ألترا صوت – فريق التحرير
بدأت السلطات المحلية في بيلاروسيا حملة ضد الصحفيين الذين يقومون بتغطية الاحتجاجات التي هزت البلاد منذ أكثر من 20 يومًا، ردًا على إعادة انتخاب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو لولاية سادسة على التوالي، من حيث سحبها اعتماد بعض الصحفيين الأجانب تمهيدًا لترحيلهم، فضلًا عن إلغاء اعتماد عشرات الصحفيين العاملين محليًا، وتوجهها للتعاقد مع صحفيين من روسيا.
صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أيام عن تشكيل قوة للشرطة الاحتياطية من أجل التدخل في بيلاروسيا "إذا اقتضت الحاجة" وفق تعبيره
وقالت رابطة الصحفيين في بيلاروسيا إن السلطات المحلية سحبت اعتماد ما لا يقل على 17 صحفيًا بيلاروسيًا، في حين أشارت تقارير منفصلة إلى أن السلطات المحلية أمرت بسحب اعتماد صحفيين أجانب تمهيدًا لترحيلهم. ووفقًا لما تم تداوله فإن بين وسائل الإعلام التي تعرضت لحملة السلطات البيلاروسية، كانت كل من وكالات الأنباء الفرنسية ورويترز وأسوشيتد برس، فضلًا عن صحيفتي نيويورك تايمز، وول ستريت جورنال الأمريكيتين. ودويتشه فيله الألمانية.
اقرأ/ي أيضًا: هل تسقط معارضة بيلاروسيا "آخر ديكتاتور" في أوروبا؟
في المقابل أشار المتحدث باسم الحكومة البيلاروسية أناتولي غلاز إلى أن الإجراءات التي اتخذتها مينسك تجاه الصحفيين الذين يعملون على تغطية الاحتجاجات المحلية جاءت بناء على "على توصية من وحدة مكافحة الإرهاب في البلاد"، بينما قالت وزارة الداخلية إنها قامت بنقل الصحفيين إلى مركز الشرطة للتحقق من هوياتهم، وهو ما وصفه مراسل شبكة BBC البريطانية بأنه "محاولة واضحة للتدخل في تغطية الأحداث".
وبدأت الاحتجاجات ضد حكم الرئيس لوكاشينكو عقب الإعلان عن فوزه في نتائج الانتخابات الرئاسية يوم 9 آب/أغسطس 2020، وقالت لجنة الانتخابات المركزية حينها إن لوكاشينكو فاز بالانتخابات بنسبة 80 % من الأصوات، في مقابل حصول مرشحة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا على قرابة 10%، ما دفعها لإعلان رفضها الاعتراف بالنتائج، وسط دعوتها لاحتجاجات طويلة الأمد للإطاحة بلوكاشينكو الذي يحكم بيلاروسيا منذ 26 عامًا.
كما كان قرابة 260 صحفيًا وتقنيًا وعاملًا في القنوات ووسائل الإعلام الحكومية البيلاروسية قد وقعوا، يوم الاثنين 24 آب/أغسطس 2020، على عريضة تطالب بإلغاء نتائج انتخابات الرئاسة، وتضمنت العريضة التي وصلت نسخة منها إلى مكتب لوكاشينكو المطالبة بتقديم رئيسة لجنة الانتخابات ليديا يرموشينو استقالتها، وعدم السماح باستخدام العنف ضد المواطنين، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإلغاء الرقابة والمضايقات على عمل وسائل الإعلام.
تجددت الاحتجاجات في العاصمة مينسك يوم الأحد 30 آب/أغسطس 2020، للمطالبة بتنحي لوكاشينكو عن السلطة بالتزامن مع يوم عيد ميلاده
بينما أشار صحفيون بيلاروسيون إلى أن السلطات المحلية تعاقدت مع إعلاميين وتقنيين من روسيا لتغطية نقص العاملين في القنوات الحكومية بعد إعلان الإضراب بين العاملين فيها تضامنًا مع الاحتجاجات ورفضًا لقمعها والتضييق على الصحافة في البلاد. ونقلت وسائل إعلام روسية أن المتعاقدين الجدد من روسيا مع وسائل الإعلام البيلاروسية سيحصلون على راتب شهري بقيمة 5 آلاف روبل بيلاروسي، ما يعادل 2200 دولار. في الوقت الذي كان يتقاضى الموظف البيلاروسي 1500 روبل بيلاروسي شهريًا فقط في ذات المستوى الوظيفي.
اقرأ/ي أيضًا: زعماء يستخفّون بكورونا: "استعينوا بالفودكا والساونا" للقضاء على الفيروس
هذا وتجددت الاحتجاجات في العاصمة مينسك يوم الأحد 30 آب/أغسطس 2020، للمطالبة بتنحي لوكاشينكو عن السلطة بالتزامن مع يوم عيد ميلاده. وانضم عشرات الآلاف إلى الحشود المشاركة في الاحتجاجات على وقع هتاف "كل عام وأنت بخير أيها الفأر"، بحسب تقرير ميداني لوكالة رويترز، حاملين أعلامًا مخططة بالألوان الحمراء والبيضاء، علم بيلاروسيا سابقًا عندما أعلنت استقلالها عن الاتحاد السوفييتي قبل أن تتحول راية لقوى المعارضة في البلاد، بعدما أعاد لوكاشينكو العلم المستخدم في الحقبة السوفيتية.
ولا يمكن فصل التطورات الأخيرة التي تشهدها بيلاروسيا، بما في ذلك إصرار لوكاشينكو على التمسك بالسلطة، عن دور محوري يقوده الكرملين من خلال تقديم الدعم للرئيس البيلاروسي. الأمر الذي تؤكده تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أيام حول تشكيل قوة للشرطة الاحتياطية للتدخل في بيلاروسيا إذا اقتضت الحاجة. وألحق بوتين هذا الإعلان بتقديم التهنئة للوكاشينكو بمناسبة عيد ميلاده. إذ أشار في حديثه لقناة روسيا الأولى إلى أنه أكد في اتصال هاتفي مع لوكاشينكو على أن موسكو ستقدم المساعدة المطلوبة للسلطات البيلاروسية إذا اقتضت الضرورة. وشدد بوتين على أن بلاده "ستنفذ كل التزاماتها". غير أنه استدرك حديثه حول هذه النقطة بالإشارة إلى أن الاتفاق مع لوكاشينكو حول القوة الاحتياطية نص على عدم استخدامها طالما لم يخرج الوضع عن السيطرة.
وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد وافقوا خلال اجتماع عقد يوم الجمعة 28 آب/أغسطس 2020، على فرض عقوبات على نحو 20 شخصية من كبار المسؤولين في بيلاروسيا، بعد الاشتباه بقيامهم بتزوير الانتخابات وقمع المتظاهرين، وسط توقعات بأن يكون لوكاشينكو من بين المسؤولين الذين ستشملهم العقوبات الأوروبية. كما من المتوقع أن يعلن الاتحاد الأوروبي عن الأسماء المدرجة على لائحة العقوبات عند الانتهاء من الجوانب الفنية خلال أسبوعين على أقل تقدير.
اقرأ/ي أيضًا:
أزمة شرق المتوسط تدفع الاتحاد الأوروبي للتهديد بفرض عقوبات على أنقرة
وفد رسمي إسرائيلي في أبوظبي وواشنطن تتوقع المزيد من إعلانات التطبيع