حسم مانشستر سيتي صفقتين من العيار الثقيل مبكّرًا استعدادًا لمنافسات الموسم القادم، حيث ظفر الفريق الأزرق السماوي مطلع شهر أيار /مايو الماضي، بتوقيع المهاجم النرويجي الشاب ايرلنغ هالاند، الذي يعدّ أحد أفضل رؤوس الحربة في العالم اليوم، بعد أشهر من نجاح الفريق بالحصول على جوهرة ريفر بلايت جوليان ألفاريز، القنّاص صاحب المعدل التهديفي المخيف في الدوري الأرجنتيني، وبالتالي فإن المحللين يتشوقون لمعرفة الطريقة التي سيلعب بها بيب غوارديولا الموسم المقبل، مع تواجد هدّافين مرعبين في خط هجومه، بعد أن لعب الفريق معظم مباريات الموسم الحالي بدون أي مهاجم صريح.
بيب يعتمد أخيرًا على رؤوس الحربة التقليديين
خلال السنوات الست الماضية تحت قيادة بيب غوارديولا، اكتفى مانشستر سيتي بالتعاقد مع مهاجم صريح واحد فقط هو البرازيلي جابرييل خيسوس مهاجم بالميراس البرازيلي مقابل 27 مليون يورو في 2016، حيث فضّل بيب على الدوام التعاقد مع الأجنحة الهجومية كمحرز، نوليتو، توريس، وليروي ساني، مع الاعتماد في المقدمة على مهاجم وهمي يكون في الغالب لاعب وسط بالأساس، مثل غوندوغان وبرناردو سيلفا، يأتي من الخلف ويسجل بعيدًا عن المراقبة.
بعد انتهاء عقد الهدّاف التاريخي لمانشستر سيتي سيرجيو أغويرو، واتفاق الطرفين على عدم التجديد، بذلَ الفريق المستحيل مطلع العام الحالي للتعاقد مع هاري كاين هداف توتنهام والمنتخب الإنجليزي، حيث تحدثت التقارير عن عرض مقدّم بقيمة 150 مليون يورو، لكن إدارة النادي اللندني تمسّكت بنجمها بالرغم من أن اللاعب لمّح إلى رغبته باللعب مع السيتي.
بالمحصلة، وبعد رحيل أغويرو واستغناء الفريق عن خدمات فيران توريس وفشل صفقة كاين، لم يتبقَ سوى جابرييل خيسوس كمهاجم صريح، لكن مشاركاته القليلة خاصة في مرحلة الذهاب، والاعتماد عليه غالبًا في مركز الجناح الأيمن، حتّمت على الفريق لعب العدد الأكبر من مبارياته بدون مهاجم صريح.
غياب رأس الحربة التقليدي عن تشكيل السيتي أفقد الفريق العديد من الخصائص والميزات هجوميًا، وجعله يتعثّر في العديد من المباريات، كالخسارة من باريس سان جيرمان في دور المجموعات من دوري الأبطال، بالرغم من صناعة الفريق لعدد كبير من الفرص، كانت بحاجة للمسة هدّاف فقط لتحويلها داخل المرمى، وبالرغم من ذلك فإن اللعب بدون رأس حربة أكسب الفريق العديد من المزايا والمرونة التكتيكية، فكان اللاعبون يتبادلون الأدوار بشكل سريع ومباغت، ما يصعّب على دفاعات الفريق مراقبتهم، فتارةً تجد برناردو سيلفا في المقدمة، وطورًا يتحول الأجنحة محرز أو رحيم سترلينغ إلى رؤوس حربة، وتجد أحيانًا فيل فودين في مركز المهاجم الوهمي لشغل مدافعي الخصم وتشتيتهم، ما يتيح للقادمين من الخلف التواجد في وضعيات جيدة للتسجيل، ويكفي القول إن هدّاف الفريق بالدوري هذا العام كان صانع ألعابه كيفن دي بروين، بينما تصدّر الجناح رياض محرز لائحة هدافي الفريق على امتداد الموسم برصيد 24 هدفًا.
لاعبو السيتي سجلوا 146 هدفًا الموسم الماضي
في مباراة الفريق الأخيرة بالدوري، عاد السيتي من بعيد وقلب تأخره بهدفين وفاز بنتيجة 3-2 ليظفر ببطولة الدوري بعد صراع طويل مع ليفربول، الأهداف الثلاثة سجلها البديل غوندوغان (هدفان) ولاعب الارتكاز رودري، الأخير تطور هجوميًا بشكل واضح هذا الموسم، وسجّل سبعة أهداف، ما يعدّ رقمًا ممتازًا بالنسبة للاعب محور دفاعي.
من الناحية الكمية، لم تتأثر نجاعة السيتي هجوميًا بدون رأس حربة، حيث سجّل الفريق 146 هدفًا هذا الموسم، من بينها 99 هدفًا في الدوري كأقوى خط هجوم في المسابقة، وقد نجح 18 لاعبًا من الفريق بالتسجيل هذا الموسم، ومن بين اللاعبين الذين شاركوا أكثر من 300 دقيقة، فقط الظهير الأيسر زينشنكو هو من فشل بالتسجيل، ومع ذلك فإن الفريق احتاج في بعض المباريات الحاسمة، للمسة مهاجم هداف قادر على التسجيل من أشباه الفرص كما ذكرنا في الأعلى، ما يبرّر الحاجة إلى التوقيع مع هدافين من طينة هالاند وألفاريز.
بعد التوقيع مع الثنائي هالاند وألفاريز، يتبادر السؤال إلى أذهان محبي السيتيزينز، حول الطريقة التي سيلعب بها الفريق في الموسم المقبل، حيث بات بإمكان بيب استخدام رسم 4-4-2، مع تواجد الثنائي الجديد في المقدمة، ودي بروين في مركز صناعة اللعب، فيصبح فيل فودين أو غريليتش بمركز خط وسط أيسر، ورياض محرز أو برناردو في حال بقائهما كلاعبي وسط يمين، على أن يتولى المتألق رودري مهمة الارتكاز وحماية ظهر الفريق، مع أدوار هجومية إضافية للأظهرة كانسيلو ووالكر، لمدّ ثنائي الهجوم الرهيب بالعرضيات الأرضية والعالية، كما يمكن للفريق أن يلعب بالرسم 4-3-3 في حال قرر بيب عدم الاعتماد على ألفاريز ومنحه بعض الوقت للتأقلم مع الأجواء الأوروبية، فيتشكل خط الوسط عندها من الثلاثي الخبير رودري – غاندوغان وأمامهما دي بروين، على أن يتواجد فودين ورياض محرز على الأجنحة وبينهما هالاند.
من سيدفع ثمن وصول الثنائي هالاند – ألفاريز
التخمة باللاعبين ذوي النزعة الهجومية، ستحتم على الفريق الاستغناء عن البعض منهم، في مقدمهم جابرييل خيسوس المتواجد على رادار عدة أندية داخل إنجلترا وخارجها. الفريق لا يمانع أيضًا الاستغناء عن برناردو سيلفا المطلوب من قطبي الكرة الإسبانية، في حال حصل العرض المناسب. يقدّر بيب قيمة نجمه البرتغالي بـ 100 مليون يورو.
لاعبون آخرون قد يكونون ضحية الثورة الهجومية، كرحيم سترلينغ المطلوب في أرسنال وتشيلسي، ورياض محرز الذي ربما يفضّل البحث عن تجربة جديدة. الأجواء المتفائلة تعمّ ملعب الاتحاد والجماهير تأمل بتحقيق البريميير ليغ للمرة الثالثة تواليًا، لمعادلة إنجاز مانشستر يونايتد الذي حقّق هذا الأمر مرتين تحت قيادة السير أليكس فيرغسون، إلا أن الحلم الأكبر يتمثّل في فكّ نحس دوري الأبطال، وتحقيق اللقب الأغلى للمرة الأولى في تاريخ النادي، فهل ينجح بيب ورجاله بالأمر؟ الإجابة سنعرفها نهاية الموسم القادم.