؟ دعونا نلقي نظرة عميقة على أصول التسمية والقيمة الدينية والروحية لكل منها، ونتعرف على العظمة والقدرة التي تتمتع بها هذه الفترة الخاصة في السنة الإسلامية.

تعتبر الأشهر الحرم أشهرًا مقدسة في الإسلام، وتحظى بأهمية خاصة في العبادة والتقرب إلى الله، وتسمى هذه الأشهر بالأشهر الحرم بذلك الاسم لأسباب دينية وتقليدية مرتبطة بالشريعة الإسلامية والتاريخ الإسلامي.

 

لماذا سميت الأشهر الحرم؟ وما فضلها؟

تعتبر الأشهر الحرم أشهرًا مقدسة في الإسلام، وتحظى بأهمية خاصة في العبادة والتقرب إلى الله، وتسمى هذه الأشهر بالأشهر الحرم بذلك الاسم لأسباب دينية وتقليدية مرتبطة بالشريعة الإسلامية والتاريخ الإسلامي. وسبب تسميتها بذلك لأنه فيها يجب على المسلمين الامتناع عن ارتكاب المعاصي والمظالم خلالها بل وتزيد الحرمة فيها. ويحرم القتال فيها بين الناس أيضًا وهذا لحكمة ورحمة الله لعباده؛ حتى يسافروا فيها، وحتى يحجوا ويعتمروا فيها. وهذ الأشهر هي الشهور الأربعة:رجب، وذو القعدة، وذو الحجة ومحرم، وفيما يأتي تفصيل لسبب تسمية كل شهر منها واعتباره من الأشهر الحرم، وهي:

  1. شهر محرم

شهر محرم هو أول شهر في التقويم الهجري الإسلامي وهو ثالث الأشهر الحُرم، ويعتبر شهرًا مقدسًا ومعظمًا لدى المسلمين. ويأتي الاسم "محرم" من الكلمة العربية "حرم" التي تعني الحرمة والقدسية وقد حُرّمت فيه المعاصي والقتال. وفي الإسلام يتميز شهر محرم بالعديد من الأحداث والمناسبات الدينية الهامة.

ومن أبرز الأحداث الدينية في شهر محرم هو يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من هذا الشهر، الذي يسن فيه الصيام للمسلمين لفضله مع الذكر والدعاء، ويعتبر شهر محرم أيضًا فترة تشجع على العبادة والتأمل، وكذلك لتجديد العهد مع الله والاستقامة على الطاعات والأعمال الصالحة.

 

  1. شهر رجب

شهر رجب هو الشهر السابع من السنة القمرية أو في التقويم الهجري والذي يأتي بعد شهر جمادى الآخرة وقبل شهر شعبان. وسمي برجب من الترجيب: وهو التعظيم. ويقال رَجَبَ السَّيد رَجْبًا : خَافَهُ، أَوْ هَابَهُ وَعَظَّمَهُ، وفيه يقال المثل الشهير: عِش رَجَبًا ترَ عَجَبًا، الذي يُضرب في الوعيد بعد حين، وقيل كناية عن السَّنة. وأيضًا سُمي بالشهر الأصم لعدم سماع صوت سيوفٍ فيه فهو من الأشهر الحرم التي يُحرم فيها القتال.

 

ويحتل شهر رجب مكانة مميزة في الإسلام، ويتميز بالعديد من الفضائل والمناسبات الدينية.وتاريخيًا يُعتبر شهر رجب شهر الاستعداد لشهر رمضان المبارك، حيث يمثل بداية الاستعداد الروحي والمعنوي لاستقبال شهر الصوم والعبادة. كما يُشير البعض إلى أن في هذا الشهر تتوافد البركات والرحمة من الله على العباد، وتُضاعف الحسنات وتُمحى فيه السيئات.

ومن الأعمال المستحبة في شهر رجب قراءة القرآن الكريم وزيادة العبادات والصلوات النافلة، كما يُنصح بالصيام خاصة في الأيام البيض، وهي الأيام الثالثة عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر.

وبالإضافة إلى ذلك يُعتبر شهر رجب فرصةً لطلب الغفران والتوبة، وللتفكر في النعم التي أنعم الله بها علينا والاستعداد لاستقبال شهر رمضان بقلوب مطمئنة ونقية.

 

  1. شهر ذو القعدة

شهر ذو القعدة هو الشهر الحادي عشر في التقويم الهجري، وهو أحد الأشهر الحرم الأربعة في الإسلام. ويأتي بعد شهر شوال وقبل شهر ذو الحجة، وقد سُمي ذو القعدة بالفتح والكسر، جمع ذوات القعدة؛ لأنّ العرب تقعد فيه عن القتال تعظيما له ، وقيل: لقعودهم فيه عن رحالهم وأوطانهم.

ويتميز ذو القعدة بالعديد من الفضائل والأحداث الدينية المهمة، ويعتبر من الشهور المباركة، وفيه تُعظم العبادات والأعمال الصالحة. ويُنصح فيه بالصيام خاصة في الأيام البيض، وهي الأيام الثالثة عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر هجري، حيث يُعتبر الصيام فيها من الأعمال المستحبة.

وأيضًا يُحث المسلمون على الاجتهاد في الطاعات وزيادة العبادات في هذا الشهر، مثل قراءة القرآن الكريم والصلاة والصدقة والذكر، والتفكر في آيات الله وتقوية العلاقة بالله. وبالإضافة إلى ذلك يعتبر شهر ذو القعدة فرصةً لطلب الغفران والتوبة، والتفكر في النعم التي أنعم الله بها علينا، وتجديد العهد مع الله والاستعداد للمواسم الدينية القادمة.

شهر ذو الحجة هو الشهر الثاني عشر في التقويم الهجري، ويعد من بين الأشهر الحرم الأربعة في الإسلام. ويأتي بعد شهر ذو القعدة وقبل شهر المحرم، ويحتل مكانة خاصة في قلوب المسلمين نظرًا للأحداث والمناسبات الدينية الهامة التي ترتبط بهذا الشهر.

 

  1. شهر ذو الحجة

شهر ذو الحجة هو الشهر الثاني عشر من السنة القمرية ،والثاني عشر والأخير في التقويم الهجري، ويعد من بين الأشهر الحرم الأربعة في الإسلام. ويأتي بعد شهر ذو القعدة وقبل شهر المحرم، وسُمي بذو الحجة بالفتح وأجاز بعضهم الكسر  جمع ذوت الحجة؛ لأنه شهر الحجّ في الإسلام. ويحتل مكانةً خاصة في قلوب المسلمين نظرًا للأحداث والمناسبات الدينية الهامة التي ترتبط بهذا الشهر.

ومن أبرز الأحداث التي ترتبط بشهر ذو الحجة هي فريضة الحج، حيث يقوم المسلمون في هذا الشهر بأداء مناسك الحج في مكة المكرمة، ويتوافد المسلمون من جميع أنحاء العالم لأداء هذه الفريضة العظيمة. وتشمل مناسك الحج مناسك مثل الطواف حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، ورمي الجمرات، وغيرها من الأعمال الطاعات المشروعة.

وبالإضافة إلى فريضة الحج يعتبر شهر ذو الحجة فرصة لزيادة العبادات والأعمال الصالحة، مثل الصيام والصدقة وقراءة القرآن الكريم، والتسبيح والذكر، وغيرها من الطاعات التي تقرب المسلم من الله.

ويومًا مهمًا في هذا الشهر هو يوم عرفة، الذي يأتي في اليوم التاسع من ذو الحجة، ويعد يومًا عظيمًا لدى المسلمين؛ حيث يتوافد الحجاج إلى جبل عرفات لأداء الوقوف، ويُسامحون بعضهم البعض ويتضرعون إلى الله بالدعاء والاستغفار.

وفي العاشر من هذا الشهر يأتي يوم عيد الأضحى المبارك، الذي يُعتبر من أعظم الأعياد في الإسلام، حيث به تُقام صلاة العيد ويُقدم الأضاحي تعبيرًا عن الشكر والفرح بنعمة الإيمان والإسلام.

 

ما هو فضل الأشهر الحرم؟

تتميز الأشهر الحرم بفضل عظيم في الإسلام، وتعتبر مقدسةً ومباركة لدى المسلمين. ومن أهم فضائل للأشهر الحرم:

  1. الفضل الديني: تُعتبر الأشهر الحرم فرصة للتوبة والعبادة، حيث يحث المسلمون على زيادة الطاعات وترك المعاصي في هذه الأشهر المباركة. كما أن الصيام والصلاة والذكر في هذه الأشهر تُثقل بالأجر والثواب وإن الأعمال الصالحة في الأشهر الحرم تحمل أجرًا أعظم من غيرها من الأشهر، وإن الدعاء والتضرع إلى الله في هذه الأشهر يُستجاب له بشكل أكبر. ويتمثل الفضل الديني للأشهر الحرم في عظمة هذه الأشهر في الإسلام وفي الفرصة الفريدة التي تُمنح للمسلمين لزيادة الطاعات والقربات. ومن أهم جوانب الفضل الديني للأشهر الحرم:
  • الفضل في العبادات: تعتبر الأشهر الحرم فترة مواتية لزيادة العبادات والأعمال الصالحة، مثل الصلاة والصيام وقراءة القرآن والذكر والصدقات، وزيادة الإحسان، وصلة الرحم، ويُعظم أجر هذه الأعمال في هذه الأشهر المباركة.
  • اجتناب المعاصي: يُحث المسلمون في الأشهر الحرم على تجنب المعاصي والمحرمات، والابتعاد عن كل ما يغضب الله، لأن الذنوب في هذه الأشهر تكون أشد وطأة وتكون عواقبها أكثر خطورةً.
  • التوبة والاستغفار: تُعتبر الأشهر الحرم فرصةً للتوبة والاستغفار، وللعودة إلى الله بقلب نقي ونية صافية، وهو ما يُعتبر وسيلة للتطهير الروحي والرفعة الدينية.
  • الدعاء والتضرع إلى الله: يُحث المسلمون في الأشهر الحرم على الدعاء والتضرع إلى الله، وطلب الخير والبركة والرحمة، ويُؤمنون بأن الله يستجيب لدعاء المؤمنين في هذه الأشهر المباركة.

 

  1. الفضل التاريخي: تحمل الأشهر الحرم ذكريات تاريخية هامة في تاريخ الإسلام، مثل هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة في شهر ربيع الأول. والأشهر الحرم لها فضل تاريخي يرتبط بأحداث تاريخية ودينية مهمة تُعتبر محطات هامة في تاريخ الإسلام والمسلمين.  ومعركة بدر أيضًا التي وقعت في هذا الشهر وأُعطيت أهميتها الدينية والتاريخية.

 

  1. الفضل الاجتماعي: تُعتبر الأشهر الحرم فرصة للتواصل والتآلف بين المسلمين، حيث يزداد الاجتماع والتراحم في هذه الأشهر المباركة. ويتجلى الفضل الاجتماعي لهذه الاشهر في عدة جوانب، وهي:
  • تعزيز الروح الدينية والتقوى: خلال الأشهر الحرم يتزايد الاهتمام بالعبادة والطاعة، حيث يحث المسلمين على زيادة العبادات والأعمال الصالحة خلال هذه الفترة، مما يساهم في تعزيز الروحانية والتقوى الدينية.
  • تعزيز الوحدة والتلاحم الاجتماعي: تجتمع الأسر والمجتمعات في الأشهر الحرم لأداء العبادات والطاعات المشتركة، مما يعزز الروابط الاجتماعية والتلاحم بين الأفراد ويُعزز الوحدة والتعاون في المجتمع.
  • تحفيز العطاء والتسامح: خلال الأشهر الحرم يزداد الاهتمام بالأعمال الخيرية والتطوعية، وتزيد مظاهر التسامح والتعاون بين الناس، مما يعزز الروح الإيجابية والتضامن المجتمعي.
  • تحفيز الاهتمام بالعمل الخيري والإنساني: تُعتبر الأشهر الحرم فرصة للتفكير في أهمية خدمة المجتمع ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وتشجيع الأفراد على العطاء وتقديم المساعدة للآخرين.

بهذا نكون قد استعرضنا بالتفصيل لماذا سُميت الأشهر الحرم وما فضلها في الإسلام، فقد كانت هذه الأشهر محورًا للعديد من الأحداث التاريخية والدينية المهمة، وهي تحمل قيمًا ومعانٍ عميقة في قلوب المسلمين. وتُظهر هذه الأشهر الحرم قدسيتها وأهميتها في تعزيز الروحانية والتقوى لدى المسلمين، وتذكيرهم بأهمية العبادة والتقرب إلى الله خلال هذه الفترات المباركة. فهي ليست مجرد أشهر في التقويم، بل هي فرصة لتجديد العهد مع الله والاقتراب منه بالطاعات والأعمال الصالحة. لذا يجب علينا أن نستغل هذه الفرصة النادرة لتعزيز روحانيتنا وتحقيق التقرب إلى الله، وأن نعمل جاهدين لاستخلاص الفوائد والفضائل التي تأتي مع هذه الأشهر الكريمة.