توجهت الأنظار مرة أخرى إلى فلسطين المحتلة، بعد استمرار العدو الإسرائيلي في سياساته العدوانية، التي استهدفت هذه المرة أصحاب الرأي والكلمة، في دليل جديد على خوف الكيان المحتل من هذا السلاح الذي أظهر فاعلية كبيرة خلال الأحداث الأخيرة، فاعتقلت القوات الإسرائيلية الناشطة منى الكرد من حي الشيخ جراح صباح الأحد في السادس من حزيران /يونيو قبل أن تعود وتطلق سراحها بعد ساعات. كذلك قام الاحتلال بالاعتداء على الجسم الإعلامي مرة جديدة، عندما قمع بالأعيرة المطاطية والغاز، حشدًا من المتظاهرين المحتجين في شارع صلاح الدين في القدس، ما أدى إلى إصابة عشرة أشخاص بجروح، من بينهم مراسلتي قناة الجزيرة جيفارا البديري ونجوان سمري.
فلسطين ليست بالحدث على قنوات التلفزة بالنسبة للجمهور العربي، بقدر ما هي قضية أساسية يتم التفاعل معها على أسس التطورات اليومية انطلاقًا من موقف إستراتيجي واضح يستند إلى عدالة القضية نفسها
وقد حازت قضية منى الكرد على اهتمام واسع من الناشطين العرب على وسائل التواصل رفد الجهد الذي تمت ممارسته فلسطينيًا، حيث طالبوا بالإفراج الفوري عنها، رافضين سياسة القمع وكم الأفواه التي ينتهجها الاحتلال. وقد استخدم الناشطون لهذه الغاية وسم #منى_الكرد باللغتين العربية والإنجليزية، الذي انتشر بشكل كبير بُعيد توقيفها وفي الساعات التي تلت إطلاق سراحها. أحد الناشطين من الأردن اقتبس مقولة الكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني "إننا حين نقف مع الإنسان فذلك شيء ليس له علاقة بالدم واللحم وجوازات السفر"، للتعبير عن دعمه وتأييده لكلّ من منى ومحمد الكرد. فيما نشرت الإعلامية اللبنانية سمر بو خليل صورة منى الكرد بعد خروجها إلى الحرية وكتبت معلّقة "الروح الحرة تسطع على الجبين كالشمس".
بينما نشر الناشط الكويتي أسامة الكاظمي مقطع فيديو لمنى الكرد في سن مبكرة لها، وهي توثّق مشروع الاحتلال لتهويد القدس، وتقوم فيه بتشجيع أخاها وتطلب منه عدم الخوف من المحتل. فيما اعتبرت ناشطة أردنية أن الاحتلال عندما يقوم باعتقال أشخاص كمنى الكرد، فهذا لأنه يخشى ما هو أقوى من السلاح والرصاص، وهو كلمة الحقيقة.
من جهتها دعت الدكتورة زاهرة جاسر، وهي بروفيسورة مساعدة في جامعة سوسيكس، لأن تبقى العيون موجهة على ما يجري في القدس وفي حي الشيخ جراح، بعد الاعتداء على فريق عمل قناة الجزيرة، ومن ثم اعتقال منى الكرد، ورأت في هذه الممارسات، تصعيدًا خطيرًا للعدوان على المواطنين الفلسطينيين. فيما أشارت الناشطة كاملة من مصر، أن إسرائيل تخاف من كاميرا منى الكرد، ومن تغريدات شقيقها محمد.
وضمن السياق نفسه، نشرت إحدى الناشطات من إقليم كشمير مقطع فيديو يظهر لحظات اعتقال منى الكرد، وكتبت معلقة "اعتقلت إسرائيل هذه الشابة لأنها تلخّص الأمور التي لا يستطيع الاحتلال تحملها، فهي شجاعة، طالبة علم، وفلسطينية حتى النخاع. وقالت الناشطة فاتن عبد اللطيف من مصر، إن الإرهاب الإسرائيلي يعتقد أنه قادر على قتل أو اعتقال كل من يقف للدفاع عن أرضه.
كما نشرت الناشطة سلام صورة تظهر نساء فلسطينيات يتظاهرن ضد الاحتلال البريطاني في ثلاثينيات القرن الماضي، وقالت إن المرأة الفلسطينية تعود اليوم بعد 90 سنة للوقوف في وجه المحتل الإسرائيلي، حاملةً إرث الصمود، بينما أشار مغني الراب الهندي أرباز فاروقي إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بمنى ومحمد الكرد، بل بأعداد كبيرة من الفلسطينيين موقوفين أو محتجزين لدى الاحتلال.
وتأتي هذه العينة من المشاركات والتعلقيات التضامنية مع منى الكرد، ومع القضية الفلسطينية بالعموم، من بين موجة كبيرة شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي تزامنًا مع الحدث، لتقول بمرحلة جديدة من المتابعة والتضامن العربي الإلكتروني مع القضية الفلسطينية، سواء لناحية كمية واتساع المشاركات، أو من ناحية التوقيت المتزامن والمضامين، ففلسطين ليست بالحدث على قنوات التلفزة بالنسبة للجمهور العربي، بقدر ما هي قضية أساسية يتم التفاعل معها على أسس التطورات اليومية انطلاقًا من موقف إستراتيجي واضح يستند إلى عدالة القضية نفسها.