يعيش ذوي الاحتياجات الخاصة بمصر في حالة يُرثى لها، فما بين إهمال حكومي لحقوقهم، وتحايل شركات القطاع الخاص على حقهم في التعيين بنسبة الـ 5% التي أقرها القانون المصري، وألزم بها القطاعين الحكومي والخاص، بالإضافة إلى التمييز الصارخ من قطاع كبير من المجتمع المصري ضدهم، تظل حياتهم في مصر أشبه بالمعزولة.
ويبلغ عدد ذوي الاحتياجات الخاصة وفقًا لأحدث إحصائية لمنظمة الصحة العالمية في مصر، ما لا يقل عن 12 مليون معاق، "إلا أن قاعدة بيانات المعاقين في مصر تحتاج لتحديث، وهو ما يسعى إليه المجلس القومي للإعاقة مع بداية 2016"، وفقًا لما ذكره خالد شوقي مدير إدارة الرقابة والمتابعة بالمجلس القومي للإعاقة.
لا تشكل قيمة غرامة التحايل على قانون تشغيل المعاقين خوفا للشركات كونها ضئيلة
وتنص المادة 24 من مسودة قانون ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر على "أن تلتزم الجهات الحكومية وغير الحكومية وكل صاحب عمل ممن يستخدم خمسين عاملًا فأكثر، سواء كانوا يعملون في مكان واحد أو أمكنة متقرقة وأيا كانت طبيعة عملهم، تعيين 5% على الأقل من الأشخاص ذوي الإعاقة التي ترشحهم مكاتب القوى العاملة".
وألزمت الحكومة القطاع العام والخاص بهذه النسبة، إلا أن هناك أبوابًا خلفية للتحايل على نسبة الـ 5% من جانب القطاع الخاص، واللافت في ذلك أن الحكومة على علم بهذا التحايل، لكنها تقف مكبلة الأيدي بسبب ضعف القانون أمام شركات القطاع الخاص.
التقى "ألترا صوت"، محمود شامي، واحد من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعاني من شلل أطفال أفقده المشي على قدميه، يقول محمود إنه كان معين في إحدى شركات المحمول الثلاث الكبرى، بنسبة الـ5% وكان يعمل في شؤون الأفراد، وظل ذلك نحو عام تقريبًا".
اقرأ/ي أيضًا: حقوق الإنسان فى مصر.. مأسسة الانتهاكات
ويضيف أنه" فوجئ بأن الشركة أخطرته بالاستغناء عنه، مع الاحتفاظ براتبه الشهري الذي يبلغ نحو 900 جنيهًا وضمان الوصول إليه في موعده المحدد". غير أن محمود كما أوضح لـ "ألترا صوت"، لا يهمه الجانب المالي فقط، فهو يريد أن يشعر بقيمته والاعتماد عليه في العمل. يقول محمود "هناك العشرات مثلي تم فصلهم بدون وجه حق، لكنهم لا يريدون الحديث أو رفع دعوى قضائية، خوفًا من قطع الراتب الشهري عنهم".
أصبح محمود بدون عمل، رغم أحقيته في العمل وفقًا للقانون، ورفض رفع أي دعوى قضائية ضد الشركة "لأن إجراءات التقاضي طويلة، ولن تقدم له شيئًا، ولن يستطيع إكمالها نظرًا لحالته الصحية"، وفقًا للناشطة في شؤون الإعاقة داليا عاطف.
وقالت داليا لـ"ألترا صوت"، إن الشركة ستظهر أمام القضاء كأنها تراعي القانون، لأنها على الورق لم تنه عمله رسميًا، لكنها تحايلت على القيمة التي يريدها القانون، وهي الاعتماد على المعاقين في العمل.
هذا، وتنص المادة 72 من اتفاقية الأمم المتحدة لذوي الإعاقة على "حظـر التمييـز علـى أسـاس الإعاقـة فيمـا يخـتص بجميـع المـسائل المتعلقـة بكافـة، أشكال العمالة، ومنها شروط التوظيف والتعيين والعمل، واستمرار العمل، والتقدم الـوظيفي، وظروف العمل الآمنة والصحية".
وصدقت 58 دولة على الاتفاقية من بينها 9 دول عربية هي: مصر، الأردن، المغرب، قطر، المملكة العربية السعودية، عمان، السودان، تونس، واليمن.
ويعتبر المجلس القومي للإعاقة التابع لمجلس الوزراء هو الضامن لحقوق المعاقين، فمن جانبه، يقول خالد شوقي، مدير إدارة الرقابة والمتابعة ومسؤول ملف الـ 5% بالمجلس القومي للإعاقة، "هناك مصانع تحايلت على نسبة الـ5% من خلال تسريح ذوي الاحتياجات الخاصة".
وأرجع شوقي في تصريح لـ"ألترا صوت"، السبب في ذلك هو ضعف القانون أمام شركات القطاع الخاص، مضيفًا "المجلس القومي للإعاقة ليس له صلاحيات قوية بسبب ضعف القانون أمام شركات القطاع الخاص، لأن القانون يوجب غرامة قدرها مائة جنيه عن الشركة التي تتخاذل عن تعيين المعاقين بنسبة الـ5%، وبالتالي فإن الغرامة بسيطة جدًا على شركات رأسمالها كبير، ومن ثم ستقرر دفعها دون أن يثقل ذلك خزينتها في شيء".
اقرأ/ي أيضًا: مصر.. تهجير بعكازة القانون