04-نوفمبر-2015

يحتاج الفلسطينيون للدعم (توماس كويكس/أ.ف.ب/Getty)

أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم انسحابه من المباراة التي كانت ستجمعه مع المنتخب الفلسطيني، ضمن الجولة الخامسة من التصفيات المشتركة المؤهلة لكأس العالم 2018 وكأس آسيا 2019، بعد أن أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" عن إقامة المباراة في الخامس من تشرين الثاني على ملعب الشهيد فيصل الحسيني في الرام- القدس المحتلة.

تشير أخبار لاحقة للخبر السابق إلى أنه تم الاتفاق على نقل المباراة إلى الأردن، بعد اتصال جرى بين ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

كذلك تداولت المواقع الالكترونية خبراً يفيد أن ماليزيا تطلب عدم رغبتها بدخول فلسطين ولعب مباراتهم مع المنتخب الفلسطيني في أرض محايدة.

الأخبار كثيرة حول هذه المباراة، والتجاذبات الصحفية والإعلامية بين الطرفين كثيرة أيضا، فما الحكاية؟

بدأت القصة عندما أعلن الاتحاد السعودي عدم رغبته بلعب المباراة داخل الأراضي الفلسطينية، وبناء عليه لعبت المباراة الأولى على الأراضي السعودية، وحين اقترب موعد المباراة الثانية التي تجع المنتخبين، تعقدت الأمور، فالاتحاد السعودي ما زال مصرا على رأيه، والاتحاد الفلسطيني برئاسة جبريل الرجوب يصر على إقامة المباراة في أرضه، حفاظا منه على الملعب البيتي، حيث حمل الرجوب الاتحاد السعودي المسؤولية عن تعقيد الأمور، حيث أبدى الاتحاد الفلسطيني موافقته على بحث الأمر، إذا ضمنت السعودية عدم المساس بالملعب البيتي الفلسطيني. والملعب البيتي يعني أن يستطيع المنتخب الفلسطيني اللعب على أرضه في المباريات التي تشمل مرحلتي الذهاب والإياب. حيث يلعب الفريقان في هذه المرحلة مبارتين، واحدة على أرضه والأخرى على أرض الخصم.

وكانت هذه المباراة قد أثارت الكثير من ردود الفعل بين الاتحادين السعودي والفلسطيني، بعد رفض السعودية القدوم إلى فلسطين، حيث اعتبرت هذه الزيارة تطبيعية مع الاحتلال الصهيوني. أما الاتحاد الفلسطيني أصر على موقفه في الحفاظ على ملعبه البيتي، وبالتالي الإصرار على إقامة هذه المباراة على أرض فلسطين. واتهم الرجوب الاتحاد السعودي "بعدم التجاوب مع مطلبه سابقا بكتابة خطاب مشترك للفيفا يحسم الأمر ويحمي اتحاد بلاده من أي عقوبات كضمانة لقبول البلد البديل لكنه تفاجأ برفض السعوديين وطلبهم بأن يكتب منفردا الخطاب وهو ما رفضه ليتجهوا للفيفا".

وأضاف الرجوب في مؤتمر صحفي سابق "إن خيار الجزائر كان وديًّا، ولكنه لم يعد مطروحًا، وأحمد عيد هو من رفض هذا الخيار، والقرار حاليًّا بيد الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" الذي لجأ له عيد في هذه القضية".

توجهت السعودية ممثلة باتحاد كرة القدم فيها إلى الفيفا، ولكن لم تسر الأمور كما أحبوا، فالفيفا لا يراعي الأمور السياسية، ويرفض أصلا تدخل السياسة في كرة القدم واتحاداتها، فأعلن الفيفا عن موعد المباراة في الخامس من تشرين الثاني، حيث ستقام على ملعب فيصل الحسيني في القدس المحتلة.

إذاً المسألة معقدة، والتصريحات تزيدها تعقيدا، ولجوء السعودية للفيفا زاد الأمر تعقيدا على تعقيد، حتى اقتضى الأمر تدخل الساسة، للحد من تدهور الأمور، وتدارك المنزلقات التي انزلقت لها القصة، فتلقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتصالا من ولي ولي العهد السعودي، بحثا خلال الاتصال الأزمة التي حدثت بين البلدين بسبب هذه المباراة. فانتشر بعد هذا الاتصال هاشتاغ على تويتر #محمد_بن_سلمان_ينقذ_المنتخب.

أزمة التطبيع

ما زالت قضية زيارة العرب لفلسطين قضية حساسة، حيث تلفها وساوس التطبيع، وينقسم الناس جراها ويختصمون، فهناك من يرى أن الزيارة لفلسطين تأتي من باب الدعم للفلسطينيين الذين يعانون ويلات الاحتلال والقتل والتهجير، والرافضون يرون أن الزيارة لفلسطين هي اعتراف بأحقية الاحتلال بالأرض، اعتراف ضمني، فالقادم إلى فلسطين زائرا يجب أن يمر جواز سفره عبر السفارة الإسرائيلية إن كان منفردا، أو عن طريق وزارة الشؤون المدنية التي تقوم باستصدار الفيزا أو التصريح للقائم بالزيارة.

هذه هي الحال لمن أراد المرور إلى فلسطين، وبناء عليه رفض الرافضون، أما المؤيدون لفكرة الزيارة، فتجاوزوا هذه النقطة. 

هل الزيارة الرياضية تطبيع!

منذ سنوات، أي منذ تم تأهيل الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، والانضمام للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، والمنتخبات تأتي إلى فلسطين، تلعب، تفوز أو تخسر ثم تعود إلى بلادها، مشبعة بحب فلسطين، والفلسطينيين. ولم يحدث أن ثارت قضية التطبيع رياضيا، إلا من قبل المنتخب السعودي، خاصة أن المنتخب الإماراتي قد أتى في الثامن من أيلول ولعب مباراته الأولى على استاد فيصل الحسيني وتعادل الفريقان سلبيا، ولم تثر قضية التطبيع.

لم يعد الأمر متعلقا بمباراة كرة قدم، إذ مدت السياسة لسانها في الموضوع، فأثارت زوبعة في الماء الراكد. السعودية تريد أن تقول إنها ضد سياسة التطبيع، ومن جانب آخر كثير من التسريبات والتلميحات والإشاعات الصحفية تشير إلى تقارب على المستوى السياسي بين السعودية وإسرائيل، وهو موضوع قديم جديد، إذ كانت السعودية هي اللاعب الأساسي في إعداد المبادرة العربية للسلام عام 2002، التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية السابق، وتنص المبادرة حرفيا: "إذا اعترفت "إسرائيل" بالمبادرة العربية للسلام وطبقتها فإنه لن تكون هناك موانع أمام تطبيع السعودية لعلاقاتها مع إسرائيل".

فهل تريد السعودية أن تلحس كلامها السابق واللاحق، عن إمكانية التطبيع، ودوام غزلها الناعم بمد يدها للسلام مع الكيان الغاصب على حساب الكرة الفلسطينية! أم أنها تريد إعادته إلى السطح من باب إظهار محاربته.

حُسم أمر المباراة، حيث ستُلعب في أرض محايدة، في العاصمة الأردنية عمان، في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر الساعة الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي، أما الملعب البيتي فقد خُدش بحسب ما صرح رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب في مؤتمر صحفي: "أقر وأعترف بخدش الملعب البيتي، ولكن هناك بصيص أمل، فمن اتخذوا القرار قالوا نتعهد أن يكون هذا استثناء وليس قاعدة، ومستقبلنا أن يكون لدينا دولة، وعند ذلك لا يستطيع أحد شل حركتنا أو إذلالنا".

اقرأ/ي أيضًأ:
كرة القدم مقاومة أيضًا
لاعبو غزة.. عمال نهارًا ونجوم ليلًا