ألترا صوت – فريق التحرير
ما الذي نقرأه في الأدب الياباني؟ لا بد أن تشمل الإجابة غرابة هاروكي موراكامي، الروائي الياباني الأكثر شهرة خلال العقود الأربعة الماضية، وصاحب العوالم الغريبة التي لا تخلو من المرارة، بالإضافة إلى النبرة المميزة في الحديث عن الحزن وألم الفقدان في أعمال ياسوناري كاواباتا، والأبعاد الأسطورية التي يمد بها كينزابورو أوي حكاياته التي تتنقل بين الريف والعوالم الضيقة للعائلة، وموت الشخصيات وظهورها في فصول أخرى بأشكالٍ مختلفة في أعمال يوكيو ميشيما.
تحضر هذه الأسماء في المقدمة عند الحديث عن الأدب الياباني، دون أن يعني ذلك أنها الوحيدة. في هذه المقالة نستعرض لكم أربع روايات تصلح لعطلة نهاية الأسبوع، وتوسيع دائرة المعرفة بالأدب الياباني وعوالمه.
مطبخ
تُثير الكاتبة اليابانية بنانا يوشيموتو (1964) أسئلةٍ كثيرة في رواياتها، ترتبط غالبًا بالفقد والقدرة على التعامل معه، تمامًا كما لو أنها تحاول استقصاء آثار الموت، ورسم صورة تقريبية للحزن اليومي الذي يبدو عاديًا، بينما هو على العكس من ذلك تمامًا. هذا بالضبط ما تفعله في روايتها "مطبخ" (المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2001/ ترجمة بسام حجار)، إذ تحكي قصة فتاةٍ فقدت والديها في صغرها، ثم جدها، وبعد ذلك جدتها، وأخيرًا المرأة التي ذهبت للعيش معها هربًا من الوحدة، وتفاديًا للاصطدام بذكريات من رحلوا. وبين فقدٍ وآخر، نراقب تحولات البطلة ومحاولاتها المختلفة لتجاوز آثار الفقد، والتخلص من رغبتها في الكف عن الحياة، وعلاقتها المميزة بالمطبخ، حيث من الممكن تجاوز ما حدث.
ناراياما
يروي شيتشيرو فوكازاوا (1914) في روايته "ناراياما" (دار التنوير، 1982/ ترجمة محمد علي اليوسفي)، حكاية قريةٍ يابانية، يعيش سكانها وفقًا لما تمليه عليهم الأساطير التي تبدو أقرب إلى سلطةٍ خفية، تُسيّر حيواتهم وترسم مصائرهم أيضًا. وينقل فوكازاوا للقارئ هذه التفاصيل عبر أورن، العجوز التي تولت رعاية أحفادها الأربعة بعد وفاة زوجة ابنها، في انتظار قدوم امرأةٍ تتولى هذه المهمة، فبحسب التقاليد المتبعة في القرية، تأتي أرملة إلى البيت الذي تموت فيها الزوجة لتكون، ودون أي طقوسٍ رسمية، أمًا للأطفال وزوجة لوالدهم. وبقدوم الكنّة الجديدة، تستعد أورن للذهاب إلى الحج الذي يتوجب على كل من بلغ السبعين من عمره تأديته، وإلا لحقه العار، ولكنها تكتشف أنه وسيلة للتخلص من كبار السن الذين يموتون بردًا وجوعًا في "ناراياما"، الجبل المقدس الذي يحجّون إليه.
حذاء لك
تختار يوكو أوغاوا لرواياتها مواضيع غريبة، تُقدِّمها عبر شخصياتٍ تُبدي تفاعلًا ملفتًا مع هذه المواضيع، بحيث تبدو للقارئ مواضيع مألوفة ومعتادة، أو ستكون يومًا ما هكذا. في روايتها "حذاء لك" (دار الآداب، 2019/ ترجمة معن عاقل)، تسرد أوغاوا قصة فتاةٍ تعمل في مختبر للعينات، أسسه ويديره عجوز أتاح للبشر تحنيط أشيائهم، لا سيما الأشياء التي تبدو بسيطة وتافهة، ولكنها تعني لأصحابها الكثير، لأنها ترتبط بأحداثٍ ووقائع أعادت رسم مسار حيواتهم، ولأن تحنيطها وحفظها في مكانٍ آمن، سيعفيهم من استعادة ما يرتبط بها، لأنهم في الأساس لا يأتون إلى المختبر بأشياء يريدون تذكرها، تمامًا كما هو حال الفتاة التي جاءت بفطرياتٍ نمت على أنقاض منزلها الذي انتهى بحريقٍ قضى فيه جميع أفراد عائلتها.
الصمت
تناول شوساكو إندو في روايته "الصمت" (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2006/ ترجمة كامل يوسف حسين)، الصراع بين الحضارة اليابانية ومعتقداتها الدينية، والحضارة الأوروبية والديانة المسيحية، عبر سرده لمعاناة الياباني الذي اعتنق المسيحية متأثرًا بالحملات التبشيرية التي وجدت لها موطئ قدم في اليابان أول الأمر، قبل أن تنقلب عليها السلطات اليابانية التي رأت فيها تهديدًا للثقافة المحلية، فأطلقت حملة تطهير استهدفت الديانة الوافدة والمبشرين بها، الأمر الذي دفع عددًا كبيرًا ممتن اعتنقوا المسيحية للارتداد والعودة إلى البوذية، في الوقت الذي تستمر فيها السلطات في البحث عن المنتمين سرًا إلى هذه الديانة، وإجبارهم على الارتداد عنها بمختلف الوسائل، بما في ذلك العنف والتعذيب. ويُقدِّم الكاتب هذه التفاصيل عبر سرد قصة راهبٍ برتغالي يقع في الأسر، ويُجبر تحت التعذيب على ترك المسيحية.
اقرأ/ي أيضًا: