مع اقتراب وصول يوفنتوس لنهائي بطولة دوري أبطال أوروبا، تنتعش آمال الكرة الإيطالية في استعادة أمجاد الماضي الأوروبية وإيقاف هيمنة الفرق الإسبانية على لقب البطولة. فوز يوفنتوس على موناكو في ذهاب نصف نهائي البطولة بهدفين نظيفين جعله الأقرب للتأهل قبل مواجهة الفريقين في تورينو مساء الثلاثاء 9 آيار/ مايو الجاري، حيث يكفيه التعادل أو الخسارة بفارق هدف ليحجز مكانه في ملعب الألفية بمدينة كارديف الويلزية يوم الثالث من حزيران/يونيو القادم، حيث تُقام مباراة نهائي البطولة العريقة.
يملك يوفنتوس الدفاع الأقوى في دوري أبطال أوروبا إلى الآن، حيث لم تتلق شباكه سوى هدفين في مرحلة دوري المجموعات
آمال "الطليان" في وضع حدّ لغياب فرقهم عن منصة التتويج بدوري أبطال أوروبا ستكون معلّقة على فريق يوفنتوس، الذي يعيش حالة من الفورة والانتعاشة محليًا وأوروبيًا بعد اقترابه من الفوز بدرع الدوري الإيطالي للمرة السادسة على التوالي وتأهله لنهائي كأس إيطاليا أمام لاتسيو.
ويعود آخر تتويج إيطالي بدوري أبطال أوروبا إلى عام 2010، حين فاز إنتر ميلان على بايرن ميونيخ بنتيجة 2-0 في ملعب سانتياغو بيرنابيو في مدريد، ومن بعد هذا التاريخ لم ينجح أي فريق إيطالي في الوصول للمباراة النهائية للبطولة سوى يوفنتوس، الذي خسر في نهائي 2015 أمام برشلونة بثلاثة أهداف مقابل هدف. ويُذكر أن يوفنتوس تمكّن من الوصول للنهائي 4 مرات بعد آخر تتويج له بالبطولة في 1996.
اقرأ/ي أيضًا: يوفنتوس يوجّه رسالة تحدي للريال من الإمارة الفرنسية
كلمة السر: بوغبا
قد يظن البعض أن بيع أفضل لاعب لديك سيعيد الفريق خطوة للوراء على مستوى المنافسة المحلية والقارية، ولكن يوفنتوس أثبت العكس في مطلع الموسم الحالي، بعد بيع نجمه بول بوغبا إلى مانشستر يونايتد في صفقة وصلت قيمتها إلى 120 مليون يورو. الفريق الإيطالي أجاد استخدام قيمة الصفقة الضخمة في تعزيز صفوفه، حيث تمكن من ضم البرازيلي داني ألفيش الظهير الأيمن لبرشلونة والمغربي مهدي بن عطية مدافع بايرن ميونخ والبوسني ميراليم بيانيتش صانع ألعاب روما والإسباني غونزالو هيغواين مهاجم نابولي والكرواتي ماركو بياتسا جناح دينامو زغرب بالإضافة لتجديد إعارة الكولومبي خوان كوادرادو جناح تشيلسي.
يوفنتوس استغل أموال بيع بوغبا أيضًا في تأمين مستقبل النادي عن طريق التعاقد مع مواهب شابة خلال الموسم الحالي ستنضم إلى الفريق بداية من الموسم القادم، مثل الأوروغوياني رودريغو بنتانكور متوسط ميدان بوكا جونيور الأرجنتيني وقلب الدفاع الإيطالي ماتيا كالدارا لاعب فريق أتالانتا.
اعتبر كثيرون أن رحيل بوغبا عن يوفنتوس سيكون نهاية المشروع الذي شهد وصول "السيدة العجوز" إلى نهائي عام 2015 للمرة الأولى منذ 12 عامًا، ولكن عودة يوفنتوس إلى التألق بعد فضيحة 2006 تخبرنا عن قدرة هذه المنظومة القوية على إعادة لمّ الشمل بعد المحن والأزمات. نهائي 2015 لم يكن طفرة عابرة على منحنى الصعود المستمر ليوفنتوس أوروبيًا، بل كان بروفة لما يُتوّقع حدوثه في الموسم الحالي، ولولا حالة برشلونة الخرافية وقتها لكان اليوفي متوَّجًا على عرش الكرة الأوروبية. بعد 32 بطولة للدوري الإيطالي و11 بطولة للكأس، حان الوقت لحصد اللقب الثالث لدوري الأبطال من أجل ضمه إلى خزانة التتويجات.
اقرأ/ي أيضاً: بوفون وصراع الكرة الذهبية
أسباب الجدارة
حظوظ يوفنتوس في التتويج باللقب كبيرة، مع امتلاكه تشكيلة هي الأفضل بين فرق أوروبا تكتيكًا وفنيًا وعلى مستوى إمكانيات اللاعبين
يملك يوفنتوس الدفاع الأقوى في البطولة إلى الآن، حيث لم تتلق شباكه سوى هدفين جاءا في مرحلة دوري المجموعات، ولم تتمكَّن فرق بورتو وبرشلونة وموناكو من تسجيل أي هدف في 5 مباريات لعبها الفريق أمامها في الأدوار الإقصائية للبطولة. حظوظ يوفنتوس في التتويج باللقب هذا الموسم كبيرة، مع امتلاكه تشكيلة هي الأفضل بين فرق أوروبا تكتيكًا وفنيًا وعلى مستوى إمكانيات اللاعبين وقدراتهم دفاعيًا وهجوميًا. وليس احتكار يوفنتوس للقب الدوري الإيطالي في آخر 5 مواسم سوى التعبير الأمثل عن تفوقه في الاستفادة من عنصري الشباب والخبرة بين صفوفه، بدءًا من حراسة المرمى ورباعي خط الدفاع (داني ألفيش وجورجيو كيلّيني وليوناردو بونوتشي وأليكس ساندرو) مرورًا بوسط الملعب (سامي خضيرة وميراليم بيانيتش وباولو ديبالا) وصولًا للهجوم بقيادة غونزالو هيغواين وماريو مانزوكيتش وخوان كوادرادو.
الرغبة في التتويج باللقب الأوروبي يغذّيها دافع إضافي لدى حارس يوفنتوس المخضرم جانلويجي بوفون، الذي حقق كل البطولات الممكنة مع ناديه ولم يتبق له سوى الفوز بدوري أبطال أوروبا، بينما بقية عناصر التشكيلة الأساسية الحالية ليوفنتوس لم تلامس الكأس ذات الأذنين من قبل، باستثناء داني ألفيش وسامي خضيرة، لاعبا برشلونة وريال مدريد السابقين على الترتيب.
اقرأ/ي أيضًا: بوفون وصراع الكرة الذهبية
قد يكون ما فعله المدرب ماسيمليانو أليغري مع يوفنتوس على المستوى المحلي ليس بالإنجاز الكبير، لأنه من السهل على أي مدرب جيد حصد جميع البطولات المحلية في إيطاليا إذا كان مدربًا للسيدة العجوز، ولكن التحدي الأصعب الذي ينتظر المدرب المخضرم هو تحقيق لقبه الأوروبي الأول مع اليوفي.
الاستقرار الفني ليوفنتوس، متمثلًا في إعلان استمرار أليغري على رأس القيادة الفنية للفريق حتى 2021، ساهم في زيادة قوة الفريق واتضح ذلك في فهم مدرب ميلان السابق مواطن قوة وضعف كل لاعب في تشكيلته. ورغم رحيل عدد من لاعبيه المميزين في العامين الماضيين مثل ألفارو موراتا وأندريه بيرلو وأرتورو فيدال وباتريس إيفرا، استطاع أليغري تدعيم قائمة الفريق بمجموعة من اللاعبين الذين كانوا بمثابة قطع "البازل" اللازمة لإكمال المشروع الطموح لإعادة الأمجاد الأوروبية.
أخيرًا، على المستوى التكتيكي، يحظى يوفنتوس بميزة فريدة عن أغلب الفرق في الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى، وهي قدرته على اللعب بأكثر من طريقة لعب وتوظيف لاعبيه لإخراج أفضل ما لديهم في كل خطة، حيث يستطيع الاختيار من بين طريقة 3-5-2 أو 4-4-2 أو 4-2-3-1، الأمر الذي يعطي مرونة لازمة في التعاطي مع المواعيد الكبيرة ويدعم حظوظ الفريق في تسيير المباراة لصالحه والخروج بالنتيجة المطلوبة.
اقرأ/ي أيضًا:
رونالدو يكتب تاريخاً جديداً في ليلة الانتصار على أتلتيكو مدريد