لم تتوقف شطحاتهم، ولم يتخذ بعضهم بعضَا عبرة. وتجاوزت المواقف استخدام الدين لرضا الحكام والسلطات، وإنما وصلت إلى حد التسويق للمنتجات التجارية. إنها حرفيًا تجارة باسم الدين، بإسقاط الطقوس الدينية والروحية على المنتجات الاستهلاكية للترويج لها!
لم تتوقف شطحات بعض الدعاة، ولا مهادنتهم للحكام، ليتحولوا إلى تجار دينٍ حرفيًا، باستغلالهم الدين في الترويج لمنتجات استهلاكية!
وبعد تأييد الحكام والصمت على الفساد، تحول بعض الدعاة في الوطن العربي إلى "موديلز - Models" إعلانات رخيصة، يمزجون الدين بالأكل والقلب بالمعدة، دون رسالة تحترم عقول المشاهدين أو حتى إطار بصري جذاب للمتفرج.
اقرأ/ي أيضًا: عمرو خالد.. خارجًا من فيلم إباحي
وتحت شعار "بطنك طريقك إلى الجنة وجيبي طريقي للسعادة"، يظهر على فترات متباعدة في أغلب المناسبات الدينية، هذا الداعية أو ذاك من المشهورين، ليقدم إعلانًا مدفوع الأجر لمنتجٍ ما، ثم ما يلبث أن يتحول الإعلان لمادة سخرية لاذعة يتعرض لها الداعية التاجر "الموديلز"، والذين من أبرزهم عمرو خالد ومحمد العريفي وعادل الكلباني.
3 إعلانات لعمرو خالد
بحماسه التمثيلي المعتاد، وقف الداعية أمام الكاميرا وقال: "مع وصفات آسيا (شيف/ طباخة) إن شاء الله ارتقاءك لربنا بعد قيام الليل بعد الفطار وفي التراويح أحلى. لن ترتق الروح إلا لما جسمك وبطنك يكونوا صح مع خلطة آسيا ودجاج الوطنية"! كلمات الداعية الديني، كانت مثار غضب، والكثير من السخرية.
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي الآلاف من التعليقات حول الفيديو الترويجي لمنتج غذائي، مقحمًا فيه الدين بشكل تجاري. واستمر وسم/هاشتاغ #عمرو_خالد متصدر تويتر في مصر لمدة يومية.
وبعد ساعات من بث الفيديو اضطر عمرو خالد لحذفه من على صفحته التي يتابعها نحو 30 مليونًا، كما حذفته كل من صفحة الشيف آسيا عثمان وشركة المنتج، في محاولة للتغطية عليه، أو لامتصاص غضب وسخرية السوشيال ميديا.
وشملت الانتقادات للفيديو الذي أعيد نشره على صفحات أخرى بعد حذفه، كل التفاصيل بداية من حماس عمرو خالد، وكذلك "استغلاله للدين للترويج لسلعة"، فغرد محمد عادل بسخرية: "الداعية متكلمش عن فوائد الباميه؟ وهل يا تري نكون أكثر تقوى لو عملناه متحمرة ولا نعملها على البخار؟ ولّا نشويها على الفحم. فيما كتب أحمد فتحي: "عمرو خالد بيتكلم عن الفراخ بنفس الحماس اللي كان بيتكلم بيه عن غزوة بدر". وسخر آخرون بالقول: "ده برنامج حديث الروح ولا حديث الفرخة"، و"مع كل لقمة من دجاج الوطنية هتاخد 10 حسنات"!
عمرو تاريخ من الدعاية
إعلان الوطنية للدجاج لم يكن الأول لعمرو خالد، ففي 2007 شارك في إعلان لصالح شبكة "ART" لتحريم ما كان يعرف وقتها بـ"الوصلات الشعبية" في مصر أوما اشتهر بإعلان "السلكة" أو إعلان "الوصلة". وكانت تلك الوصلات الجماعية تستخدم وقتها للالتفاف على الاشتراكات المبالغ فيها، التي كانت تفرضها الشركة السعودية على المستخدمين في مصر.
ولكن عمرو عاد واعتذر عن الإعلان، وقال إنه "غير راضٍ عنه". وتوقف عن الظهور في الإعلانات، واكتفي بما يقدمه من برامج، إلى أن ظهر مرة أخرى على اليوتيوب في 2014 عبر كلمة تبدو دعائية، في جمع من الناس يتحدث فيه عن عطورعبد الصمد القرشي، وألبس الداعية ترويجه للعطور لباس الدين، وقال "أعتقد أن العطور بالطريقة التي يعرض بها عبدالصمد القرشي، تتفق مع قيم الإسلامية التي تدعو للجمال"!
وتذكر محمد شمس الدين، الإعلانات التي كان يقوم بها الداعية، وقال: "عمرو خالد طول عمره بيعمل إعلانات ويربطها بالدِّين من أول إعلان الوصله بتاعت الدش الحرام، لغاية إعلان الفراخ اللي بتساعد على قيام الليل، بس الناس اللي كبرت ع الكلام ده".
وتأثير عمرو خالد والإعلان والصدمة، لا تبد مفاجأة، فخالد لم يكن شخصًا صاحب مرور هادئ على مصر والمنطقة، فيمكن القول إنه قائد ظاهرة "الدعاة الجدد"، والتي بدأت في التعاظم مع بداية الألفية الثالثة، وكان له ولغيره من "الدعاة الجدد" صدى كبير على الشباب.
لدى عمرو خالد سوابق في استغلال الدين في دعايات ترويجية لمنتجات استهلاكية، وسبق أن اعتذر عن بعضها تحت ضغط الجمهور وسخريتهم
واستمرت نجومية عمرو خالد لسنوات حتى انتقل للعيش خارج مصر، ومع التطورات السياسية التي لحقت بمصر عقب ثورة 25 يناير 2011، حاول خالد العودة للأضواء من جديد، ولكنه فشل ودخل في صراعات ورفضه أكثر من أيده في السابق، ومع كل ظهور أو فعل غريب للداعية يكتشف أنصاره صدمة جديدة، الأمر الذي تكشفه كثير من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي.
اقرأ/ي أيضًا: بازار الفتاوى الدينية
إعلانات الكلباني والعريفي
في الـ17 من الشهر الجاري، نشر الداعية السعودي عادل الكلباني، مقطع فيديو على حسابه بتويتر، يدعو متابعيه لشرب شاي أخضر صيني. ويظهر الشيخ وهو لا يتذكر اسم المنتج ولا صاحبه، ويطالب محبيه بشراء وتجربة الشاي. وفور نشر الفيديو انتقد عدد من متابعي الشيخ الفيديو وسخر البعض الآخر منه.
ولكن الكلباني كان أكثر تماسكًا من عمرو خالد وخرج ليواجه منتقديه، وقال في لقاء تلفزيوني ردًا على الانتقادات التي وجهت له: "لماذا يفترض أن الداعية عنده الملايين من الريالات وفنادق؟"، مضيفًا: "من يملك الحق في تقييم تصرف الداعية حينما يقوم بالتسويق لمنتج ما، أن ذلك لائق أو غير لائق". وتابع: "الدعاة لديهم طلبات وعليهم التزامات والمقابل الذي يتقاضونه من الإعلان زهيد مقابل ما تتلقاه القنوات الفضائية، والمتلقي لهذا الإعلان غير متضرر".
سبق للداعيين السعوديين عادل الكلباني ومحمد العريفي، استغلال الدين في الترويج لمنتجات استهلاكية
والداعية السعودي المشهور محمد العريفي، كان أيضا نجمًا في الإعلانات. وفي منتصف 2017 نشر الداعية السعودي محمد العريفي على حسابه على تويتر إعلان لشركة الشعلان للأرز، باستغلال الدعوة للزكاة والصدقة، وهو ما عرضه لموجة انتقادات على إثرها حذف الصورة.
اقرأ/ي أيضًا: