19-سبتمبر-2015

اضطر الوزير للتنازل عن قراره التمييزي(الأناضول)

في فيلم The Hunger Games، كان أحد قوانين "ألعاب الجوع"، أن يبقى متسابق واحد على قيد الحياة بعد أن يُقتل جميع المشاركين في اللعبة من 12 مقاطعة، والهدف تسلية أثرياء مدينة "كابيتل"، المسيطرة بشكل كامل على باقي المقاطعات الفقيرة. وفي الدورة الـ74 لهذه الألعاب، كسر ثنائي من الشباب قوانين لعبة الأثرياء وحاكم المدينة "كابيتل"، وأصبحا رمزين لتحدي السلطة، رغم بساطة شأنهما وتأثيرهما.

وفي مصر، أيضًا، صارت الانتصارات الصغيرة على السلطة أشبه بمساحات أمل لتحقيق بعض المطالب العادلة للمجتمع، خاصة، في ظل حالة الانغلاق السياسي وتقييد حرية الرأي والتعبير وتأييد الجهات الإعلامية للسلطة بشكل مطلق.

في سبتمبر/ أيلول 2015، تراجع وزير التعليم العالي المصري، السيد عبد الخالق، عن قرار استثناء أبناء القضاة وضباط الشرطة والجيش من قواعد تحويلات التوزيع الإقليمي لتنسيق الطلاب، بحجة "اعتبارات قومية".

وكان قرار التوزيع الجغرافي الذي طبقته وزارة التعليم العالي للعام الدراسي 2015 /2016، قد حرم طلاب الأقاليم من الالتحاق بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والإعلام والآثار والألسن الواقعة بمدينة القاهرة. وأثار قرار استثناء أبناء القضاة وضباط الشرطة والجيش من تطبيق القرار كغيرهم من أبناء الشعب المصري، احتجاجات واسعة لأبناء الأقاليم والصعيد ومحافظات الدلتا واعتبروه تمييزًا لصالح أبناء مسؤولين في الدولة، ما اضطر وزير التعليم العالي للتراجع عن ذلك.  

حرم قرار "التوزيع الجغرافي" طلاب الأقاليم والصعيد من الالتحاق بعدد من كليات القاهرة 

وأرجع الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات، أشرف حاتم، سبب حرمان متفوقي الأقاليم من عدد من كليات القاهرة، إلى تطبيق قرار التوزيع الجغرافي على الطلبة الراغبين في الالتحاق بكليات الإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وتوزيعهم على كليات أخرى تحمل نفس الاسم بالمحافظات.

وفي المقابل، رفض رئيس جامعة القاهرة، جابر نصار، قرار وزير التعليم العالي باستثناء أبناء القضاة والضباط من قرار التوزيع الجغرافي. وهو ما اضطر الوزير للالتجاء إلى المجلس الأعلى للجامعات، الذي اقترح تشكيل لجنة لعرض كل حالة من هؤلاء الطلاب على حدة، أو عمل تفويض للوزير باتخاذ قرارات التحويل، لكن، وفي النهاية، اضطر الوزير لتعديل قراره التمييزي والتراجع عنه.

في هذا الإطار، يقول الباحث بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، محمد عبد السلام، لـ"ألترا صوت": أن "تراجع السلطة عن الكثير من القرارات القائمة على التمييز الاجتماعي والفساد الإداري، جاء عقب ضغوط مارستها مجموعات من المجتمع المدني، والصحافة، ومعنيين بالحقوق الاجتماعية، ومواطنين متضررين من قرارات وممارسات السلطة".

وخلال الشهر الماضي، كانت الحكومة المصرية موضوع جدل مشابه، بعد القبض على وزير الزراعة ومساعديه بتهم فساد، واستقالة الحكومة عقب إحراج رئيس مجلس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، خلال مؤتمر صحفي في تونس، بتورطه في الفساد، إضافة إلى الجدل حول تطبيق قرار الترفيع في أجور القضاة وضباط القوات المسلحة.

ينشط جزء من الشباب المصري اليوم على مستوى قضايا محددة تركز على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية

وفي سياق متصل، يقول محمد عبد السلام: "تكرار إصدار السلطة الحالية في مصر لقرارات وقوانين استفزازية للمواطنين هو السبب الأساسي وراء تورطها في عديد الأزمات. إنها تعمل على توفير أوضاع استثنائية لفئات معينة داخل الدولة في ظل تردي الحالة المعيشية لعامة الشعب المصري".

ويرى جزء من الشارع المصري أن السلطة الحالية لا تراعي توازنات وحدود التمييز الاجتماعي ولا تراعي غضب الطبقات المتوسطة والفقيرة. وهو ما يفسره محمد عبد السلام لـ"ألترا صوت": "يعتقد النظام المصري الحالي أن لا بديل له وأن الشعب لن يقدم على الاحتجاج على سياسته خوفًا من تفكك الدولة".

وينشط جزء من الشباب المصري اليوم على مستوى قضايا محددة تركز على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ورفض ممارسات الحكومة التي تخل بمبدأ العدالة الاجتماعية وتُرسّخ الظلم والتفرقة. ويرى منسق القوى الثورية بالجامعات، ياقوت السنوسي، أن "تطبيق قرار الاستثناء كان سيزيد من حالة الاحتقان الموجودة الآن فى الشارع المصري، وهي بمثابة دعوة صريحة لتحريض الشعب".