ألترا صوت - فريق التحرير
أفادت وكالة رويترز نقلًا عن مسؤول حكومي يمني أن الحكومة اليمنية المعترف بها ضاعفت سعر صرف الدولار الأمريكي المستخدم لحساب الرسوم الجمركية على السلع غير الأساسية في المناطق الخاضعة لسيطرتها مقابل العملة المحلية/الريال اليمني، وذلك في محاولة لدعم ماليتها العامة. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث لوسائل الإعلام، "إن زيادة الرسوم إلى 500 ريال يمني مقابل الدولار، بعد أن كانت 250 ريال، لا تنطبق على السلع الأساسية مثل الدقيق والسكر وزيت الطهي والوقود". وتم إعفاء القمح والأرز والحليب والأدوية من الرسوم، في بلد يعاني من أكبر أزمة إنسانية في العالم حيث يواجه الملايين مجاعة بحسب ما وصفت ذلك الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن التدهور "مريع" ومحذرة من تداعيات كارثية على السكان، وسط ارتفاع جنوني للأسعار.
تعاني العديد من الدول العربية من انهيار عملاتها الوطنية أمام النقد الأجنبي مما أثر بشكل مباشر على طبيعة ونمط الحياة لدى مواطني تلك الدول، ومنها سوريا والعراق ولبنان إلى جانب اليمن
هذا وتسيطر الحكومة المتمركزة في الجنوب على ثاني أكبر ميناء في عدن، في حين أن نقطة الدخول الرئيسية للسلع في البلاد، وهي ميناء الحديدة، تسيطر عليها جماعة الحوثي والتي تسيطر أيضًا على معظم مناطق الشمال. هذا في بلد أصبح 80% من السكان فيه يعتمدون على المساعدات منذ بداية الحرب. فيما تواجه الحكومة، التي أطاح بها الحوثيون، صعوبة في تمويل رواتب القطاع العام والبنية التحتية بسبب احتياطيات النقد الأجنبي المستنفدة، بحسب ما نقل موقع ديفايدسكورس المختص بالجوانب الاقتصادية والتنموية.
اقرأ/ي أيضًا: "انقلاب تونس" يحتل مساحة من نقاشات السوشيال ميديا عربيًا
كما يذكر أن كل طرف يمني في الحرب يشغل مصرفًا مركزيًا لوحده، فلا يزال السعر المعدل للجمارك بعيدًا عن سعر الصرف الحالي البالغ 980 ريالًا للدولار في عدن، مقر الحكومة المؤقت حيث اندلعت الاحتجاجات على عدم دفع الأجور، مما دفع بالحكومة إلى طباعة النقود لتمويل العجز. لكن في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث تم حظر الأوراق النقدية الجديدة، يبلغ السعر حوالي 600 ريالًا للدولار الواحد، بحسب ما نقل موقع إكس إم. وإبان اجتماع لمجلس الوزراء في مناطق التنظيم الحوثي، أفادت الحكومة بأن "التدهور الذي وقع خلال اليومين الماضيين في أسعار صرف العملة الوطنية ليس له عوامل موضوعية بل مفتعل جراء المضاربات وبث الشائعات والتأثير على السوق النقدية"، بحسب ما نقل موقع اليمن نت.
وفي الأيام الأخيرة، تم تداول الدولار الأمريكي مقابل ألف ريال يمني في السوق السوداء، بينما كان عند حوالي 250 ريالًا يمنيًا في أوائل عام 2015. وقد حذر رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك سعيد، من "انهيار كامل" لاقتصاد البلاد، وسط انهيار العملة وغياب الدعم الدولي. وتحدث عن إجراءات تتخذها حكومته لمواجهة انهيار الريال اليمني والتنسيق مع البنك المركزي للسيطرة على أسعار الصرف وتضييق الخناق على صرف العملات المخالف للسعر الرسمي وملاحقة الصرافين وإغلاق أبواب محلات الصيرفة. وطالب سعيد "الدول الشقيقة بتقديم دعم عاجل حتى لا يحدث انهيار كامل وبعد ذلك سيكون من الصعب على أي تدخل إنقاذ الاقتصاد اليمني".
وكان التحالف الذي تقوده السعودية، والذي تدخل في اليمن ضد الحوثيين في عام 2015، قد فرض قيودًا بحرية وجوية على المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الحوثي، مما أعاق تدفق الغذاء والوقود إلى العديد من مناطق الشمال وفاقم من الأزمة. وقد سقط في الحرب في اليمن أكثر من مئة ألف قتيل جراء الحرب التي تشتعل في البلاد منذ ست سنوات، وأصبحت المجاعة تهدد حياة الملايين من اليمنيين. في الوقت الذي يحتاج فيه 80% من سكان اليمن، أي حوالي 24 مليون نسمة، للمساعدات. خاصة مع انتشار أمراض معدية منها الكوليرا وكوفيد-19.
وإلى جانب الصراع والتدهور الاقتصادي وفيروس كورونا، أسهم نقص المنح والتقديمات الدولية في تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن. إذ تراجعت العديد من خدمات التغذية والخدمات الأخرى التي تحمي الملايين من خطر المجاعة والمرض شيئًا فشيئًا في جميع أنحاء اليمن بسبب النقص الحاد في التمويل. وأفادت أرقام المنظمات الدولية أنها "تلقت 1.9 مليار دولار فقط من بين 3.4 مليار دولار المطلوبة لمواجهة الوضع الإنساني المتأزم في البلاد، بحسب تقرير سابق نشرته وكالات الإغاثة في الأمم المتحدة. ويشير التقرير إلى كون الأزمة اليمنية من أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم وتهدد مئات آلاف الأطفال والنساء في عام 2021. وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أنه "مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 150% عن المتوسط قبل النزاع، وانخفاض قيمة الريال اليمني، أصبح خطر الجوع بالنسبة للملايين حقيقة واقعة".
في ذات السياق، تعاني العديد من الدول العربية من انهيار عملاتها الوطنية أمام النقد الأجنبي مما أثر بشكل مباشر على طبيعة ونمط الحياة لدى مواطني تلك الدول، ومنها سوريا والعراق ولبنان. فالبلد الأخير يشهد منذ عام 2019 انهيارًا لعملته أمام الدولار تسبب بخسارة المواطنين ما يقدر بحوالي 90% من رواتبهم بفعل تضخم الأسعار. وقد نشرت وكالة رويترز تقريرًا بتاريخ 26 تموز/يوليو 2021 بينت فيه نتائج هذا التضخم على قطاع العمل والعمال. وأشار التقرير إلى الهجرة الكثيفة إلى دول الخليج العربي وغيرها من الدول حول العالم وذلك من أجل تأمين الدولارات الطازجة وإرسالها إلى لبنان. وخلص التقرير إلى كون العديد من الاختصاصات كالطب والتعليم والهندسة وغيرها تتسرب من لبنان إلى المهجر بفعل الأزمة القائمة، في الوقت الذي باتت الخدمات في لبنان على وشك الانهيار الكامل.
اقرأ/ي أيضًا:
بين المهنية واستغلال العمل الصحفي.. أمثلة على تغطيات أدت إلى فضائح
في زمن الانهيار الكبير.. زفاف باذخ لابنة مسؤول في حزب الله يثير غضب اللبنانيين