ألترا صوت – فريق التحرير
أصدرت "دار الشؤون الثقافية العامة" في بغداد طبعة شاملة لديوان الشاعر محمد مهدي الجواهري (1899 - 1999) في ستة أجزاء احتوت كل الشعر الذي كتبه الراحل خلال ما يربو على قرن من الزمان، وبينها قصائد جديدة لم تنشر من قبل.
أثبت شعر الجواهري مسألة مهمة تتعلق بقدرة الشعر العربي في شكله القديم على أن يكون معاصرًا وفي صلب معارك زمنه
وكان آخر إصدار لديوان الجواهري في العراق منتصف عام 1973 حين أصدرت وزارة الإعلام العراقية السابقة ديوان الشاعر الذي غادر بلاده معارضًا ليجول في بقاع الأرض ويكتب الشعر.
اقرأ/ي أيضًا:
جاء إصدار هذا الديوان بعد تشكيل لجنة راحت تتقصى كل ما له علاقة بالجواهري من قصائد شعرية، إلى أن تمكنت من جمع ما يمكن أن يقال عنه "كل شعر الجواهري"، بما في ذلك تلك القصائد التي كان لا يحبذ نشرها في أي ديوان لأسباب عديدة، وكذلك القصائد التي كان يقوم بارتجاله على المنابر.
تشكل السنوات الطويلة التي عاشها الجواهري تاريخًا كاملًا، وهناك من يربط بين تاريخه الشخصي وتاريخ العراق، كونه عايش وتفاعل مع أحداث مفصلية في تاريخه.
من جانب آخر، يمثل الجواهري الانتقال من زمن النقل إلى زمن العقل، من خلال تمرده على الانتماء لعالم الفقه الديني، واتخذاه مذهب الشاعر الدنيوي، بالإضافة إلى أن شعره أثبت مسألة مهمة تتعلق بقدرة الشعر العربي في شكله القديم على أن يكون معاصرًا وفي صلب معارك زمنه.
وجاء على الغلاف الخلفي من الجزء الثاني كلمة للشاعر العراقي الراحل فوزي كريم تقول: "كان شعر الجواهري يشكل رحى هائلة تدور بعمومها على قطبها الخاص، إن بين العام والخاص رابطة مثيرة. وعبر علاقتهما نستطيع أن نشخّص حركة النمو في شاعرتيه (منذ العشرينات حتى نهاية الخمسينات). فقد عاشت سنو الشاعر منذ الثلاثينات تفاوتات ظاهرة، وحركة دائبة لا تطمئن إلى قرار ولا تهدأ عند أرض. كان الشاعر فيها فارسًا جوابًّا هجر مرافئ الدفء وطاف مع البحر يقتحمه بلا هيبة ولا شك.
وبالمثل احتوى الغلاف الخلفي للجزء الرابع كلمات للشاعر والروائي والناقد الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا: "لو استطعنا أن نتصور قارئ الجواهري اليوم جاهلًا لتاريخ العراق في هذه الفترة فإنه ولا ريب سيرى هذا التاريخ من خلال شعره فيما يشبه المأساة الإغريقية. يكون فيها الشاعر في كثير من الأحيان هو الكورس، يعلق على الأحداث الجسام، ويدفع بها إن استطاع منذرًا، ساخطًا، داعيًا الى التمرد. إنه أشبه بصوت الضمير من الأمة، يقرع ويأسى ويغضب، وهو بهذا يتخطى مهمة الشعراء القدامى على شدة شبهه بهم. كانوا في أحسن الأحوال يتبعون الحدث. فهم على شيء من البعد. أما الجواهري فليس لصيقًا بالحدث وحسب، يراه من عل ويراه من داخل، بل إنه يفعل فيه ويكاد يوجهه. فإن كانوا هم شعراء القول فإنه شاعر الفعل. هم يغنون من القاعة لمن هم على خشبة المسرح، أما هو فإنه يمسرح قوله على الخشبة نفسها. وإذا هو لا يكتفي بأن يكون الكورس أو قائد الجوقة التي تردد ما يقول. ويكاد يصبح هو البطل. الأحداث في جانب وهو في جانب وبينهما صراع".
اقرأ/ي أيضًا: