دخل حيز التنفيد ابتداءً من صبيحة اليوم الإثنين 12 أيلول/سبتمبر، قرار رفع مصرف لبنان الدعم عن مادة البنزين بشكل كامل.
هذا القرار يعني أن اللبنانيين سيدفعون من الآن وصاعدًا ثمن صفيحة البنزين بالدولار الأمريكي، أو ما يعادلها بالليرة اللبنانية بحسب سعر صرف السوق السوداء، الأمر الذي ينذر بارتفاعات كبيرة متتالية ستطال سعر صفيحة البنزين المرتفع أصلًا، بشكل يفوق قدرة غالبية المواطنين الشرائية.
هذا القرار يعني أن اللبنانيين سيدفعون من الآن وصاعدًا ثمن صفيحة البنزين بالدولار الأمريكي، أو ما يعادلها بالليرة اللبنانية بحسب سعر صرف السوق السوداء
محطات الوقود بمعظمها علّقت خراطيمها صباح الإثنين، بانتظار صدور جدول أسعار جديد من وزارة الطاقة، في وقت تحوّل الحديث عن مادة البنزين ليكون الشغل الشاغل للبنانيين في الشارع وعبر وسائل التواصل، في بلد يغيب فيه النقل العام بشكل شبه تام، ويعتمد السواد الأعظم من الشعب على استخدام سياراتهم الشخصية للتنقل، في ظلّ تخوفهم من ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، بحال تفلّتت أسعار النفط عالميًا وبلغت مستويات قياسية. وقد صدر جدول الأسعار الجديدة عند الظهيرة، وتضمن ارتفاعًا بسعر صفيحة البنزين بقيمة 20 ألف ليرة لبنانية.
لبنان يغرق قي العتمة ولا مازوت للمولدات
أزمة البنزين ليست وحدها ما يؤرق اللبنانيين اليوم، بل كل ما يتعلق بالوقود والطاقة، فمادة المازوت بلغت هي الأخرى أسعارًا قياسية وغير مسبوقة، ومع ذلك فهي غير متوفرة في محطّات الوقود، ويتمّ بيعها غالبًا في السوق السوداء بسعر أعلى، مع الإشارة إلى أن اللبنانيين في العادة كانوا يخزّنون مادة المازوت في الصيف لاستخدامها شتاءً للتدفئة، طمعًا بالاستفادة من انخفاض سعره نسبيًا.
ارتفاع سعر مادة المازوت وانقطاعه شبه التام من المحطات، واضطرار المواطنين إلى اللجوء للسوق السوداء، يحيل إلى مشكلة أكبر، وهي مشكلة الكهرباء، فمعامل توليد الطاقة الكهربائية متوقفة بشكل شبه كامل، وبعض البلدات والقرى لم تصلها الكهرباء منذ أكثر من أسبوعين، الأمر الذي يرفع فاتورة المولدات التي يشترك بها المواطنون لتعويض غياب الكهرباء، في وقت بدأ أصحاب المولدات بالشكوى والتذمر من صعوبة الحصول على المازوت ولجوئهم في نهاية المطاف للسوق السوداء ، وهو ما يراكم العبء والعنت على المواطن.
كل هذا والبلاد على أعتاب موسم دراسي جديد، مع استمرار إضراب أساتذة الجامعة اللبنانية، ومطالبات أساتذة التعليم الرسمي بتصحيح رواتبهم، وقرار من المدارس الخاصة بتحويل أقساطها أو جزء منها إلى الدولار الأمريكي، وهو ما أثار أسئلة مقلقة عديدة، عن كيف ستؤمن المدارس حاجتها من الكهرباء والمازوت للتدفئة، وكيف سينعكس هذا الأمر على الأقساط التي تثقل كاهل الأهل.
غضب وتخوف من المستقبل على مواقع التواصل
ناشطو وسائل التواصل في لبنان استخدموا وسم #البنزين للتعبير عن سخطهم من الحال التي وصلت إليها البلاد، وصعوبة تأمين البنزين وكافة المشتقات النفطية الأخرى والغاز الذي ارتفعت أسعاره هو الآخر، ناهيك عن دخول البلاد في العتمة الشاملة بسبب انقطاع التيار الكهربائي المتواصل.
في أبرز التعليقات التي تمّ رصدها، كتب المغرّد محي الدين: " وأخيرا طويت صفحة الدعم عن البنزين الذي قضى على ما تبقى من أموال الناس، واستفاد منه كبار المهربين وتجار السوق السوداء والشركات المستوردة له.. تذكير الدعم بدأ من ٢٠١٩، وقبله كانت تفرض ضرائب كبيرة على تنكة البنزين تسرقها الدولة".
وأخيرا طويت صفحة الدعم عن #البنزين الذي قضى على ما تبقى من أموال الناس، واستفاد منه كبار المهربين وتجار السوق السوداء والشركات المستوردة له..
تذكير الدعم بدأ من ٢٠١٩، وقبله كانت تفرض ضرائب كبيرة على تنكة البنزين تسرقها الدولة— Mohyeedine (@mohyeedine) September 12, 2022
كذلك انتقد المغرد بشار الأيوبي رفع سعر البنزين وربطه بدولار السوق السوداء، وتساءل: " مين بيحدد سعر الصرف على المحطات؟ اجهزة الرقابة بوزارة الإقتصاد، كيف بدها تحمي المستهلك؟ يعني بمعنى تاني فلتت، أو عم يفلتوها قصد. حمى الله لبنان".
البوم صارت تسعيرة البنزين مدولرة بالكامل، والدفع على المحطات يا بالدولار يا باللبناني حسب سعر صرف السوق السودا،
طيب مين بيحدد سعر الصرف على المحطات؟
أجهزة الرقابة بوزارة الإقتصاد، كيف بدها تحمي المستهلك؟
يعني بمعنى تاني فلتت، أو عم يفلتوها قصد.
حمى الله #لبنان #بنزين #أمن— Bachar (@Bachar_AlAyoubi) September 12, 2022
وتخوفّت المغردة باميلا هافاري من الشتاء القاسي الذي ينتظر اللبنانيين، فكتبت: "مختصر مفيد أصعب شتوية حا يمرق فيها لبنان هالسنة شتوية كتير قاسية شتوية لا يمكن يتخايلها عقل ولا منطق لا كهربا لا اتصالات لا مازوت لا بنزين لا مواصلات لا .... الى آخره. كان الله بعون الشعب".
بمختصر مفيد أصعب شتوية حا يمرق فيها لبنان هالسنة شتوية كتير قاسية
شتوية لا يمكن يتخايلها عقل و لا منطقلا كهربا لا اتصالات لا مازوت لا بنزين لا مواصلات لا .... الى آخره
كان الله بعون الشعب 🙏#مختصر_مفيد#بكل_صراحة_ومتل_ما_هيي#صدق_أو_لا_تصدق#يسقط_حكم_المصرف#مرفأ_بيروت pic.twitter.com/cupKfeHz3k
— Pamella_havarry (@Pamela_havarii) September 9, 2022
وتوقّف المغرد إيلي صرّوف عند قدرة المسؤولين عن سعر صرف الدولار بالسوق السوداء على التحكم بسعر البنزين أيضًا، وكتب: " يعني يلّي مستلمين تطبيقات الدّولار وبيرفعوا الأسعار وبيخفضوها على مزاجهم، صاروا متحكمين بكلّ شي، ومصير اللّبنانيّين بين إيديهم، بظلّ غياب تام للدّولة!
الدّعم على #البنزين رُفع بالكامل، وصارت تسعيرة الصّفحية بـ #الدولار على أساس سعر الصّرف بالسّوق السّوداء.
يعني يلّي مستلمين تطبيقات الدّولار وبيرفعوا الأسعار وبيخفضوها على مزاجهم، صاروا متحكمين بكلّ شي، ومصير اللّبنانيّين بين إيديهم، بظلّ غياب تام للدّولة!— Elie Sarrouf (@ElieSarrouf7) September 12, 2022
أما في ما يخصّ الكهرباء، فكتب المغرد شادي العياش من باب التهكم والسخرية: " عندما توفي اديسون مخترع الكهرباء عام ١٩٣١ تم إطفاء جميع الكهرباء في العالم تكريماً له ! في لبنان تم انقطاع الكهرباء عند استلام العهد ووزراء العتمة السلطة تكريماً لهم على انجازاتهم."
عندما توفي اديسون مخترع الكهرباء عام ١٩٣١ تم اطفاء جميع الكهرباء في العالم تكريماً له !
في #لبنان تم انقطاع الكهرباء عند استلام #العهد ووزراء العتمة السلطة!! تكريماً لهم على انجازاتهم ⁉️ pic.twitter.com/4cAVKwAXBT— Chadi El Ayache (@chadi_elayache) September 8, 2022
جدل حول "صيرفة"
حتى صدور قرار رفع الدعم، كان المصرف المركزي يدعم ما بين 80% إلى 85% من أسعار المحروقات عبر منصة "صيرفة"، فيما يتولى مستوردو المحروقات تأمين المبلغ المتبقي بواسطة "الدولارات الطازجة " التي يؤمنونها من السوق السوداء بسعر أعلى. وبالتالي فإن التجار سيضطرون اليوم لتأمين كامل المبلغ من السوق السوداء، ما من شأنه أن يرفع الطلب على الدولار وبالتالي سيجعله يرتفع باستمرار في مقابل الليرة، كما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات وكل ما يرتبط بها من مواد غذائية ومنتجات سواءً كانت مستوردة أو مصنّعة محليًا، بالإضافة طبعًا إلى الخدمات كالنقل وأجور اليد العاملة وما إلى ذلك.
صدر جدول الأسعار الجديدة عند الظهيرة، وتضمن ارتفاعًا بسعر صفيحة البنزين بقيمة 20 ألف ليرة لبنانية.
انخفاض أسعار النفط عالميًا في الفترة الأخيرة، كان أحد العوامل القليلة التي تقف إلى جانب اللبنانيين اليوم، حيث ساهم في لجم سعر صفيحتي البنزين والمازوت، فيما يتخوف المواطن اللبناني من أية أزمة عالمية مقبلة قد تؤثر على أسعار النفط صعودًا، وتنعكس بشكل مباشر على سعر الصفيحة في لبنان.