في السنوات الأخيرة، مثّل ابتعاد لاعبي الأهلي والزمالك عن الحصول على لقب هدَّاف الدوري المصري لغزًا محيرًا ومؤشرًا على حالة من العقم الهجومي لقطبي الكرة المصرية وفشل مهاجميهم في اقتناص الفرص المتاحة أمامهم للتسجيل في مرمى الخصوم، ما أدّى لترك الساحة للاعبي الأندية الأخرى للتفوق ومن ثمّ لهاث كلا الناديين وراء الهدّافين في مواسم الانتقالات للفوز بتوقيعهم. لكن الأمر الغريب أن تألق هؤلاء الهدّافين مع أنديتهم لا يستمر عند انتقالهم للناديين الكبيرين، وهو ما يفتح الباب أمام البحث عن أسباب ذلك ومدى تأثيره.
مؤخرًا، مثّل ابتعاد لاعبي الأهلي والزمالك عن الحصول على لقب هدَّاف الدوري مؤشرًا على حالة من العقم الهجومي لقطبي الكرة المصرية
خلال العشر سنوات الماضية، لم يحصل أي لاعب من لاعبي القطبين الأهلي أو الزمالك على لقب الهدّاف منفردًا، وهو ما يستمر حدوثه في الموسم الحالي من خلال تفوق أحمد الشيخ لاعب مصر المقاصة على جميع لاعبي أندية الدوري باعتلاء الصدارة برصيد 14 هدفًا، في الوقت الذي ابتعد فيه لاعبو القطبين عن الدخول في المنافسة؛ حيث يأتي مؤمن زكريا ووليد سليمان في صدارة هدافي الأهلي برصيد 7 أهداف لكل منهما، بينما فشل حسام باولو، هدّاف الموسمين السابقين ولاعب الزمالك الحالي، في تسجيل أكثر من 8 أهداف هذا الموسم، منها 6 مع فريقه السابق، سموحة قبل انتقاله إلى الزمالك في الميركاتو الشتوي الأخير.
اقرأ/ي أيضًا: أهداف قليلة.. لعنة كوبر تصيب الدوري المصري
قد يكون اعتماد الفريقين الكبيرين على أسلوب اللعب الجماعي وعدم التركيز على اللاعب الواحد سببًا لابتعاد لاعبي القطبين عن صدارة الهدّافين، بجانب عدم وجود الهدّاف القادر على التفوق، خصوصًا أن طبيعة لعب الأهلي والزمالك تختلف عن باقي أندية الدوري المصري التي تميل للعب الدفاعي في مواجهة القطبين ما يصعّب من مهمة لاعبي الأهلي والزمالك في التسجيل، وبالأخص المهاجمين. باسم مرسي مهاجم الزمالك كان الأقرب لتحطيم تلك العقدة في الموسم قبل الماضي، ولكن تفوق حسام باولو حرمه من الفوز بلقب هدّاف الدوري.
واللافت للنظر أن موسم 2006/2007 هو آخر موسم شهد حصول أي من لاعبي الناديين على لقب الهدّاف، حين استطاع الأنجولي أمادو فلافيو، مهاجم الأهلي السابق، التتويج باللقب بعد إحرازه 17 هدفًا. من بعدها، لم ينجح أي لاعب من الفريقين في الفوز بلقب الهداف منفردًا، إذ حصل الثنائي فلافيو وبابا آركو من الأهلي وطلائع الجيش على لقب الهداف موسم 2008/2009 برصيد 12 هدفًا لكل منهما، وتكرر السيناريو بتقاسم كل من محمود عبد الرازق شيكابالا وأحمد عبد الظاهر، من الزمالك وإنبي لقب الهداف موسم 2010/2011 برصيد 13 هدفًا لكل منهما، أما في باقي مواسم تلك الفترة فكان التفوق من نصيب مهاجمي الأندية الأخرى.
في موسم 2007/2008، نجح علاء إبراهيم، لاعب بتروجيت، في اقتناص لقب الهدّاف برصيد 15 هدفًا، وفي موسم 2009/2010 حصل النيجيري مينسواه بوبا على اللقب برصيد 14 هدفًا، وكان يلعب في تلك الفترة مع نادي اتحاد الشرطة قبل التنقل بين عدد من الأندية حتى استقر به المطاف حاليًا باللعب مع نادي الداخلية.
في الموسم التالي 2011/2012 لم تُستكمل مسابقة الدوري بسبب كارثة ستاد بورسعيد وفي الموسم التالي توقف النشاط الكروي في مصر تمامًا لأسباب أمنية. في موسم 2013/2014، حصل الغاني جون انطوي، مهاجم الإسماعيلي، على لقب الهدّاف برصيد 11 هدفًا، وبعد انتقاله للأهلي في الموسم التالي لم ينجح في تكرار إنجازه قبل أن يعيره الأهلي إلى نادي مصر المقاصة في مطلع الموسم الحالي.
اقرأ/ي أيضًا: محمود تريزيجيه ورمضان صبحي في طريقهما نحو أوروبا
وفي موسم 2014/2015 حصل حسام باولو، مهاجم الداخلية السابق، على لقب الهداف برصيد 20 هدفًا، قبل أن يكرر الأمر نفسه في الموسم التالي ولكن بقميص سموحة برصيد 17 هدفًا، ليكون اللاعب الوحيد في تاريخ الدوري المصري الذي يحرز لقب الهداف مع ناديين مختلفين في موسمين متتاليين، وبعد انتقاله إلى نادي الزمالك لم يحرز سوى هدفين، وهو ما يجعله بعيدًا جدًا عن تحقيق إنجاز تاريخي بإحرازه لقب الهداف مع ثلاثة أندية مختلفة.
اعتماد الفريقين الكبيرين في مصر على أسلوب جماعي وعدم التركيز على اللاعب الواحد قد يكون سببًا لابتعاد لاعبيهما عن صدارة الهدافين
تاريخيًا، يعتبر ناديا الإسماعيلي والترسانة (4 ألقاب دوري مجتمعين) أكثر ناديين حصل لاعبوهما على لقب هداف الدوري المصري بـ 11 مرة لكل منهما، ويأتي بعدهما في المركز الثاني كل من الأهلي والزمالك (50 لقب دوري مجتمعين) بحصول لاعبيهما على لقب الهداف 10 مرات لكل منهما، ويأتي بعدهم النادي المصري (لم يفز بالدوري ولا مرة) الذي حقق لاعبوه لقب الهدّاف 4 مرات، وهو الأمر نفسه مع أندية المنصورة واتحاد الشرطة والكروم وبتروجيت وسموحة والقناة التي فاز اللاعبين فيها بلقب الهداف مرة واحدة، رغم أن تلك الفرق لم تنجح في تحقيق لقب الدوري أبدًا وبعضها يلعب في الدرجات الأدنى حاليًا.
ومن خلال استعراض سباق الهدّافين في الموسم الحالي يتضح أن أحمد الشيخ، مهاجم مصر المقاصة، المُعار من الأهلي، يغرّد منفردًا في الصدارة برصيد 14 هدفًا، يليه أحمد جمعة مهاجم المصري البورسعيدي بـ 10 أهداف، وفي المركز الثالث يأتي الكونغولي كابونجو كاسونجو، لاعب الاتحاد السكندري، برصيد 9 أهداف، وفي المركز الرابع نانا بوكو مهاجم مصر المقاصة أيضًا الذي رحل للاحتراف في نادي الشباب الإماراتي، ويأتي بعده حسام باولو برصيد 8 أهداف. ومع استمرار ابتعاد لقب هداف الدوري عن لاعبي الفريقين الأكثر تتويجًا بلقب الدوري المصري يبقى السؤال مطروحًا: إلى متى سيظل هذا الوضع؟
اقرأ/ي أيضًا: