15-نوفمبر-2024
ترامب

تهدّد سياسات دونالد ترامب استقرار العالم (رويترز)

يضيف وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة تعقيدات جديدة على الأوضاع الدولية التي تتسم أصلًا بعدم الاستقرار، وذلك بسبب الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا وصعود الاستبداد واليمين المتطرف في أكثر من مكان ودولة.

ومن المتوقع، حسب الخبراء، أن يُحدث ترامب في الأشهر القليلة المقبلة عاصفةً في السياسة العالمية، وذلك في خمس قضايا وملفات رئيسية، تبدأ بالاقتصاد العالمي مرورًا بتحديات الأمن الأوروبي ووصولًا إلى الصين والشرق الأوسط.

وكان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، المعروف بميوله الشعبوية، قد ألمح إلى ذلك مباشرةً بعد إعلان فوز ترامب، عندما كتب في حسابه على منصة "إكس" أن "العالم سيدخل حقبة جديدة". 

وفضلت مجلة "لوبوان" الفرنسية استخدام تعبير "الزلازل الجيوسياسية" للدلالة على الهزات التي ستشهدها أوروبا وشرق آسيا والشرق الأوسط، مع تدشين ترامب لولايته الرئاسية الثانية في 20 كانون الثاني/يناير المقبل.

توعد دونالد ترامب بشن حربٍ تجارية على الصين، وفرض رسوم كبيرة على الأصدقاء والأعداء معًا

ويكتسب ترامب القدرة على التأثير بهذا المستوى من إحساسه بأنه يمتلك تفويضًا مطلقًا للقيام بسياساته، بعد اكتساحه للانتخابات الرئاسية وسيطرة الحزب الجمهوري ـ الذي بات ترامبيًا أكثر من أي وقت مضى ـ على مجلسي النواب والشيوخ.

زلزال سيضرب الاقتصاد العالمي

أعلن ترامب بصريح العبارة أنه بصدد شنٍ حرب تجارية على الجميع بما في ذلك حلفاء واشنطن مثل الاتحاد الأوروبي، وإن كانت الصين هي المستهدف الرئيس بتلك الحرب. ويهدف ترامب من وراء الزلزال الاقتصادي الذي سيُحدثه إلى إعادة التصنيع بالقوة لأميركا عبر إقامة حواجز تجارية يفترض ترامب أنها ستجعل الولايات المتحدة هي الوجهة المفضلة للإنتاج، لا أوروبا أو الصين.

لكن ترامب يجازف من خلال تلويحه بفرض الرسوم الجمركية بنسبة تتراوح بين 10 إلى 60% على واردات جميع الدول بإدخال الاقتصاد الأميركي في حالة "ركود تضخمي"، في حال اتخذت أوروبا والصين إجراءات انتقامية ضمن سياسة الرد بالمثل، كما يجازف ترامب بإدخال أكبر اقتصاد في العالم في موجة غلاء غير مسبوقة في الأسعار، الأمر الذي سيؤثر بالضرورة على قدرة الأميركيين الشرائية.

تدفيع أوروبا ثمن دعمها هاريس

اصطف عدد من الزعماء الأوروبيين بشكلٍ صريح وراء هاريس، مثل المستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس حكومة العمال في بريطانيا كير ستارمر، والإسباني بيدرو سانشيز، ومن المنتظر أن تكون حكومات هذه الدول الأكثر عرضةً لخطر انتقام ترامب.

وسيجد الاتحاد الأوروبي نفسه في موقفٍ ضعيف في وجه ترامب، لأن أوروبا لم تحضر نفسها لسيناريو عودة ترامب، ولذلك لم تعزز قوة "حلف شمال الأطلسي"، ولم تبنِ استراتيجيةً لدعم صمود أوكرانيا في حال قرر ترامب ـ وهذا هو المتوقع ـ وقف الدعم المالي والعسكري لكييف. فضلًا عن ذلك، يعجز الأوروبيون حتى اللحظة عن اتباع سياسة خارجية مشتركة، ويظهر ذلك جليًا في تباين مواقفهم حول قضايا الشرق الأوسط.

تقوية موقف روسيا

كرر ترامب على مسمع الجميع أنه قادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا في غضون 24 ساعة فقط، ويدل مثل هذا التصريح، حسب أوساط أوروبية متعددة، أن ترامب مستعد لإبرام صفقة مع روسيا على حساب أوكرانيا والأمن الأوروبي، وذلك بالاعتراف لروسيا بضم بعض الأراضي الأوكرانية. وفي المقابل، ليس واضحًا بعد ما هي الضمانات الأمنية التي ستحصل عليها أوكرانيا من ترامب.

تهور الصين

تنظر أوساط في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين إلى فوز ترامب باعتباره مؤشرًا إضافيا يؤكد توقعاتهم بأن القوة الأميركية في انحدار، وقد يدفع ذلك بكين إلى تسريع استعداداتها لغزو تايوان وإرسال رسائل قوية إلى حلفاء واشنطن في المنطقة، مثل طوكيو وسيول ومانيلا.

وقد تجازف الصين بالمضي قدمًا في هذا المسار التصعيدي، خاصةً أن ترامب يُركز على الاستراتيجية الاقتصادية أكثر من تركيزه على القوة العسكرية. فحتى بالنسبة إلى تايوان، اكتفى بالقول في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال": "لن أحتاج إلى تهديد الصين باستخدام القوة العسكرية للدفاع عن تايوان، لأن الرئيس الصيني شي جين بينغ يحترمني، إنه يحترمني ويحترمني ويحترمني. فهو يعلم أنني مجنون".

الشرق الأوسط الجديد

ينوي دونالد ترامب إنهاء الحرب في غزة ولبنان، وذلك ليس من منطلق معارضته لجريمة الإبادة الجماعية، لكن من منطلق حرصه على استئناف اتفاقيات أبراهام وإكمال مشروع تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع عدة دول عربية.

لكن في المقابل، سيفتح ترامب النار على إيران ومشروعها النووي، وقد يجازف مع نتنياهو في ضرب منشآت إيران النووية، ما سيُدخل المنطقة في حربٍ إقليمية لا يمكن التنبؤ بتداعياتها.